من المتوقع أن تقفز جملة إدانات إلى الصحف المحلية إزاء ما حصل من حوادث عنف عند مركز المعارض أثناء الحفل الغنائي. إلا أن الرسالة موجهة أولا إلى بعض النواب، فقد بدأت منهم شرارة الاعتراض على الحفل الغنائي بصورة غير دقيقة، وأرسلت الإشارة إلى الشباب الذين ضاقت بهم سبل العيش، جراء البطالة وصور الإحباط الأخرى، ونتيجة عدم التوجيه السياسي من قبل القيادات والرموز، إما لغيابهم في الخارج، أو بسبب تناقضات الخطاب إزاء جملة من القضايا المصيرية، ما حدا بالشباب إلى التحرك بعيدا عن كل الالتزامات السياسية تجاه الساحة، فحصل ما حصل.

الرسالة الأولى إلى النواب، بأن لا ينساقوا إلى الإدانة، لأن الإدانة سترجع عليهم، وعليهم في قبال ذلك أن يسعوا إلى تهدئة كل الأطراف، وألا يطرحوا الشعارات السياسية والدينية المبتورة لتحقيق مصالح انتخابية، وإذا كانوا عاجزين عن طرح موقف ينسجم مع خلفياتهم الدينية، فالسكوت عنه أفضل. كما أن الرسالة موجهة أيضا إلى الأقلام الصحافية التي تنتقد التحشيد، وعليها أن تعلم بأن التحشيد المضاد مضر أيضا بالساحة، لأن الساحة تتضمن جمهورا عريضا له مشاعر وأحاسيس وأحلام وآمال لم تتحقق.

أما الرسالة الثالثة - وهي الأهم فإلى الرموز والقيادات الدينية الكبيرة، فهم مطالبون قبل غيرهم بوقفة حساب مع النفس، فخطابهم سلمي، ولا يمكن لأحد أن يراهن على غير ذلك، ولكنه سلبي في الوقت نفسه، ولا يمكن لخطاب لا يرصد الساحة ولا يتابعها أن ينجح في توجيهها في أوقات ذروة الحماس ونشوته، ويخاف أن يكون الخطاب السياسي هو الضحية، وأحلام الناس وآمالهم كذلك. إنها وقفة حساب لا غير