الشاب محمد عبدالله عيسى العرادي في مقتبل العمر يرقد في المستشفى بعد اصابته في رأسه أمس الاول، وقبل ذلك بليلة واحدة أصيبت الطفلة مريم عبدالله في رأسها بلا ذنب سوى انها مرت بالقرب من الاحتجاجات ضد أمسية نانسي عجرم. المحلات القريبة اغلقت ابوابها وخسائر الشركة المسئولة عن تنظيف الطرق تصاعدت الى آلاف الدنانير. اختناق مروري، وتسرب للغاز المسيل للدموع الى منازل الناس الذين لا علاقة لهم بأي شيء. حفلات زواج تضررت كما تم إتلاف ممتلكات عامة وخاصة.
تصريحات كثيرة تنطلق من هنا وهناك ثم تتبعها احتجاجات مباشرة، والمشاركون شباب اكثرهم تحت العشرين عاما. والسؤال المطروح: أليست هناك وسيلة افضل للاحتجاج والتعبير عن الرأي؟
لقد حاول رئيس بلدي العاصمة التوسط مساء امس الأول وكاد أن ينجح بعد جهد جهيد، ولكن الشباب كانوا مجموعات مختلفة وما يتم الاتفاق عليه مع هذه المجموعة ليس ملزما لمجموعة اخرى. فالمجموعات الشبابية التقت في مكان الحدث وليس بالضرورة تعرف بعضها الآخر. ثم ان التوسط في الحوار يفترض وجود فكرة واحدة وقضية معينة للتفاهم بشأنها، وليس عدة قضايا قد تكون مرتبطة بشكل عام ولكنها ليست كذلك بالنسبة إلى الحدث المباشر.
من حق النواب الاعتراض كما ان من حق التجمعات الاهلية التعبير عن رأيها، ولكن كل ذلك يجب ان يأخذ في الاعتبار مصالح الآخرين. فما ذنب هذا المطعم وذاك المحل حين يغلق ابوابه ليلتين متواليتين ويخسر بعض ممتلكاته؟
ما الفائدة المرجوة من إحراق اشارة المرور بين جدحفص والديه وهي المخصصة اساسا لحماية المشاة اثناء عبورهم الشارع؟ ماذا يستفيد من يحتج على عجرم فيما لو صدمت سيارة أحد المواطنين بعد تعطيل الاشارة؟ ماذا يستفيد المحتجون عندما تتضرر حفلة زواج ويتفرق المحتفلون بسبب اختناقهم بالغاز المسيل للدموع؟
لماذا لم نشاهد النواب المحتجين في ساحة الحوادث للتدخل بين المحتجين والشرطة؟ أولم يبدأوا الاحتجاج في البرلمان وبسبب ذلك انتقل الى الشارع؟ أليس من مسئوليتهم ترشيد الامور والنزول الى الشارع ايضا والتحدث الى الشرطة والمحتجين؟ فالشرطة ستتفاهم معهم لانهم لديهم حصانة برلمانية، كما ان الشرطة قبلت بتوسط رئيس بلدي العاصمة ومسئولي جمعية الوفاق بعد ان انفلت الوضع في الليلة الثانية.
مهما كان الامر فلا يمكن اجتزاء المشكلة في اطار ضيق؛ لأن موضوع السياحة اكبر من أمسية واحدة ولذلك لا يمكن اختزاله بنانسي عجرم وتهييج الشارع من اجل ذلك. ثم ان تعطيل السوق ليس من صالح الساعين لاصلاح السياحة او الساعين لتطوير حركة السوق. فكم ستتحمل أهم منطقة حيوية مثل هذه الاحتجاجات؟ ففي الايام الاعتيادية تزدحم المنطقة ويتعطل السير بسبب كثرة روادها فكيف اذا اقيمت حواجز لرجال الامن ومنع المرور حول هذا الدوار أو ذاك؟
إن الاحتجاج السلمي حق من حقوق المواطنين... ولكن أيّ خروج على العمل السلمي هو أمر مرفوض
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 414 - الجمعة 24 أكتوبر 2003م الموافق 27 شعبان 1424هـ