العدد 412 - الأربعاء 22 أكتوبر 2003م الموافق 25 شعبان 1424هـ

«فوت الفرصة غصّة»

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

الفرص التي تتوافر كثيرة، ولكن الاستفادة منها اقل من القليل عندما يعلو الضجيج، ويغدو الشغل الشاغل للبعض المزايدة او الادعاء للذات بـ «الطهارة السياسية» على رغم ان الواقع لا يوفر دعما لمثل تلك الادعاءات او الادعاءات المضادة.

ما ورد في التراث الاسلامي من ان «فوت الفرصة غصة»، و«اغتنموا الفرص فإنها تمر مر السحاب» لا يبدو انه سجل اي تأثير على بعض المتصدين للعمل الوطني في البحرين.

مثل هذا الحديث كنا ومازلنا نوجهه إلى المسئولين؛ لأنهم اضاعوا على البحرين الفرص الذهبية، واستفادت دول الجوار من تضييعنا للفرص. فدبي اليوم ليست دبي الامس، وما تؤسسه من مشروعات تنموية وخدمية اصبح حديث العالم وليس الخليج فقط. والدوحة تخطو ايضا خطوات الى الأمام بعد افتتاحها اكبر مدينة تعليمية في الشرق الاوسط. القطريون لم يكن لهم التأثير الذي توفره لهم قناة «الجزيرة» حاليا، والتي اصبحت تنافس - بحسب تعبير أحد المراقبين - جمال عبدالناصر وأم كلثوم في قدرتها على الوصول الى العرب في كل مكان.

البحرين كانت في الثمانينات الوحيدة وفي المقدمة بالنسبة إلى الخدمات المصرفية والاعلامية والاتصالات وكل ما يتصل بالتدريب والتطوير، ولكن وكالات الانباء تم التضييق عليها حتى هرب معظمها وأضعنا الفرصة لاستقطاب سوق الاعلام وما يتبعه من سوق للدعاية والاعلان. على المستوى الرسمي بدأت الحركة لاسترجاع المبادرة، وبدأت بعض المشروعات في تحريك الحياة الاقتصادية مثل فورمولا 1، وبدأت الانظار تعود إلى البحرين لأنها تمتلك شيئا لا يوجد لدى غيرها من الجيران، وذلك هو مواردها البشرية «الاهلية». فالآخرون يحتاجون إلى موارد بشرية كثيرة من الخارج، وهذه لها كلفتها مع عدم ضمانها على المدى البعيد. أما البحرين فلديها قدرات محلية بالإمكان تطويرها والاعتماد عليها كما هي الحال في سنغافورة وغيرها من الدول التي استفادت من الموارد البشرية بصورة ناجحة.

أما على المستوى الشعبي، فإن بعض المتصدين للساحة اضاعوا الفرص، الواحدة تلو الاخرى، ومازالوا يضيعونها بسبب سوء التقدير وحرمان انفسهم من التنوع والتعددية والديمقراطية في داخل صفوفهم. وانتهى الامر الى التعويل على التحشيد والتهييج وتوفير الشرعية لبعض المنفلتين لممارسة الشتم المجاني واطلاق التهم الرخيصة في كل اتجاه لاعتقاد خاطئ بأن ذلك «سيخرس» الرأي الآخر داخل صفوفهم و«يوحدهم» ويظهرهم متضامنين امام الآخرين.

أن فوات الفرص الواحدة تلو الأخــرى - بسـبب النهج المتبع - يحزن المرء ولا يفرحه ابدا. وما يحزن اكثر هو اعتقاد البعض بصحة ما قاموا ويقومون به مئة في المئة، وان الرأي الآخر خطأ مئة في المئة. وهذا الادعاء ليست له حكمة ولم يثبت جدواه، بل على العكس إذ إن حركة «التفتيت الداخلي» اصبحت هي الحركة الوحيدة التي يرتفع صوتها اليوم بينما اختفى اصحاب الرأي الآخر من الضوء خشية على انفسهم من شرر الأجندة «الأحادية» التي لم يتم التوافق عليها منذ بدايتها

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 412 - الأربعاء 22 أكتوبر 2003م الموافق 25 شعبان 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً