العدد 414 - الجمعة 24 أكتوبر 2003م الموافق 27 شعبان 1424هـ

التنمية البشرية في البحرين في ضوء برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (2-2)

حسين محمد المهدي comments [at] alwasatnews.com

إقتصادي بحريني

تهدف الورقة الى تسليط الضوء على التنمية البشرية في مملكة البحرين من واقع تقارير برنامج الامم المتحدة الانمائي من خلال خمسة محاور رئيسية. الاول مدخل الموضوع ويتناول اهمية التنمية البشرية عموما والتدريب وتنمية الموارد البشرية كونه واحدا من عناصر الانتاج الى جانب رأس المال والأرض وصاحب العمل والتكنولوجيا وتقنية المعلومات. والثاني يعرض التنمية البشرية من الناحية الاقتصادية، والرابع يعالج البعد الاجتماعي للتنمية البشرية، والثالث يناقش الجانب الانساني للتنمية، ويعرض المحور الخامس والاخير المستقبل وتحدياته.

ولعلنا هنا نحتاج الى ان نبدي بعض الملاحظات والمحاذير في استخدام بعض من اهم المؤشرات المتبناة من قبل برنامج الامم المتحدة الانمائي لقياس الارقام القياسية للتنمية البشرية والواردة في دليل التنمية البشرية للعام 1997، وهذه المؤشرات الثلاثة هي: الاول: نصيب الدخل الفردي من الناتج المحلي الاجمالي، والثاني: توقعات العمر عند الولادة، والثالث: معدل معرفة القراءة والكتابة بين البالغين، ومعدل سنوات الدراسة بالمدارس. اما المحاذير فهي:

- يرى البعض ان مفهوم التنمية البشرية «اعمق» و«اكثر شمولية» و«اغنى» من مجرد كونه «ادوات ووحدات قياس»، وان هذه الادوات في طور النمو والتطوير. وعليه فإن على المتعاملين مع هذه المؤشرات ان يكونوا حذرين لطبيعة وميزات الادوات المستعملة، وأهميتها، والصعوبات التي تواجه الباحثين في مهماتهم لقياس ظواهر التنمية وعدم كفاءة وعدم ملاءمة طرق القياس. هذه الاسباب هي ما جعلت الكثير يتردد من التوصية باستخدام هذه المؤشرات بصورة مسلم بها دون تقييمها نقديا وتمحيص جدواها في قياس التنمية البشرية.

- فعلى سبيل المثال، فإن متوسط العمر المتوقع عند الولادة كمؤشر صحي وديموغرافي، فإنه استُقبل «كأحسن» مؤشر للتنمية الاجتماعية والاقتصادية. ففي حال البحرين، كما يفيدنا في ذلك «تقرير برنامج الامم المتحدة الانمائي عن التنمية البشرية في البحرين» والصادر باللغة الانجليزية في العام 1989، فإنها قد حققت «انجازا ضخما» في تعزيز العمر المتوقع، ما اوصل متوسطه الى 75 سنة للنساء و73 سنة للجنسين، والذي يقارب نسبيا تلك المتوسطات السائدة في الدول الصناعية والبالغة 80 عاما. وعند هذه الحدود، فلعل من الاهمية بمكان الاشادة بجهود الدولة في هذا المجال، في الوقت الذي يجب التجاوب مع السؤال الذي يطرح نفسه، وهو: هل يصل متوسط عمر المواطنين البحرينيين الى هذا العمر المتقدم من دون اية امراض نفسية وعضوية؟ وهل يعني العمر الطويل بالضرورة حياة غنية بالانتاجية والعطاء بما يحقق مصالح المجتمع البحريني والفرد نفسه؟

- ولو تناولنا مؤشرا آخر في حقل التعليم، «كمتوسط السنوات التي يقضيها الفرد في التعلم» او «معدل محو الامية»، فهل هذه المقاييس الحسابية تعبر بكل ثقة وصدقية عن مستوى «النوعية» في مستوى الامية فيما بين افراد المجتمع الواحد وفيما بين الدول؟ وهل تبعا لذلك نستطيع ان نعقد المقارنات الدقيقة والامينة بينهم؟ هذا يقودنا الى تساؤل آخر عن جدوى الانجازات في مجال التقدم في القطاع التعليمي، وهو: هل كان لهذا التقدم العلمي اثر ايجابي مباشر اوغير مباشر على التنمية الاجتماعية والاقتصادية في البحرين؟ اضافة الى هذا التساؤل، هناك استفسار آخر وهو: ما هي اسباب المشكلات والصعوبات التي يواجهها سوق العمل وهيكلية القوى العاملة في البحرين والتناقضات التي يشعر بها الجميع ما بين معدلات التنمية المرتفعة ومعدلات البطالة المتزايدة؟ على سبيل المثال لا الحصر. وهل هذا يعود الى طبيعة الخدمات التعليمية ومدى تعبيرها عن احتياجات المجتمع؟ ومدى ملاءمة مخرجات التعليم لمتطلبات سوق العمل ونمو الاقتصاد المحلي وانشطته؟

- حتى ان بعض المقاييس المعروفة جيدا والمستخدمة على نطاق واسع، فإنها ليست خالية من المشكلات والنقص، وكمؤشرات اقتصادية، مثل معدلات النمو في نصيب دخل الفرد من الناتج المحلي الاجمالي، اومستويات انتاجية العامل، والتي تعتبر من افضل المؤشرات لقياس الاداء الاقتصادي المحلي. لكن هذه المؤشرات فشلت في شرح حجم الجهود او المعرفة التي استخدمات فعليا لتحقيق جرعات من النمو الاقتصادي! فعلى سبيل المثال فإن «انتاجية العامل» ليست نتاج القوى العاملة المشغلة بشكل مباشر في مختلف القطاعات والانشطة الاقتصادية فقط -لان هذا امر سهل قياسه، اي مخرجات العامل كمؤشر للانتاجية- لكن لكي يكون مؤشر الانتاجية صادقا، فيجب ان نأخذ في الحسبان مختلف العناصر الاخرى كالجهد العقلي اوالاكاديمي والاشرافي والاداري وتصميم العمل وبيئة العمل وشروطه وما الى ذلك من عوامل تنعكس سلبا اوايجابا على انتاجية العامل.

الجانب الاقتصادي للتنمية البشرية

مع اخذ طبيعة الملاحظات والمحاذير المشار اليها في نهاية القسم الاول في الاعتبار، نتناول في الأقسام: الثاني والثالث والرابع الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والانسانية للتنمية البشرية تباعا. إذ ننظر هنا في اهمية الجانب الاقتصادي والمتصل بالدور الذي يلعبه الاقتصاد في التنمية البشرية. وتم اختيار مجموعة من سبعة مؤشرات. وأول هذه المؤشرات هو هيكلية الاقتصاد الكلي من حيث الناتج المحلي الاجمالي للدولة ببلايين الدولارات الاميركية ونسبة نصيب القطاعات الزراعية والصناعية والخدمية في الدخل المحلي الاجمالي والاستهلاك الخاص والحكومي اضافة الى الاستثمار المحلي الاجمالي كنسبة من الناتج المحلي الاجمالي (في المئة) والمدخرات المحلية الاجمالية كنسبة من الناتج المحلي الاجمالي ( في المئة) والايرادات الضريبية والمصروفات الحكومية، واخيرا الفائض اوالعجز في الموازنة العامة. ثانيهما مؤشر العام للدخل منظور اليه من خلال نصيب الفرد من الناتج المحلي الاجمالي حسب تعادل القوة الشرائية (دولار). بعده يأتي المؤشر الثالث وهو تركيبة القوة العاملة ومشاركة المرأة البحرينية في قوة العمل البحرينية. اما المؤشر الرابع فيستعرض الانفاق على الدفاع كنسبة من الناتج المحلي الاجمالي (في المئة)، الخامس فهو معدل التضخم السنوي (في المئة)، السادس نسبة الاعالة (في المئة) واخيرا فان المؤشر السابع فهو المعدل السنوي لنمو السكان (في المئة).

المؤشر الاول: هيكلية الاقتصاد الكلي: تفيد هيكلية الاقتصاد الكلي مقوما بالدولار في البحرين مساهمة استهلاك القطاع الخاص والافراد بصورة فاقت ضعفي الاستهلاك الحكومي مما يعزز التنمية البشرية من حيث بعدها الاقتصادي، ولكن ما اضعف نسبيا مركز البحرين في تقرير 1998 للعام 1997 هو انخفاض اجمالي الاستثمار المحلي كنسبة من الدخل الاجمالي لم تتعد 5 في المئة، مقارنة بنسبة 35 في المئة في المملكة العربية السعودية ومعدل عالمي 24 في المئة.

المؤشر الثاني: نصيب الفرد من الدخل: يعتبر مؤشر نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي كأحد المؤشرات الاكثر كفاءة في عكس مستوى الجانب الاقتصادي. ويشير ذلك إلى حسن اختيار هذا المؤشر كمؤشر لدليل التنمية لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي. ويرتبط مؤشر نمو السكان ارتباطا قويا وسالبا بالاتجاه العام للمؤشرات المنتقاة على مستوى دول العالم جميعا. إلا أنه لم تلاحظ العلاقة نفسها على مستوى الدول العربية ما يؤكد أن المؤشر ذاته قد يصلح لمجموعة من الدول ولا يصلح لغيرها.

المؤشر الثالث: مشاركة المرأة في قوة العمل: بخصوص مؤشر مشاركة المرأة في قوة العمل في البحرين يتبين لنا انه منذ العام 1959 حتى 2001 استطاعت المرأة ان تحقق معدل مشاركة مرتفعا بلغت نسبته 26 في المئة مقارنة بنحو 3 في المئة خلال الفترة موضع الدراسة، عاكسة بذلك نجاح عملية التنمية الاجتماعية والبشرية التي ترتبت على بدء عملية تعليم المرأة والذي ظهر لاول مرة وبشكل نظامي مع افتتاح اول مدرسة للبنات في عشرينات القرن الماضي.

المؤشر الرابع: الانفاق العسكري: يلاحظ ان الانفاق على الدفاع كنسبة من الناتج المحلي الاجمالي في البحرين قد حافظ على معدلات مستقرة في حدود 5 في المئة خلال الخمس عشرة سنة الماضية، مقارنة بمستويات متفاوتة على النطاق الخليجي بلغت في الكويت قرابة نصف الناتج المحلي في العام 1990 لظروف الغزو العراقي له. عمان ايضا كانت لها معدلات مرتفعة ايضا، مع ملاحظة ان المستويات العالمية لم تتعد 4 في المئة.

المؤشر الخامس: النمو في معدل التضخم السنوي: يتبين لنا من البيانات المتوافرة ان البحرين شهدت معدلات تضخم مرتفعة نسبيا منذ ستينات الى منتصف تسعينات القرن الماضي عند مستوى 3 في المئة، ما عكس ارتفاع الاسعار الذي سجل في البحرين لاسباب اقليمية اكثر منها محلية، لعل في مقدمتها حرب الايام الستة في العام 1967 وحرب اكتوبر في سنة 1973، وما ترتب عليه من ارتفاع اسعار النفط بشكل لم يسبق له مثيل في التاريخ، ما دفع بدوره الرواتب الى الصعود بمستويات كبيرة وبالتالي الاسعار. الا انه ومع تدهور اسعار النفط بل وتذبذبها تدنت معدلات النمو السنوي للتضخم منذ العام 1999 حتى الوقت الحاضر عند نحو 1 في المئة فقط، مترجمة البدء في تطبيق برامج الاصلاح الهيكلي للاقتصاد الوطني من خلال الخصخصة وتنويع مصادر الدخل. وتعتبر هذه المستويات المنخفضة نقطة تحسب لصالح الادارة الاقتصادية في البحرين اذا ما قارناها بمعدلات بعض دول المجلس من ناحية ومعدلات العالم من ناحية اخرى.

