العدد 413 - الخميس 23 أكتوبر 2003م الموافق 26 شعبان 1424هـ

التنمية البشرية في مملكة البحرين في ضوء تقارير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (1-2)

حسين محمد المهدي comments [at] alwasatnews.com

إقتصادي بحريني

تهدف الورقة الى تسليط الضوء على التنمية البشرية في مملكة البحرين من واقع تقارير برنامج الامم المتحدة الانمائي من خلال خمسة محاور رئيسية. الاول مدخل الموضوع ويتناول اهمية التنمية البشرية عموما والتدريب وتنمية الموارد البشرية كونه واحدا من عناصر الانتاج الى جانب رأس المال والأرض وصاحب العمل والتكنولوجيا وتقنية المعلومات. والثاني يعرض التنمية البشرية من الناحية الاقتصادية، والرابع يعالج البعد الاجتماعي للتنمية البشرية، والثالث يناقش الجانب الانساني للتنمية، ويعرض المحور الخامس والاخير المستقبل وتحدياته.

مقدمة الموضوع: تعتبر عملية التنمية البشرية عموما وتنمية الموارد البشرية خصوصا واحدة من اهم الركائز الاساسية لتحقيق التنمية الشاملة - الاقتصادية والاجتماعية والبشرية - واستدامتها. إذ يلعب العنصر البشري والقوى العاملة دورا اساسيا في العملية الانتاجية كواحد من عناصر الانتاج الى جانب الأرض ورأس المال والادارة والتكنولوجيا وتقنية المعلومات. وتمثل التنمية البشرية وتنمية الموارد البشرية احدى المقومات الرئيسية لتفعيل القدرات وتنمية الكفاءات العلمية والعملية والفنية والمهنية والسلوكية للعنصر البشري من اجل تلبية احتياجات المجتمع عموما وسوق العمل خصوصا من القوى العاملة ومن مختلف المستويات والتخصصات التي تفي بالمتطلبات التنموية.

وادراكا لاهمية هذا الجانب من جوانب التنمية فقد حظيت تنمية الموارد البشرية وقضايا العمالة والتعليم والتأهيل والتدريب بأهمية خاصة ضمن اهداف وسياسات استراتيجية التنمية طويلة المدى للكثير من الدول، بما في ذلك مملكة البحرين، إذ تبين المؤشرات للسنوات ما بين 1990 حتى 2003، أن البحرين حققت تقدما ملحوظا فيما يتصل بتنمية الموارد البشرية بشكل عام وبتوسيع سوق العمل ومساهمة القوى العاملة الوطنية فيه وتأهيلها بشكل خاص. والتي تم استعراضها وتحليليها ومقارنتها مع الدول الاخرى على المستوى الاقليمي والعربي والعالمي من قبل الكثير من الجهات والمنظمات الدولية لعل اكثرها سمعة ورصانة، برنامج الامم المتحدة الانمائي UNDP الذي ظهرت تقاريره منذ 1990 (إذ تم اصدار اول تقرير للبرنامج) حتى صدور آخر تقرير له في هذه السلسلة وذلك في شهر يوليو/ تموز 2003.

وعلى رغم التحسن الكبير الذي عكسته المؤشرات المرتبطة بسوق العمل وتنمية الموارد البشرية خلال الفترة 1990- 2003، فان هناك مجموعة من التحديات التي تواجه البحرين وخصوصا قطاع العمل والتوطين، ما يتطلب عمل الاطراف الثلاثة للعملية الانتاجية وهم العمال والحكومة ورجال الاعمال بصورة اكثر تعاونا ومنهجية، للتغلب على تحديات عدة ضمن اهتمامنا الخاص بتنمية الموارد البشرية وتأهيل القوى العاملة الوطنية من خلال رؤية حالية ومستقبلية للموارد البشرية في البحرين تهدف الى: 1- تكوين موارد بشرية مواطنه متطورة ذات قدرات ومهارات تستطيع مواكبة التطور التقني والتكنولوجي، و2- ادارة التغيرات التي تحدث من حولنا بكفاءة عالية وكذلك مواجهة الظروف المحلية والعالمية باستمرار وبما يضمن المحافظة على ثوابت المجتمع البحريني من دين وعادات وتقاليد، و3- تحقيق اهداف قطاع العمل والتوطين في ايجاد فرص التوظيف في القطاعين العام والخاص للبحرينيين وتدريبهم وتأهيلهم بما يتناسب واحتياجات سوق العمل وذلك من خلال: إيجاد فرص عمل للمواطنين الراغبين في العمل مع ضرورة تدريبهم وتأهيلهم بما يتناسب مع احتياجات سوق العمل، وإحلال العمالة الوافدة بعمالة بحرينية ذات كفاءة عالية بهدف الانتقال من اقتصاد ذي قيمة مضافة منخفضة الى اقتصاد ذي قيمة مضافة عالية، ورفع مساهمتها في سوق العمل البحريني بشكل عام ورفع مساهمة المرأة البحرينية بشكل خاص، ورفع كفاءة سوق العمل البحريني وذلك بتقريب المزايا بين القطاعين العام والخاص، واخيرا تقييم اداء قطاع العمل والتوطين خلال خطة فترة زمنية مناسبة (مثال خطة تنمية خمسية).

البحرنة في القطاعين الخاص والعام

في القطاع الخاص وكما هو مبين في التقرير السنوي للهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية للعام 2001، ارتفعت نسبة التوطين بدرجة دون المستوى المطلوب في القطاع الخاص، وذلك من ايد عاملة بلغ عددها 24,249 الى 56,165 اي (من 26 في المئة الى 33,3 في المئة) في الفترة (1990 2001م) - كما عكسه عدد المؤمن عليهم ص 56. ويمكن ان يعزى ذلك الى ارتفاع معدل نمو تشغيل البحرينيين بنسبة 133,3 في المئة خلال الفترة 1990-2001 من 24,249 الى 56,165، مقابل نمو وتشغيل غير البحرينيين بنسبة 63 في المئة من 69,68 الى 122,829 للفترة نفسها. اضافة الى نمو اجمالي عدد المؤسسات والشركات واصحاب العمل المشتركة في نظام التأمينات الاجتماعية بنحو 318 في المئة وذلك من 2,063 في العام 1990 الى 8,630 في العام 2001.

بلغت العمالة الوطنية المؤمن عليها ثلث حجم العمالة المؤمن عليها في القطاع الخاص. وتمثل نسبة العمالة الوطنية من الإناث حوالي 24 في المئة من حجم القوى العاملة الوطنية. وتقع الإشكالية في أن نسبة الإناث العاطلات تبلغ ثلثي مجموع العاطلين. كما ان عامل التأمين الاجتماعي عنصر مهم لتشجيع العمالة البحرينية على العمل في مؤسسات القطاع الخاص وعلى الاستقرار الوظيفي، وخصوصا إذا كانت الأجور مشجعة وبيئة العمل مناسبة.

اما في القطاع العام المدني فقد ارتفعت نسبة التوطين بدرجة طفيفة من 22,848 يدا عاملة الى 27,989 اي (من مساهمة بلغت 82,2 في المئة وارتفعت الى 89,4 في المئة) في الفترة (1990 2001م) نتيجة زيادة عدد المشتغلين البحرينيين بعدد 5141 وبمعدل نمو بلغ (18,4 في المئة)، وبنمو سالب لغير البحرينين خلال الفترة (1990-2001) بلغ 1643 اي بمعدلات سالبة بلغت (33,2 في المئة). وبالنسبة إلى مجموع المشتغلين في القطاعين الخاص والعام معا لوحظ ان نسبة البحرنة لم تتغير كثيرا إذ زادت من (38,9 في المئة) الى (42,2 في المئة) بين العامين 1990 و2001م.

