لا يختلف اثنان على أهمية التركيز في الدراسة، ولا على الفروق البسيطة بين الأول والثاني في أية دفعة دراسية، وأي تربوي يعمل في حقل التربية والتعليم يعي هذا القول، فقد يكون بين الأول والثاني ربع درجة أو اختلاف طفيف في إحدى المهارات تؤدي إلى تقدّم الأول على غيره من الطلبة.
ولكن ما تمَّ في امتحانات نهاية الفصل الدراسي الأول، ينم عن ضغط «عملية التجنيس المتخبّطة» على وزارة التربية والتعليم، وما المراد من هذه الامتحانات الصعبة إلا تقليل نسبة الحاصلين على معدلات مرتفعة، لتقليص عدد المستفيدين من بعثات الوزارة.
للأسف الشديد لَعَبَ التجنيس دورا قبيحا جدا هذه المرَّّة في امتحانات نهاية الفصل الدراسي الأول، إذ إن الضغط على هذه الوزارة الخدمية أصبح ملاحظا هذه الأيام، وانعكس انعكاسا سلبيا على استفادة أبنائنا الطلبة.
وهذه الحركة ليست جديدة، إذ قامت بها جامعة البحرين منذ سنوات عدّة، وقد قيل في حينها إنها جاءت «لتقليل نسبة الناجحين حتى لا يتم الضغط على الدولة للحصول على وظائف، وحتى تُقَلل نسبة الخريجين وتُقلّص البطالة، التي زادت مع ازدياد عدد المجنّسين في دولتنا».
وإننا كنا نتابع في السنوات السابقة الكثير من الأسماء التي حصلت على معدلات عالية، ومن ثم استفادت من بعثات الوزارة، وما وجدنا إلا كثرة المجنسين المستفيدين في ظل قلّة حيلة أبنائنا من المواطنين الأصليين.
الأمر الذي أدى إلى خسارة أبنائنا وحصول المجنّسين على ثروات الدولة، وخاصة في العلم والبعثات، لأنهم متعودون على نوعية الأسئلة، وبالتالي أصبح من السهل عليهم المضي قدما على عكس أبنائنا. فتجد المجنّس يحاسب المدرّسين والهيئة الادارية بربع العلامة، لأنّه تربّى على القتال والاقتتال للحصول على أعلى الدرجات، بينما تكون منافسة أبنائنا سقيمة لأنّهم لم يتعوّدوا على هذا الاسلوب في تحصيل الدرجات.
واننا لا نلوم وزارة التربية والتعليم على ما تمَّ في امتحانات نهاية الفصل الدراسي الثاني، فالوزارة مقيّدة بموازنة لا تستطيع تجاوزها، ولكن ما ذنب الطلبة في حصولهم على هذا النوع الصعب من الامتحانات؟
وخاصة أنَّ الكثيرين منهم كانوا يتمنون هذه البعثة أو تلك الجامعة، التي ذهبت الآن مع الريح في وجود هذا النوع من التقييم - أي الامتحانات - وسيكون مردودها سلبي جدا على المجتمع إذا ما تمّ علاج المشكلة بطريقة صحيحة.
إننا لا نرفض الامتحانات الصعبة، وخاصة أنَّ منافسة المجنّسين ليس بالأمر السهل، لتعوّدهم على هذا النوع من الامتحانات ومن التقويمات - كما قلنا آنفا -، ولكننا نرفض مفاجأة طُلبتنا بامتحانات تعجيزية لا يستطيعون حلّها.
وعلى من يهمّه الأمر أن يقوم بنوع من الموازنة والانصاف، فنحن نريد لأهل البلد أن يستفيدوا من خيراتها، فهم سيعطون الدولة أكثر مما تقدّم لهم، لأنّهم أبناؤها الأصليين، وولاؤهم لتراب هذا الوطن فقط.
فليساعد الرب وزارة التربية والتعليم على الضغط الهائل في ازدياد عدد الطلبة - سواء الأصليين أو المجنّسين - وليساعد الرب كذلك أبناءنا وليحفظهم ويرشدهم لينالوا أعلى الدرجات، وليستفيدوا من خيرات بلادهم أكثر من أي أحد قدم إليها حديثا
إقرأ أيضا لـ "مريم الشروقي"العدد 2333 - السبت 24 يناير 2009م الموافق 27 محرم 1430هـ