المؤشر السادس: معدل الاعالة: يظهر هذا المعدل ان البحرين تتمتع بمعدلات اعالة معتدلة عند مستوى 51 في المئة، مما يعكس الصغر النسبي لعدد افراد العائلة الذين يعتمدون على رب الاسرة في تسيير امور حياتهم وان كانت الامارات اقل، الا ان باقي دول المجلس تراوحت معدلاتها مابين مرتفع جدا في قطر وعمان عند نحو94 في المئة و91 في المئة على التوالي، ومعدل عربي في حدود 74 في المئة وعالمي 59 في المئة. وتفيد البيانات المتوافرة الى تحسن الوضع بصورة مطردة خلال الاثني عشر عاما المقبلة ليصل معدل الاعالة في البحرين الى اقل مستوى له على الاطلاق بحسب المقارنات المحلية والاقليمية والعربية والعالمية، ما يظهر نجاح خطط تخفيض حجم الاسرة لدينا نتيجة لتدني نسب النمو السنوية للسكان كما سنرى في مؤشر المعدل السنوي لنمو السكان.

المؤشر السابع: المعدل السنوي لنمو السكان: كما اشرنا اليه في المؤشر المتعلق بمعدل الاعالة في البحرين والذي خلصنا الى انه معتدل في الوقت الحاضر وسيصبح منخفضا مع العام 2015، ومن الاسباب التي سقناها هوالانخفاض النسبي للمعدل السنوي لنمو السكان والذي قدر بـ 3,6 في المئة للفترة 1975-2002 والمتوقع ان يهبط الى 1,9 للفترة 2001-2015، والذي يعزى بشكل مباشر الى انتشار التعليم وارتفاع معدلات الصحة والعناية الصحية في البحرين، ويبدو الامر جليا عند عقدنا المقارنة مع باقي دول المجلس، باستثناء الكويت والتي تراوحت معدلات نمو السكان لديها من 4,1 في المئة في عمان الى قرابة 7 في المئة في الامارات. لكنه يعتبر معدلا مرتفعا نسبيا بالمقارنة مع المستويات العالمية والتي لم تتعد اكثر من واحد في المئة بقليل للفترة 1975-2002.

الجانب الاجتماعي للتنمية البشرية

يهتم هذا الجانب بقطاعات التعليم والصحة والاتصالات والمستوطنات البشرية والنواحي الاجتماعية الأخرى ذات الصلة بالتنمية البشرية. والمؤشرات المختارة لهذا الجانب اما تعكس الاوضاع الفعلية للسكان في مجالاته أوتعكس كميات ونوعيات الخدمات لتلك المجالات. وقد قمنا هنا باستخدام اثني عشر مؤشرا متوافرا. خمسة منها خاص بالقطاعات الصحية، إذ يتناول المؤشر الاول العمر المتوقع عند الولادة بالسنوات، والثاني معدل وفيات الرضع لكل 1000 ولادة حية، اما المؤشر الثالث والرابع فيتعلقان بالاطفال البالغين من العمر سنة المحصنين ضد السل والحصبة. والخامس معدل السكان مقابل كل طبيب. وهناك مؤشران يتعلقان بالقطاع التعليمي، وهما: المؤشر السادس والسابع ويغطيان معدل معرفة القراءة والكتابة بين البالغين، ونسبة القيد الاجمالية في مراحل التعليم الاولية والثانوية والعالية معا. وثلاثة مؤشرات، خاصة بقطاعات الطاقة والموارد ومدى الاساءة للبيئة من خلال المؤشر الثامن والمتعلق باستخدام الطاقة، والتاسع المختص بالاختلال في استخدام الموارد، والعاشر وهومؤشرات الاساءة للبيئة. واخيرا فان هناك المؤشر الحادي عشر الخاص بمدى توفر الاتصالات من خلال خطوط الهاتف (العدد لكل 1000 من السكان)، والمؤشر الثاني عشر هوالسكان الحضر كنسبة من المجموع.