إجمالي قوة العمل في البحرين

اما احصاءات التعداد السكاني للعام 2001، فبينت ان اجمالي قوة العمل في البحرين بقطاعيه العام والخاص، قد بلغت 308 الاف تقريبا، منها 127 الفا للبحرينيين وبنسبة 41 في المئة ، مقارنة بـ 181 الفا لغير البحرينيين وبنسبة 59 في المئة. أما على صعيد التشغيل في القطاع الخاص فازداد عدد العاملين في القطاع الخاص من (93,4) ألف عامل وعاملة في العام 1990م الى نحو(169) ألف عامل وعاملة في العام 2001م. ووفقا لهذه الارقام فقد ارتفعت اعداد العاملين في القطاع الخاص خلال الفترة من (1991 - 2001م) بـ (75,6) الفا وبمعدل نمو بلغ 81 في المئة وبمعدل سنوي بلغ نحو (8 في المئة) إذ نمت العمالة البحرينية بنحو (13,2 في المئة) سنويا، مقابل (6,3 في المئة) للعمالة الوافدة وارتفعت نسبة البحرنة في القطاع الخاص من نحو (26 في المئة) في العام 1990م الى (33,3 في المئة) في العام 2001م.

كما تشير بيانات توزيع اجمالي العاملين في القطاع الخاص وفقا للنشاط الاقتصادي الى تركز نحو (85,4 في المئة) من اجمالي العاملين في قطاعات رئيسية وهي تجارة الجملة والتجزئة والمطاعم والفنادق والتشييد والبناء والصناعات التحويلية والخدمات الاجتماعية والشخصية وتركز ما نسبته (75,8 في المئة) من اجمالي العاملين البحرينيين في القطاع الخاص في قطاعات التمويل والتأمين والعقارات وخدمات الاعمال والمناجم والمحاجر. وتشير بيانات البحرنة في القطاع الخاص الى ان القطاعات الاقتصادية الاقل توطينا تتمثل في تجارة الجملة والتجزئة والمطاعم والفنادق والتشييد والبناء وخدمات المجتمع العامة والخدمات الشخصية.

اما بخصوص العاملين في القطاع الخاص والمؤمن عليهم بحسب مستوى الدخل الشهري والجنسية للعام 1999، فيتبين لنا ان نسبة العمالة البحرينية في القطاع الخاص الذين تبلغ أجورهم أقل من 150 دينارا في الشهر تصل الى إلى حوالي 36 في المئة والذين تقل أجورهم الشهرية عن 200 دينار إلى حوالي 52 في المئة. هذا وهناك مؤشر واضح إلى أن الأجور في القطاع العام متدنية بصورة كبيرة ولا تقدم التشجيع أو الدعم الكافي لإدماج العمالة الوطنية في القطاع الخاص. وهذا ما يفسر سبب عزوف الشباب البحريني من العاطلين للالتحاق بهذا القطاع وتفضيله للعمل في القطاع العام.

التحديات التي يواجها الشباب

وبينت دراسة لوزارة العمل والشئون الاجتماعية (القاسمي، 2002) التحديات التي تواجه الشباب في الفئة العمرية من 16 سنة إلى 29 سنة، فمن حيث خصائص القوى العاملة البحرينية توضح البيانات الرسمية بشأنها ان نسبة العاطلين من الإناث فئة الشباب أعلى بكثير من نسبة الذكور، كما ان البطالة متركزة في فئة الشباب إذ بلغت نسبة المتعطلين منهم أكثر من ثلثي مجموع العاطلين.

اما من حيث المؤهل الأكاديمي/التعليمي، فهناك أكثر من 85 في المئة من العاطلين هم من حملة الثانوية العامة فأقل. ونسبة الذكور المتسربين أكبر من الاناث. وهنا يتضح التحدي الذي يواجه الشباب في الاندماج في سوق العمل. وهناك ثلاثة عوامل أساسية يطلب الاهتمام بها من قبل الشباب الباحث عن عمل، الاول رفع قدراتهم ومهاراتهم بما تتلاءم واحتياجات سوق العمل، والالتزام بالسلوك الوظيفي وأخلاقيات العمل، وأن تكون توقعات وطموح الباحث عن عمل أكثر واقعية وملائمة بواقع الوظيفة وسوق العمل، وأن الخبرة والتعليم والتدريب المستمر عوامل مهمة للترقي الوظيفي. واعتبار الوظائف التي قد لا تتناسب رواتبها وطموحهم بعتبارها خطوة أولى في الطريق إلى الأفضل. وبخصوص النظام التعليمي ومخرجاته فتصل نسبة التسرب من التعليم إلى حوالي 50 في المئة من مرحلة الابتدائي حتى المرحلة الثانوية، لدى الجنسين. وتؤكد هذه البيانات النسبة العالية من العاطلين من فئة الشباب ممن يحملون مؤهلات أقل من الثانوية. اضافة الى ان نسبة التسرب من التعليم بين الذكور أعلى منه بين الإناث علما بأن نسبة العاطلين من حملة الشهادة الثانوية من الإناث أعلى منه بين الذكور.

كذلك نستنتج من احصاءات وزارة التربية والتعليم للطلبة المتخرجين خلال الأعوام 1995 إلى 2000 أن الشباب البحريني من الجنسين يفضل التخصصين العلمي والأدبي ثم المسار التجاري والصناعي، ويقل الاقبال على المسارات الأخرى. وهنا نتبين الحاجة إلى أهمية الإرشاد والتوجيه المهني للطلبة منذ مراحل التعليم الأولى (الإعدادية) وضرورة مشاركتهم في تقرير واختيار المسار التعليمي والمهني لهم ومتابعة إرشادهم بحسب تغير رغباتهم كلما تقدموا في المراحل التعليمية.

وفيما يتعلق بمخرجات التعليم العالي، تفيد البيانات الخاصة باعداد الطلبة المتخرجين من جامعة البحرين بحسب الكلية والجنس للأعوام 1997-2000، ان حوالي 76 في المئة من الطالبات الخريجات يفضلن دراسة العلوم الإنسانية (الآداب التربية/إدارة الأعمال) على دراسة العلوم التطبيقية. بينما 52 في المئة من الطلبة يفضل دراسة العلوم الإنسانية. وهذا يعني أن هناك اختلالا في أعداد الخريجين بحسب التخصصات لصالح العلوم الإنسانية والاجتماعية مقابل العلوم التطبيقية وخصوصا بين الإناث، وهذا ما تؤكده إحصاءات العاطلين الجامعيين لدى الوزارة. فهناك 853 عاطلا جامعيا يشكل الإناث أكثر من 90 في المئة منهم. اضافة الى عدم مواءمة هذه التخصصات لاحتياجات سوق العمل وخصوصا لدى الإناث حتى لو كان تأهيلهم عاليا. ولقد أظهرت الدراسة التي قامت بها الوزارة أن رغبة العاملين الاناث (أكثر من الثلثين) في مزاولة أعمال إدارية وكتابية وخدمية، والتدريس لفئة الجامعيين وأن 95 في المئة من الإناث لا يرغبن في العمل بنظام النوبات وأن حوالي نصف الذكور لا يرغب في العمل بدوامين.

من حيث التعليم الصناعي والتدريب فقد حظي تأهيل وتدريب المواطنين باهتمام خاص خلال الفترة 1990-2003، إذ تم اتخاذ خطوات ملموسة للتوسع في التعليم الفني والتدريب المهني ادت الى زيادة كبيرة في نسبة الالتحاق بمؤسساته وعلى رغم ذلك ما زالت نسبة الالتحاق بالتعليم الصناعي من اجمالي الملتحقين بمسارات التعليم الثانوي من الذكور منخفضة إذ انها لم تتجاوز (23,8 في المئة) في العام 2001م.

وعلى رغم الجهود التي بذلت لتعزيز البناء المؤسسي لتخطيط الموارد البشرية وسياسة التوطين فإن هذا البناء المؤسسي ظل يعاني من تعدد الجهات المسئولة عن العمل والتوطين، إضافة الى ان بعض القرارات الخاصة بالبحرنة لم تتوخ الواقع اذ حددت عدة شهور لتحقيقها وشملت كل القطاعات وكل المنشآت دون اختيار موضوعي او دراسة لهياكل العمالة والاجور بهذه المنشآت - وان تم اعداد بعضها الا انها لم تكن متوافرة، مثال دراسة مركز البحوث لوزارة العمل - ومن جهة اخرى قامت الجهات المسئولة عن تنفيذ معدلات البحرنة بتمديد المهلة المحددة لتحقيق نسب البحرنة وتراخت في تحصيل غرامات عدم التنفيذ ما اضعف من صدقية الخطة لدى القطاع الخاص الى حد كبير.

اما من ناحية الانفاق على التدريب فقد بلغ معدل الإنفاق على تدريب العمالة البحرينية لدى الشركات المساهمة في نظام اشتراكات التدريب حوالي 37 في المئة فقط من إجمالي الاشتراكات خلال السنوات الأربع الماضية (1997-2000)، وهذا يعد ضعفا في حجم الاستثمار في تدريب وتأهيل الكوادر المواطنة. فيجب اعتبار التدريب ضرورة استثمارية للمؤسسة وليست تكلفة. كما وان هناك قلة ملحوظة في مراكز التدريب المتخصصة، اضافة الى تشابه كبير في البرامج التدريبية التي تقدمها مع قلة في توفير برامج متخصصة وملائمة لاحتياجات التوظيف في سوق العمل. وألا يكون التدريب عملية تعليمية أخرى.

واخيرا وعلى صعيد قاعدة بيانات العمل فإن اعداد خطط موضوعية وواقعية للتشغيل والتوطين تتطلب ان تتكامل قاعدة بيانات العمل بوزارة الشئون الاجتماعية والعمل والتدريب المهني مع شبكة البيانات في الوزارات والجهات المعنية (الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية ووزارة التجارة ووزارة الاقتصاد الوطني ووزارة الداخلية).

كمدخل للتنمية البشرية من خلال تقارير برنامج الامم الانمائي للاعوام 1990 حتى 2003، نلاحظ ان هذه الفترة تعتبر فترة عاكسة للتطورات والتنمية الحقيقية كما عبرت عنها تقارير برنامج الامم المتحدة الانمائي، والتي تقوم باستخدام المنهجية العلمية لقياس مؤشرات التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبشرية والانسانية، تلك المؤشرات المتعارف عليها عالميا، من ناحية، والمعتمدة على اسس علمية اكاديمية قياسية، من ناحية اخرى. لكننا سنتابع ما بدأناه في الاقسام اعلاه، من حيث تحليل اثر الايرادات الحكومية على اجمالي المصروفات بصفة عامة، وتلك المخصصة لقطاعي التعليم والصحة، بصفة خاصة، ثم ننتقل إلى مناقشة التقدم الذي حققته البحرين على مستوى الترتيب العالمي والعربي والخاص بالتنمية البشرية، مستعرضين بعد ذلك اهم المحاذير في قياس المؤشرات الاممية، ونختم في الاقسام القادمة هذه الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والانسانية للتنمية البشرية في البحرين، من حيث المقارنة من خلال بعدين زماني-12 عاما - ومكاني - بعقد مقارنة مع الدول الخليجية والعربية والعالم.

الإيرادات والمصروفات للفترة 1990-2004

فبخصوص الموازنة العامة للفترة من العام 1990 الى 2004، فيمكننا ان نلخص اهم المتغيرات فيها، فجانب الايرادات اظهر زيادة بنحو 550 مليون اي بحدود 110 في المئة في 10 سنوات المنتهية في 2000 وذلك من 498 مليون دينار الى 1047 مليونا، ثم هبط بصورة طفيفة بلغت 6 في المئة في العام التالي، لكن الانخفاض الاكبر جاء في العام 2002 بتدهور الايرادات وتدنيها بنحو الثلث من 981 مليونا الى 675 مليونا، ومن المتوقع ان يحقق هذا العام تحسنا بمستوى جيد بحدود 18 في المئة، اما الاسباب التي يعزى لها كل هذه التذبذبات في الدخل العام فهو تغير اسعار النفط في الاسواق العالمية، وخصوصا في النصف الثاني الى نهاية التسعينات من القرن الماضي نتيجة لوجود تخمة من النفط الخام في العالم.

الانفاق العام بدوره، شهد تغيرات على الخط نفسه مع تغيرات الدخل. اما الملاحظة اللافته للنظر بخصوص الانفاق على قطاعي التعليم والصحة، فهي عدم تعثر مخصصات هذين الجانبين بتلك التغيرات غير المؤاتية في الايرادات. وكما بينته بيانات التعداد السكاني الثامن للعام 2001، فقد انخفضت نسبة الأمية بين السكان البحرينيين بشكل كبير خلال السنوات العشر الفاصلة بين التعدادين 7 و8 للعامين 1991 و2001، فبلغت هذه النسبة 7,5 في المئة للذكور و17,0 في المئة للإناث و12,3 في المئة للنوعين معا في العام 2001، مقارنة بنسب الأمية المناظرة في العام 1991 والتي بلغت 13,3 في المئة للذكور و28,7 في المئة للإناث و21 في المئة للنوعين معا، وقد انخفضت نسبة الأمية بين البحرينيين في الفئة العمرية من (10-44) سنة، إذ بلغت 1,4 في المئة للذكور و4 في المئة للإناث و2,7 في المئة للنوعين معا في العام 2001، مقابل 2,4 في المئة للذكور و10,5 في المئة للإناث و6,4 في المئة للنوعين معا العام 1991. اما بخصوص الحاصلين على مؤهل ثانوي في العام 2001 بين البحرينيين فقدر بأكثر من 121,918 فردا، منهم 61,794 من الذكور و60,124 من الإناث، أي بنسبة 53 في المئة من السكان البالغين من العمر 18 سنة فأكثر، 53,7 في المئة للذكور و52,2 في المئة للإناث، في حين بلغ هذا العدد 66,819 فردا، منهم 36,433 من الذكور و30,386 من الإناث العام 1991، أي بنسبة 39,1 في المئة من السكان البالغين من العمر 18 سنة فأكثر، 42,6 في المئة للذكور و35,6 في المئة للإناث. من حيث البحرينيين الحاصلين على مؤهل جامعي فأكثر فقد وصل في العام 2001 الى 24,760 فردا، منهم 13,012 من الذكور و11,748 من الإناث، أي بنسبة 12,5 في المئة من السكان البالغين 22 سنة فأكثر، 13,2 في المئة للذكور و11,8 في المئة للإناث، في حين بلغ هذا العدد 11,463 فردا، منهم 6,682 من الذكور و4,781 من الإناث العام 1991م، أي بنسبة 7,8 في المئة من السكان البالغين 22 سنة فأكثر، منهم 9,1 في المئة للذكور و6,5 في المئة للإناث، مما يفيد بمضاعفة هذا الرقم في أقل من 10 سنوات. كما وبلغ عدد السكان الفعال اقتصاديا، العاملين والمتعطلين، 308,341 منهم 127,121 بحرينيا و181,220 غير بحريني، مقارنة بعددهم في العام 1991 والذي بلغ 110,985 فردا العام 2001 مقابل 77,268 فردا العام 1991، وبلغت نسبة العمالة النسوية البحرينية 23,5 في المئة من إجمالي العمالة الوطنية العام 2001، مقابل 17,1 في المئة العام 1991، وبلغ معدل مساهمة المرأة البحرينية 25,6 في المئة من إجمالي الإناث البحرينيات، 15 سنة فأكثر، للعام 2001م، في حين كان المعدل المناظر في العام 1991م 18,7 في المئة. بخصوص معدل البطالة بين السكان، 15 سنة فأكثر، فقد بلغ 5,5 في المئة، منهم 4,1 في المئة للذكور و10,5 في المئة للإناث للعام 2001، مقابل 6,3 في المئة، منهم 5,2 في المئة للذكور و11,8 في المئة للإناث للعام 1991. في الوقت الذي قدرت فيه البطالة في بداية هذا العام بنحو 15 في المئة.

البحرين والأرقام القياسية للتنمية البشرية

اظهر الدليل الشامل والارقام القياسية للتنمية البشرية لبرنامج الامم المتحدة الانمائي، ان البحرين استطاعت خلال فترة اصدارات هذه الادلة ان تتقدم بشكل مستقر ومستمر من مراكز بعيدة من حيث ترتيبها على مستوى العالم في التنمية البشرية، الى مراكز متقدمة، على الصعيدين العالمي والعربي. وعادة ما تنظر التقارير الاممية في ترتيبها للدول الى عدد كبير من المؤشرات والمقاييس، الاقتصادية والاجتماعية والبشرية والانسانية. وبشكل مختصر تغطي هذه التقاير نصيب الدخل الفردي من الناتج المحلي الاجمالي بحسب القوة الشرائية مقوما بالدولار الاميركي، والفرق بين هذا الدخل وترتيب الدول للتعرف على مستوى التقدم اوالتأخر خلال فترة زمنية محددة مقارنة بفترات زمنية اخرى وفي دول ومناطق مختلفة. فبينما كان ترتيب البحرين في التقرير الدولي متراوحا من مكان متراجع نوعا ما الى مراكز متقدمة جدا، فكان مركزها عالميا 51 في تقرير 1991 ثم تراجع الى 58 في الاعوام 1993 و1994 ولم يتقدم بصورة مستقرة وثابتة الا في الاربع الماضية وخصوصا فترة 2001-2003 التي شهدت خلالها البحرين المشروع الاصلاحي. ما وضعها ايضا في المركز الاول عربيا لثلاث سنوات على التوالي. ولعل اهم اسباب التقدم المطرد الذي تمتعت به البحرين هو مقدرة شعبها على تضييق الفجوة وبشكل مستمر من خلال اصراره على الامساك بأسباب العلم والعمل والتي انعكست بشكل مباشر في تواصل استمرار انخفاض الفرق بين دخل الفرد من الناتج المحلي الاجمالي وبين التنمية الاجتماعية والتي لم تتعد في حال البحرين -2، في العام 2003 مقارنة بـ -25 في 1994، مقارنة بفروقات شاسعة للدول الخليجية الاخرى تراوحت ما بين -17 في الكويت و-36 في كل من السعودية وعمان و-19 و-25 في قطر والامارات. ومن ضمن الاسباب التي قادت الى نجاح البحرين في تحقيق مراكز متقدمة في مجال التنمية البشرية هو تنامي نصيب دخل الفرد من الناتج المحلي الاجمالي مقاسا بتعادل القوة الشرائية مقوما بالدولار، من 13111 دولارا في العام 2000 الى مستوى عالٍ بلغ 16060 دولارا في العام 2003.

بشكل عام تشتمل تقارير برنامج الامم المتحدة الانمائي منذ بدأ اصداره في العام 1990 حتى آخر تقرير تم اصداره في شهر يوليو/حزيران 2003 على اكثر من 150 مؤشرا مختلفا تغطي الكثير من نواحي التنمية البشرية الاقتصادية منها والاجتماعية والبشرية والانسانية وغيرها من النواحي وتتناول متغيرات مثل الدخل الفردي والاسكان والصحة والتعليم والطفولة والمرأة والاتصالات والفقر وغيرها. وبسبب عدم توافر المعلومات عن هذا الكم الكبير نسبيا من المؤشرات -في حالة البحرين بصفة خاصة وفي العالم العربي بصفة عامة- فقد اقتصرت تقارير الامم المتحدة عن التنمية البشرية على استخدام اهم هذه المؤشرات وهو ما ننوي اتباعه في دراستنا هذه، بحسب التفصيل الموضح في الاقسام التالية، متناولين مؤشرات التنمية البشرية من الجانب: الاقتصادي والاجتماعي والانساني

العدد 413 - الخميس 23 أكتوبر 2003م الموافق 26 شعبان 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً