ما يصر عليه المواطن الناضج المرن الذي يريد أن يستفيد الوطن من كل فرصة تتاح أمامه لإضافة مكتسبات وطنية جديدة من دون أن يركب رأسه ويكابر كما يكابر بعض السياسيين التقليديين (إما كل شيء وإما لا شيء) هو أن جلالة الملك أدخل البلاد في عصر إصلاحات استفاد منها المواطن بشكل حقيقي وإن لم تكتمل طموحه وكان يتمنى المزيد خلال هذه المرحلة خصوصا فيما يتعلق بالعملية الديمقراطية. ومع كل تلك النواقص إلا أن المثقف الواعي والناضج والمرن قال شكرا يا جلالة الملك ونحن بالانتظار وإذا كان قد وقفت بينه وبين استكمال طموحاته الكبيرة ظروف مرحلية إقليمية أو محلية، فالمواطن يعرف قائده الإصلاحي بأنه هو كذلك تواق لعمل الأكثر. غير أن مقاسات معينة ربما تفرضها جهات لا يمكن الاستغناء عن عطاءاتها ولا تتورع عن التلويح بما يسبب كارثة لمملكة صغيرة تعتمد كثيرا على هذا وذاك في تسيير موازنتها وسط قالب الثلج الذي يذوب بين الأيدي التي تحمله.
إن هذا الذي يأتي بعناصر بمقاسات معينة ويظن أن قيادتنا الإصلاحية تفرح بها أصبح أمرا مستهجنا حقا، وقيادتنا أكبر وأوعى من ان تفرح بعبارات إما معروفة سلفا وإما مرفوضة منطقيا.
أنا أود أن أعرف ماذا أضاف هؤلاء خلال لقاءاتهم؟ اعترفوا على سبيل المثال أن دور المرأة البحرينية في العمل السياسي إيجابي! هذا معروف من غير أن تأتي براءة الاختراع في القول منهم، وحين يقول برلماني منهم إنه التقى ببعض البحرينيين وهم سعداء فهل هذا يعني أنه التقى بكل الشعب ورآهم جميعا يبتسمون؟
وهل حين يشتمون اللورد آيبري مع كل تحفظاتنا على بعض ما قاله أخيرا يعني أنهم يجعلون القيادة السياسية الإصلاحية تُسَّر وتبتهج وتنتقم لها؟
وهل أتوا بجديد حين قالوا إن التجربة البحرينية قصيرة وإيجابية (طب محنا عارفين ياخي) ولم يأتوا بجديد، وحين يعتبرون الحرب على العراق ودكه بتلك القوة التدميرية التي تبلغ كلفة إعادة إعماره أكثر من 100 مليار دولار بأن الشعب البريطاني راض عن ذلك بينما طوني بلير يرتعد خوفا من رحيله أليس هذا كلاما فيه كذب ودجل على الواقع؟ أنا أدعو الذي يأتي بهؤلاء إلى أن يجلس مستريحا في مكانه في لندن ويؤدي عمله ولا داعي إلى تسويق أمور إما معروفة وإما غير منطقية وإما ممجوجة
العدد 415 - السبت 25 أكتوبر 2003م الموافق 28 شعبان 1424هـ