المؤشر الاول: العمر المتوقع عند الولادة: كما يشير تقرير التنمية البشرية الخاص بالبحرين لعام 1998، فان متوسط العمر المتوقع عند الولادة كمؤشر صحي وديموغرافي، فانه يعتبر من احسن المؤشرات المترجمة عن التنمية الاجتماعية والاقتصادية في البحرين حيث حققت «انجازا ضخما» في تعزيز العمر المتوقع، ما اوصل متوسطه الى 75 سنة للنساء و73 سنة للجنسين، والذي يقارب نسبيا تلك المتوسطات السائدة في الدول الصناعية والبالغة 80 عاما. وعند هذه الحدود، فلعل من الاهمية بمكان الاشادة بجهود الدولة في هذا المجال، في الوقت الذي يجب التجاوب مع الاسئلة المتعلقة بنوعية الحياة ومتغيراتها. وارتفع حسب تقرير 2003 الى 73,7 عاما في البحرين، وعلى رغم ان هذا المؤشر مرتفع نسبي في وضع البحرين مقارنة بالمستوى العالمي، الا ان هناك دولتين في الخليج قد تقدمتا على البحرين وهما الكويت والامارات عند مستويات 76,3 و74,4 عاما للدولتين على التوالي. المؤشر الثاني: معدل وفيات الرضع: تبين معدلات وفيات الرضع لكل الف ولادة حية الى تحسنها خلال الفترة 1993 حتى 2003 من 18 الى قاربة 7 حالات وهي نسب متقدمة على جميع الدول الخليجية، وبفارق كبير جدا على المستوى العربي والعالمي والتي وصلت نسبها 65 حالة و81 في العام 2001 على التوالي.

المؤشر الثالث: الاطفال البالغون من العمر سنة المحصنون ضد السل: لاتوجد معلومات عن هذا المؤشر وان افادت البيانات المتوافرة للفترة 1997-1999 بان معدل الاطفال في هذه الشريحة والمحصنين ضد السل لم تتجاوز 72 في المئة، بالمقارنة بمستويات تراوحت مابين 98 في المئة و99 في المئة في باقي دول المجلس، ووصلت عربيا وعالميا عند مستويات مرتفعة نسبيا بلغت 85 في المئة و79 في المئة على التوالي. ولعل تفسيرنا لعدم وجود بيانات في تقرير الامم المتحدة للعام 2003، ربما يعود الى ان البحرين قد قضت نهائيا على هذا المرض الى درجة وصلت لانتفاء الحاجة للتأكد منه ومراجعته.

المؤشر الرابع: الاطفال البالغون من العمر سنة المحصنون ضد الحصبة: عكس مؤشر التحصين ضد السل، فقد بينت البيانات الحديثة ان التحصين ضد الحصبة في البحرين وصل الى مستويات عالية جدا شارفت على 100 في المئة حالها حال معظم دول مجلس التعاون باستثناء قطر والذي بلغ معدلها 92 في المئة والامارات 94 في المئة، في حين كان في العالم العربي 84 في المئة، وان انخفض بقرابة 16 نقطة مئوية في العالم مقارنة بالبحرين.

المؤشر الخامس: عدد السكان مقابل كل طبيب: استطاعت البحرين ان تخفض عدد السكان مقابل كل طبيب خلال 14 عاما من 775 نسمة الى 169 للفترة 1991 الى 2002، مسجلة بذلك نموا غير مسبوق عالميا. خليجيا الامارات قللت العدد من 1042 فردا للطبيب الى 277 وكذلك السعودية من نحوسبعمئة الى 153 للفترة اعلاه.

المؤشر السادس: معدل معرفة القراءة والكتابة بين البالغين: بخصوص النواحي التعليمية فان البحرين تمتعت باعلى معدل على الاطلاق اقليميا وعربيا للبالغين الذين يعرفون القراءة والكتابة حسب مقاييس الامم المتحدة اذ بلغ المعدل 87,9 في تقرير 2003 بالمقارنة بـ 84,1 في 1996، خليجيا كانت عمان الادنى، بينما بلغ المعدل العربي نحو61 في المئة.

المؤشر السابع: نسبة القيد الاجمالية في مراحل التعليم الاولية والثانوية والعالية معا: اجمالي قيد الطلبة والطالبات في جميع مراحل التعليم الاولية والثانوية والعالية كان الاعلى ايضا في حال البحرين خليجيا واقليميا وعربيا وعالميا عند مستوى 81 في المئة و66,7 في المئة و60 في المئة و64 في المئة على التوالي لتقرير العام 2003 لسنة 2001.

المؤشر الثامن: مؤشرات استخدام الطاقة: الزيادة في الاستهلاك الفردي في البحرين من الكهرباء بالكيلووات في الساعة كانت من بين الاقل خليجيا، إذ بلغت 84 في المئة من 4784 في العام 1980 الى 8800 في سنة 1996 بارتفاع 4016، مقارنة بعمان إذ كانت الاعلى على الاطلاق بزيادة أكثر من 3,6 ضعفا خلال 16 عاما، من 847 في العام 1980 الى 3901 في سنة 1996 بارتفاع بلغ 3054، وبلغت نسبته نحوقرابة 361 في المئة، 1980 الى 8800 في سنة 1996 بارتفاع 4016، وبالمقارنة على المستوى الخليجي فنجد ان الاستهلاك الفردي في السعودية قد نما بقرابة 180 في المئة وفي الكويت بأكثر من 124 في المئة خلال الفترة نفسها.

المؤشر التاسع: الاختلال في استخدام الموارد: نلاحظ في البحرين ان الانفاق الحكومي على التعليم كنسبة من الناتج المحلي الاجمالي قد اقتطع بـ 1,3 نقطة مئوية خلال عشر سنوات من 4,1 في المئة في العام 1985 الى 2,8 في المئة العام 1995، وكان هذا الاتجاه هوالسائد خليجيا بشكل واضح وصريح وعالميا بشكل طفيف جدا. والعكس هوالصحيح تقريبا فيما يتعلق بالانفاق العسكري كنسبة مئوية من الناتج المحلي الاجمالي والذي ظل مستقرا في حال البحرين خلال ثماني سنوات من 1988 الى 1996 عند نحو5,5 في المئة، في الوقت الذي ارتفعت فيه هذه المصروفات في الكويت والسعودية وانخفضت في الامارات وعمان ولم تتوافر المعلومات المناسبة عن قطر.

المؤشر العاشر: الاساءة للبيئة: من التحديات التي تحتاج الى المزيد من العناية والاهتمام من قبل المهتمين بالتنمية الاجتماعية والاقتصادية في البحرين هي العمل على تقليص ما اسميها «الفجوة البيئية» كما هي مشار اليها في مؤشرات الاساءة للبيئة والتي تبين ان التعامل غير الملائم مع البيئة قد يعرضنا الى صعوبات لايمكن لاحد التنبأ بتداعياتها على افراد المجتمع حاليا وابنائنا من الاجيال القادمة، فلونظرنا الى معدل السحب السنوي من الماء الصالح للشرب كنسبة من مصادر المياه للفترة 1987 - 1995 ومعدل نصيب الفرد منها خلال عام 1998 مقوما بالامتار المكعبة كان الاعلى في البحرين على جميع المستويات والمناطق، باستثناء الكويت، إذ بلغ في البحرين اكثر من 1405 و954 على التوالي في حين لم يتعد 709 و1003 للسعودية على التوالي.

المؤشر الحادي عشر: مؤشرات خطوط الهاتف الثابت والنقال: مؤشرات المعلوماتية تضعنا في المرتبة الثانية بعد الامارات وبمركز متقدم على المستويين العالمي والعربي من حيث عدد مستخدمي الانترنت والهاتف النقال.

المؤشر الثاني عشر: السكان الحضر كنسبة من المجموع: وفيما يأتي أهم النقاط التي يمكن استخلاصها بالنسبة إلى الجانب الاجتماعي للتنمية البشرية على المستويات الخليجية والعربية، فعلى مستوى الدول العربية، تأتي البحرين في المرتبة الاولى في تقرير 2003، وقطر في المرتبة الثانية ثم الكويت ثم دولة الإمارات العربية المتحدة. وأدنى الدول العربية مستوى في الجانب الاجتماعي هي موريتانيا وجيبوتي والصومال. كما واقيمت معاملات الارتباط للمؤشرات المنتقاة للجانب الاجتماعي أعلى بوجه عام من القيم المقابلة للجانبين الاقتصادي والإنساني. ويشير ذلك إلى وجود علاقة وثيقة بين مؤشرات الجانب الاجتماعي، وبدرجة أعلى مما عليه الحال بالنسبة إلى مؤشرات كل من الجانبين الاقتصادي والإنساني. كذلك فان مؤشرات الصحة والتعليم الثلاثة لدليل التنمية البشرية لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وهي مؤشر العمر المتوقع عند الولادة ومؤشر معرفة القراءاة والكتابة لدى البالغين ومؤشر نسبة القيد الإجمالية في مراحل التعليم الأولية والثانوية والعالية معا، جميعها ضمن المؤشرات المنتقاة للجانب الاجتماعي.

الجانب الإنساني للتنمية البشرية

يختص هذا الجانب بحقوق الأفراد الشخصية والاجتماعية والسياسية وحقوق الإنسان الأخرى التي لا تدخل ضمن الجانبين الاقتصادي والاجتماعي. ويدور هذا الجانب بشكل رئيسي بالسلوكيات والقواعد وبأبعاد غير مادية أخرى تخص الأفراد وفئات السكان والمؤسسات. ومن هنا واجهت محاولات تحديد مؤشرات كمية تعكس وضع هذا الجانب صعوبات وتعقيدات تفوق إلى حد بعيد ما تمت مواجهته بالنسبة إلى الجانبين الاقتصادي والاجتماعي واللذين يعنيان بشكل رئيسي بالنواحي المادية المتعلقة بالاستهلاك والخدمات الاجتماعية. وتم استخدام مجموعة من المؤشرات لتغطية هذا الجانب في مجال المرأة من حيث مشاركة المرأة في الانشطة الاقتصادية ونصيب المرأة من الناتج المحلي الاجمالي بحسب تعادل القوة الشرائية مقارنة بالرجل، اضافة الى مؤشرات تمكين المرأة من التنمية GDI، وتناولين الترتيب في مقياس التمكين للمرأة والعمر المتوقع لها ومعدل الامية بين النساء ونسبة القيد في مراحل التعليم المختلفة واخيرا الفرق بين مقياس التنمية البشرية ومقياس التمكين.

وهنالك، الكثير من المؤشرات المهمة لقياس الجانب الانساني للتنمية البشرية، ولكن لم تتوافر لنا المعلومات عنها، وهي مجال عدالة التوزيع والفقر، ومجال الاستقرار والسلم، ومجال الإطلاع على المعلومات ومؤشر الاستقرار والسلم ومؤشر يعبر عن درجة الشفافية وتساوي قيمته لدولة معينة نسبة المؤشرات والأدلة المنشورة عنها ضمن تقارير التنمية البشرية.

بالإضافة الى الكثير من المجالات المهمة التي تعذر إيجاد مؤشرات كمية ملائمة لها، ايضا ومن أهمها مجال الحقوق السياسية للافراد ومجال التماسك العائلي والاجتماعي والمجالات التي تتعلق بسلامة البيئة وبوضع الاقليات والفئات المهمشة (غير المرأة) وبالضمان ضد البطالة والكوارث وبكيفية استخدام الوقت وبحرية الاختيار للأفراد وحق التمتع بحياتهم الخاصة بما في ذلك ما يتعلق بتكوين الأسرة ومحل الإقامة والسفر والملكية والحصول على الجنسية والعمل.

ويتضح مما سبق أن المؤشرين الاثنين المختارين لتمثيل الجانب الإنساني لا يعكسان وضع ذلك الجانب إلى بشكل جزئي. وعليه ولما كان بعض تلك المؤشرات تشوبه نواحي قصور كثيرة فإنه ينبغي النظر إلى دليل الجانب الإنساني بشيء من التحفظ باعتباره يمثل محاولة أولية تحتاج إلى المزيد من الجهد والتطوير مستقبلا. وهذان المؤشران هما، المؤشر الاول: مشاركة المرأة في الانشطة الاقتصادية و نصيبها من الناتج المحلي، والمؤشر الثاني: مؤشرات تمكين المرأة من التنمية.

وفيما يأتي أهم النقاط التي يمكن استخلاصها بالنسبة إلى الجانب الإنساني للتنمية البشرية بحسب تقرير1997. اولا، ان افضل الدول العربية ترتيبا ضمن دول العالم جميعا هي تونس ثم مصر ثم المغرب. وتقع عشر من الدول العربية 19 في مستويات منخفضة متقاربة. ويعزى ذلك إلى ظروف خاصة عانت منها معظم تلك الدول خلال السنوات الأولى من عقد التسعينات وساهمت فيها ثلاثة عوامل رئيسية هي أزمة الخليج التي تفجرت العام 1990، والصراع العربي الإسرائيلي، والحروب الداخلية والصراعات المسلحة التي عانى منها وخصوصا لبنان والصومال واليمن والسودان والعراق والمغرب والجزائر ومصر. غير أن تلك الظروف زالت أو خفت آثارها بشكل محسوس بالنسبة إلى غالبية تلك الدول. ولهذا السبب وحيث إن دولا غير عربية كثيرة من ضمنها بعض من دول افريقيا ومن الدول الاشتراكية سابقا عانت في السنوات الاخيرة من ظروف خاصة أثرت سلبيا على الجانب الانساني فيها، فإنه يتوقع أن تكون مراتب الدول العربية عموما قد تحسنت ضمن مراتب دول العالم في الجانب الإنساني.

ثانيا: هناك عوامل اخرى تسهم في تخفيض مستوى الجانب الانساني في بعض الدول العربية ولكنه تعذر شمول مؤشرات عنها. وأهم هذه العوامل ما يتعلق بالحرية الانسانية والسياسة وممارسة الديمقراطية. إلا انه، من ناحية أخرى، هناك مجالات أخرى للجانب المذكور تحظى الدول العربية بمراتب إيجابية متقدمة فيها مقارنة بدول أخرى كالتماسك الاهلي والاجتماعي والجريمة والمخدرات والتلوث البيئي.

ثالثا: يلاحظ أن الارقام القياسية للجانب الانساني للدول العربية المشمولة هي عموما اقرب إلى بعضها بعضا من الأرقام القياسية المناظرة للجانبين الاقتصادي والاجتماعي ما يصعب معه ترتيب تلك الدول بدقة حسب مستوى ذلك الجانب فيها. ويرجع ذلك إلى أن مؤشرات الجانب الانساني تتصف بدرجة عالية من التباين في مستوياتها بالنسبة إلى الدولة ذاتها مقارنة بمؤشرات الجانبين الاقتصادي والاجتماعي ما يؤدي إلى أن تختزل قيم المؤشرات المنتقاة تأثير بعضها بعضا. ويؤكد ذلك الحاجة إلى حساب أدلة فرعية على مستوى كل واحد من تلك المجالات ليتسنى اجراء مقارانات واستخلاص استنتاجات أكثر تحديدا وفائدة. بل أن الحاجة قد تدعو إلى معاملة بعض مجالات الجانب الإنساني باعتبار أن كل واحد منها يمثل جانبا منفصلا بحد ذاته إذا ما توافرت البيانات الكافية لتحقيق ذلك.

المستقبل وتحدياته

في هذا المحور نستعرض باختصار شديد التحديات التي تواجه الجهود المبذولة من اجل تحقيق معدلات تنمية مرتفعة على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والانسانية والتي قد تؤدي الى فقدان بعض من الجوانب المهمة من حيث النتائج الايجابية التي تمخضت عنها التنمية في البحرين خلال الثمانين سنة الماضية حتى وقتنا الحاضر. وعلى رأس هذه التحديات: البطالة، والحاجة الماسة الى توزيع عادل للثروة، وتضييق الفجوة بين الجنسين، وردم الفجوة في الدخل، والتخفيف من الاعتماد على مصدر وحيد وناضب للدخل القومي وهو النفط، والعمل على التقليل من جلب الايدي العاملة الوافدة وارجاع غير المؤهلة منها الى بلادها الاصلية، التدريب وتنمية الموارد البشرية، واهمية الحوار الاجتماعي البناء من خلال اعطاء دور اكبر لمؤسسات المجتمع المدني، وغيرها من المتغيرات ذات العلاقة.

رئيس لجنة التدريب وتنمية الموارد البشرية. والمقال ورقة قدمت في ندوة «التنمية البشرية والاستقرار الوظيفي» في غرفة تجارة وصناعة البحرين بتاريخ 9/10/200

العدد 414 - الجمعة 24 أكتوبر 2003م الموافق 27 شعبان 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً