الموازنة العامة للعامين 2009 - 2010 معطلة بين النواب والحكومة منذ عدة أشهر، ونحن حاليا نقترب من إنهاء الشهر الأول من دون اتفاق بشأن الموازنة، إذ يبدو أن الطريق مازال طويلا. وبالأمس تحدث بعض النواب عن ورود أنباء لهم بأن الحكومة قد تلجأ إلى تفعيل المادة 87 من الدستور. وهذه المادة هي ذاتها التي تم تفعيلها في موازنة 2007 - 2008، في أواخر أيام البرلمان الماضي (الفصل التشريعي) واستطاعت الحكومة حينها إصدار موازنة العامين المذكورين بصفة الاستعجال وذلك منعا لتحويلها إلى البرلمان الحالي الذي انتخب في نهاية 2006.
حاليا تحتاج الحكومة إلى موافقة البرلمان الحالي على أول موازنة تعرض على الفصل التشريعي الثاني، ولكن هذه الموازنة تعطلت بسبب عدم قناعة المجلس النيابي ببنودها، وطالب النواب بإدخال تعديلات تتعلق باعتماد علاوة الغلاء للعام 2009 (72 مليون دينار)، واعتماد مصروفات أخرى للصحة والتعليم والبيوت الآيلة للسقوط ( 36 مليون دينار).
وقد اجتمع نائب رئيس الوزراء الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة بالنواب في 12 يناير/ كانون الثاني الجاري للاطلاع على آرائهم، وفهم النواب من ردود نائب رئيس الوزراء أن الحكومة سترد خلال يومين... ولكن مضى الآن نحو أسبوعين من دون رد رسمي.
وإذا صدقت التخرصات، فإن الحكومة قد تسحب الموازنة الحالية وتعيد طرحها بصفة الاستعجال كما حدث في 2006... بمعنى أن النواب سيكون لديهم 15 يوما لإقرارها، والشورى سيكون لديهم 15 يوما أيضا، وإذا اختلف المجلسان فإن عليهما الاجتماع في غرفة واحدة كمجلس وطني والتصويت على مشروع الموازنة خلال 15 يوما، وإذا لم ينتج عن ذلك أي شيء جاز لعاهل البلاد أن يصدر الموازنة بمرسوم له قوة القانون بحسب المادة الدستورية 87.
وبحسب النواب فإن مثل هذا الإجراء سيعتبر مؤشرا على قدرة الحكومة على التعامل مع المجلس النيابي بشأن أهم مشروع يطرح خلال الفترة البرلمانية الحالية، وهذا ربما يرسل رسائل خاطئة لأن الحكومة كان بإمكانها أن تطرح الموضوع بصفة الاستعجال منذ البداية، بدلا من المماطلة التي استمرت منذ 31 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
ربما أن المشكلة واضحة الآن، إذ إن النواب كانوا يطالبون بما يحفظ ماء وجوههم أمام ناخبيهم، ولكن الحكومة أيضا لديها أولوياتها، والاختلاف بين الطرفين أمر وارد دائما، وكان حري بالحكومة لو سارعت إلى عقد الاجتماعات الماراثونية قبل ثلاثة أشهر، وأن تتواصل بشكل مباشر للتفاهم حول القضايا العالقة بدلا من الانتظار طويلا للوصول إلى حال عدم التوافق الذي نشهدها حاليا. أن أملنا في أن يصل الطرفان إلى حل مرضٍ من دون الحاجة إلى اللجوء إلى المادة 87 لأن ذلك سيمرر الموازنة ولكنه سيثبت عدم قدرة الحكومة على التفاهم مع النواب
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 2333 - السبت 24 يناير 2009م الموافق 27 محرم 1430هـ