العدد 412 - الأربعاء 22 أكتوبر 2003م الموافق 25 شعبان 1424هـ

أعداء العرب... وأعداء الإسلام

وليد نويهض walid.noueihed [at] alwasatnews.com

كاتب ومفكر عربي لبناني

لماذا فشلت الدول العربية مجتمعة في إقناع الرأي العام الأميركي بعدالة قضايانا في وقت نجح فيه «اللوبي اليهودي» في تمرير سياساته وجر مختلف إدارات البيت الأبيض نحو تأييد «إسرائيل» في السراء والضراء؟

سؤال طويل والاجابة عنه ليست قصيرة، ويمكن اختصارها في الذرائع التي تقدمها الدول العربية نفسها لتبرير فشلها. إلا أن تلك الذرائع على رغم صوابية بعضها تتناسى الكثير من نقاط الضعف في العمل العربي المشترك.

تقول إحدى الذرائع إن هناك تقصيرا عربيا في الاعلام الموجه إلى الرأي العام الأميركي ويعطف التقصير بكلام طويل عن هيمنة صهيونية على الصحف ومحطات الإذاعة والتلفزة.

هذه ذريعة ليست دقيقة. فالمشكلة في النهاية ليست إعلامية وانما هي مرتبطة بالمصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة ودورها السياسي كدولة كبرى في منظومة العلاقات الدولية. فواشنطن ليست جاهلة إلى هذا الحد وإدارتها تعرف أن «إسرائيل» دولة معتدية وتخالف القانون الدولي وتتحدى قرارات الأمم المتحدة وشرعية مجلس الأمن. فهذه بديهية وأميركا الرسمية تعلم هذا الأمر وتدرك مخاطره وهي تتصرف على هذا الأساس. و«إسرائيل» تخالف لأن هناك من يشجعها على المخالفة بغية تحقيق أهداف كبيرة تستفيد منها تل أبيب وكذلك تعود بالأرباح الطائلة على شركات النفط ومؤسسات التصنيع العسكري. فالمشكلة اذن ليست في الاعلام بقدر ما هي في عجز السياسة العربية المشتركة عن توليف استراتيجية موحدة تربط الصداقة بالمصالح ولا تعطي بالمجان ما يجب أن تأخذه من الطرف المقابل.

ضعف الاعلام قد يكون من العوامل الاضافية الا انه مجرد انعكاس لسياسة عربية مفككة لم تنجح مرة في تنظيم قوة ضغط (لوبي) تتوحد على برنامج محدد يضغط من جهة ويعطي من جهة. وعدم وجود إرادة واحدة أسهم مع الوقت في بعثرة الجهود العربية وتوزيعها على محاور متفرقة تضغط ضد بعضها بعضا بدلا من التنسيق في اتجاه واحد.

ذريعة أخرى تقول إن رؤساء أميركا يسايرون اللوبي الصهيوني لأنهم بحاجة إلى أصوات اليهود في الانتخابات البرلمانية وغيرها. وهذا ايضا كلام غير دقيق لأن أصوات اليهود لا تشكل في أعلى تقدير أكثر من 3 في المئة من مجموع الناخبين، بينما حلفاء العرب من جاليات مسلمة وآسيوية وإفريقية يزيد تعدادها أضعاف مجموع الكتلة اليهودية ومع ذلك فشلت الهيئات والمنظمات في ترجيح كفة هذا المترشح على ذاك بسبب الانقسام والتفكك وعدم وضوح الرؤية المشتركة. وأهم من كل تلك العوامل عدم القدرة على تحديد الأعداء والاصدقاء وسلوك سياسات غير مقنعة للناخب الأميركي الذي يبحث عن مصالحه قبل مصالح الآخرين. فدافع الضرائب يبحث عن قوة سياسة تخفف عنه ثقل العمل والضرائب المحلية والقومية قبل أن يبحث عن قضايا عادلة في هذا المكان من العالم أو تلك الزاوية في «الشرق الأوسط».

المشكلة إذن سياسية أولا ولها صلة بالاستراتيجية الأميركية ثانيا وموقع الدول العربية في ميزان المدفوعات ثالثا وصلة العالم العربي بالموازين الدولية ومدى تأثيره على الاقتصادات والتجارة العالمية رابعا.

كل هذه العوامل مضافا اليها عدم التنسيق وغياب الرؤية المشتركة وتضارب التوجهات العربية - العربية سهلت للكتلة اليهودية وما يعرف بـ «اللوبي الصهيوني» أن يتحركا بمرونة من دون ملاحظة عوائق وعقبات تعترض طريقهما.

إلى هذه العناصر هناك الفشل الذريع في اختيار الصداقات والأصدقاء. وجاءت الأيام لتكشف أنهم (بوش، تشيني، رامسفيلد، وشولتز) هم أعدى أعداء العرب والمسلمين ويشكلون اليوم رأس حربة الهجوم الاستراتيجي على العالم العربي - الاسلامي.

حتى الآن لم يكتشف البعض أن هؤلاء يمثلون شركات احتكارية لها مصالح استراتيجية وتعمل في حقول مختلفة بالتضامن والتنافس.

مع ذلك هناك من يتساءل: لماذا فشلت الدول العربية في اقناع الرأي العام الأميركي بعدالة قضايانا؟ الجواب ليس طويلا. الخطأ ليس في الاعلام بل في التوجه السياسي وغياب الرؤية الواضحة التي تحدد الاعداء والاصدقاء. فهذه مسألة لها صلة بالعقل والمصالح وليس بالاعلام

إقرأ أيضا لـ "وليد نويهض"

العدد 412 - الأربعاء 22 أكتوبر 2003م الموافق 25 شعبان 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً