العدد 414 - الجمعة 24 أكتوبر 2003م الموافق 27 شعبان 1424هـ

بوش... وجولة آسيا

وليد نويهض walid.noueihed [at] alwasatnews.com

كاتب ومفكر عربي لبناني

أنهى الرئيس الأميركي جورج بوش جولته الآسيوية التي زار خلالها ثمانية بلدان في عشرة أيام. كانت ملفات الجولة كثيرة منها ما هو العام المشترك ومنها ما هو الخاص المحدد وكلها تركزت على ثلاث نقاط رئيسية، شملت العلاقات الاقتصادية (التجارية)، والعلاقات السياسية (الدبلوماسية)، وأخيرا العلاقات الثقافية التبادلية.

هذه العناوين العامة أخفت سلسلة تفصيلات أعلن بعضها مثل التعاون لمكافحة الارهاب ولم يتردد بوش في تحديد هدفه وهو «الارهاب الاسلامي»، كما أشار مرارا في خطبه ومؤتمراته الصحافية. كذلك التعاون لاحتواء الملف النووي وتحديدا برنامج كوريا الشمالية التسليحي وخصوصا المتعلق منه بتطوير الصواريخ العابرة للقارات التي يصل مداها إلى اليابان والساحل الشرقي للولايات المتحدة. اضافة الى ملف العلاقات القارية (الآسيوية) ومستقبل جزيرة تايوان (الصين الوطنية) ونمو طموحات الصين كقوة مركزية في المحيطين الباسيفيكي والهندي.

زيارة بوش كانت أقل من عادية ولكنها أيضا أرسلت اشارات الى وجود مخاوف من قيام تكتلات اقليمية اقتصادية - سياسية قادرة في المستقبل القريب على منافسة الصناعات الأميركية ومضاربة المصالح التجارية في تلك الدائرة الحيوية في العالم. فالصين التي حققت سلسلة قفزات في نموها الاقتصادي يتوقع أن تصبح قوة عظمى تساوي وحدها الولايات المتحدة في العام 2024.

وروسيا التي تراجعت بعد انهيار الاتحاد السوفياتي بدأت تستعيد نفوذها وأخذت تنظم خطوات تقدمها في محيط آسيا الوسطى بعد أن فشلت واشنطن في تحقيق انجازات في تلك المنطقة وانكشفت وعودها على سلسلة جبال من الأكاذيب. والهند بعد انكفاء تاريخي في دائرة محيطها الجغرافي دخلت حديثا عصر التكنولوجيا والتقنيات وبدأت تشق طريقها المستقل وسط منافسات قوية في دول محيطها. والنمور الآسيوية (الدول السبع) أصيبت بالذعر بسبب انهيار أسواقها في تسعينات القرن الماضي ولكنها لاتزال تملك بنى تحتية تساعدها - في حال استفاقت من غيبوبتها المؤقتة - على النهوض مجددا من دون حاجة الى مساعدة السوق الأميركية.

عاد بوش الى واشنطن بعد جولة آسيوية لم يحقق خلالها نتائج جيدة. وأقصى ما كان يريده هو المحافظة على دور الولايات المتحدة الخاص وسط تصاعد اقتصادات قوى اقليمية يمكن أن تتحول في أقل من عقدين من الزمن الى قوى عملاقة تستطيع تحدي سلطة أميركا ونفوذها الذي يتعرض سنويا للاهتزاز والتراجع. وخلال زيارته سمع بوش الكثير من الكلام الذي لا يحبه تمثل في سلسلة مظاهرات واعتراضات تناولت استراتيجيته الشريرة التي تقوم على سلسلة قواعد من نوع «الحروب الدائمة» و«الضربة الاستباقية» ومحاربة الاسلام تحت مسمى «مكافحة الارهاب».

وقبل أن يعود بوش الى بلاده أطلقت الصين أول قمر اصطناعي مأهول دار حول الأرض وعاد رائده سالما معافى. وخلال زيارته أيضا سمع بكين تقول إنها قررت دخول سباق الفضاء وارسال محطات الى القمر ومدار الأرض لتطوير شبكة اتصالاتها. وفي اليوم الأخير من زيارته وصلت إليه وهو في استراليا أخبار نجاح الرئيس الروسي في توقيع اتفاق مع رئيس قرقيزستان لتأجير قاعدة عسكرية لروسيا لاستخدامها أيضا في «مكافحة الارهاب». فنظرية «مكافحة الارهاب» يمكن استعمالها على وجوه مختلفة فهي من «أسلحة الحدين» فمرة تكون معي ومرة ضدي.

أنهى بوش زيارته مهددا ومتوعدا دول الاسلام والمسلمين باستكمال حربه الممتدة على قارات ثلاث مستفيدا من نجاح مغامراته العسكرية سريعا في افغانستان والعراق. إلا أن المغامرات ليست مجرد هواية تلعب بها الدول الكبرى بمصير ومستقبل الدول الصغرى... انها في النهاية حسابات سياسية وبشرية واقتصادية. فالاقتصاد الأميركي ليس سليما والتقارير تشير الى احتمال وقوع كارثة مالية في حال استمر بوش في الانجرار وراء كتلة شريرة متهورة تسيطر على قرارات «البنتاغون». وآخر التقارير تقول ان عجز الموازنة الأميركية بلغ حدا غير مسبوق في تاريخ الولايات المتحدة. وتشير الأرقام الى وصول العجز السنوي الى رقم 374 مليارا من الدولارات في وقت لاتزال كتلة الشر تقول ان معركتها لم تنته بعد... بينما آسيا تواصل صعودها استعدادا لحرب اقتصادية في المستقبل المنظور

إقرأ أيضا لـ "وليد نويهض"

العدد 414 - الجمعة 24 أكتوبر 2003م الموافق 27 شعبان 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً