اعتبر الناشط الشبابي محمد عبدالعال، أن تأجيل تفعيل برلمان الشباب 6 مرات متتابعة منذ العام 2005 وحتى الآن، ساهم في قتل المشروع قبل أن يولد.
وذكر عبدالعال أن بعض الجمعيات الشبابية كانت سببا في عدم خروج برلمان الشباب إلى حيز الوجود، حيث احتجت في بداية الأمر على المسمى ومن ثم نزلت بقوائم للمترشحين، وهو أمر رفضته المؤسسة العامة للشباب والرياضة، لخشيتها من إضفاء صبغة سياسية على المشروع.
وفي مقابلة أجرتها معه «الوسط» للحديث عن مشروع برلمان الشباب، والعقبات التي اعترضت طريقه منذ انبثاق فكرته وحتى انتقاله إلى معهد البحرين للتنمية السياسية، أوضح عبدالعال أن البحرين كانت الأولى على مستوى المنطقة التي تبادر إلى مثل هذا المشروع الرائد، ولكنها تراجعت بعد أن تحركت دولة الإمارات العربية المتحدة لتقطع شوطا كبيرا في هذا المجال.
وتحدث عبدالعال أيضا عن ردة فعل الشباب على خطاب عاهل البلاد الموجه إليهم، والأثر الذي نتج عن تأجيل تفعيل برلمان الشباب، وذلك في سياق الحوار الآتي:
ما هو موقعك في مشروع برلمان الشباب؟
- في بداية المشروع ترشحت في الانتخابات وتواصلت مع المسئولين في المؤسسة العامة، وشاركت في كثير من الندوات التعريفية والتحضرية، كما حضرت الحلقة الحوارية التي نظمها تلفزيون البحرين وبثت على الهواء مباشرة من خلال برنامج «يوث تايم».
وفي العام 2006، شاركت مع الوفد الشبابي الذي زار الأردن وتعرف على التجربة الأردنية من خلال برلمان الطفل الأردني والاستراتيجية الوطنية للشباب ومؤسسات المجتمع التي تعنى بالشباب في عَمان.
وفي افتتاح الموعد الثاني للترشح، لم أشارك وقررت أن أكون مراقبا للمشروع، لأن المشاركة استغرقت كثيرا من وقتي من دون الحصول على أية نتائج مرجوة، إلا أنني استفدت كثيرا من هذه التجربة أثناء وجودي مع أقراني من الشباب وتواصلي مع المؤسسة العامة حتى الآن.
بداية الانطلاق
من أين انبثقت فكرة عمل برلمان للشباب في مملكة البحرين؟
- مشروع برلمان الشباب يعد ثمرة من ثمرات الإستراتيجية الوطنية للشباب في البحرين، وبداية الإعلان عن هذه الفكرة كانت من خلال مؤتمر صحافي عقد بتاريخ 7 فبراير/ شباط 2004، أعلن فيه البدء رسميا في تنفيذه هذا البرلمان.
وفي يوم الأربعاء بتاريخ 30 نوفمبر/ تشرين الثاني 2005، تم تدشين البرلمان برعاية رئيس المؤسسة العامة للشباب والرياضة الشيخ فواز بن محمد آل خليفة، ووصل عدد المتقدمين للترشح 361 شابا وشابة.
كيف استقبل الشباب البحريني خطوة تدشين برلمان خاص بهم؟
- الشباب استقبل الفكرة بتفاؤل كبير، وخصوصا أنها خطوة كبيرة على طريق التمكين السياسي للشباب وتحضيرهم لممارسة هذه العملية في المستقبل.
ارتأينا كشباب أن نحضر بكثافة في حفل التدشين، ولم نكن نتوقع أن يبلغ عدد الحاضرين الحجم الذي وصل إليه في ذلك اليوم، الأمر الذي جعلنا نتطلع بأمل إلى هذه التجربة التي ستنقلنا نقلة نوعية في العمل الشبابي على مستوى البحرين.
وصل عدد المترشحين إلى 361 والبعض رآه رقما صغيرا، وأنا اعتبره جيدا في مقابل أن يكون لدينا عدد هائل من دون أي وعي بالعملية البرلمانية الشبابية.
العقبات في طريق الحلم
ما هي أبرز المعوقات التي اعترضت طريق تنفيذ برلمان الشباب على أرض الواقع؟
- برلمان الشباب كان من الممكن أن يتحقق، وخصوصا أن البحرين هي الدولة الأولى على مستوى الخليج التي فكرت في إنشاء برلمان شبابي، حتى أضحت محط أنظار الدول المختلفة العربية والأجنبية، ولكن بسبب العقبات التي واجهت هذا المشروع لم يحصل أي تقدم على هذا الصعيد.
إحدى الدول الخليجية وهي الإمارات العربية المتحدة، قطعت شوطا كبيرا في هذا المجال ونحن مازلنا نبحث مسألة «نكون أو لا نكون».
إذا جئنا للحديث عن العقبات التي واجهت المشروع سنجد أنها كثيرة، ومنها التأجيلات المستمرة التي تعد السبب الرئيسي في موت برلمان الشباب البحريني، فقد أجل البرلمان 6 مرات حتى الآن.
في المرة الأولى كان من المفترض أن يكون البرلمان في يونيو/ حزيران 2005، ومن ثم أجل إلى نوفمبر 2005، وتوالت التأجيلات إلى يونيو 2006، وهكذا استمر الحال إلى 18 نوفمبر 2006، ومن ثم أجل عاما كاملا إلى فبراير 2007، وآخر موعد حدد في نهاية العام الدراسي (2007-2008)، وذلك عندما كان المشروع في عهدة المؤسسة العامة للشباب والرياضية.
أما العقبة الثانية التي كان من المفترض ألا تكون عقبة في وجه البرلمان، جاءت من قبل الجمعيات الشبابية التي احتجت على المسمى ونزلت بقوائم للمرشحين، وهي مسألة قوبلت برفض من المؤسسة، حتى لا يتم إضفاء صبغة سياسية على المشروع ولكن كانت بعض الجمعيات الشبابية تحضر نفسها للنزول بقوائم. وفيما يتعلق بالمسمى، اعترضت الجمعيات الشبابية منذ بداية المشروع عليه، واعتبرت ذلك مسألة جوهرية وليست شكلية، فيما كنا نعمل كمجموعة شباب مستقلين لتدارك هذه العقبة، فطلبنا من المسئولين في المؤسسة العامة للشباب والرياضة، أن يغيروا الاسم إلى أي مسمى آخر، على رغم اعتقادنا أن هذا الأمر هو شكلي ولن يغير من جوهر المشروع شيئا.
العقبة الثالثة التي واجهتنا هي استمرار التأجيلات، والتي ألقت بظلالها على الكثيرين ممن رشحوا أنفسهم، حيث تراجعوا عن الترشح حتى وصل العدد إلى 157 من أصل 361 مترشحا، وعندما أعلن عن موعد آخر لانتخابات برلمان الشباب البحريني أصبحوا خارج الفئة العمرية المحددة.
ما يؤسفني حقا أن الذين خرجوا من الفئة العمرية المحددة هم أساس تكوين هذا المشروع، فقد كانوا يعملون عليه ليلا ونهارا وشاركوا في ورشات عمل تحضيرية وهيأوا أنفسهم للانتخابات الشبابية، ولكن جاءت التأجيلات لتغير تركيبة المترشحين.
دوافع التأجيل
ما هي الأسباب التي تعتقد أنها كانت وراء التأجيلات المستمرة لبرلمان الشباب؟
- العقبات جاءت من الجمعيات الشبابية، ولكن كان بإمكان المسئولين النأي بهذا المشروع عن التأجيلات المستمرة، غير أنه اتضح لنا أنه لا يوجد توجه لإقامة هذا البرلمان وكأنهم أرادوا قتل المشروع بالتأجيلات المستمرة، على رغم أن جميع الإمكانات كانت متاحة لتفعيله، بدءا من الموازنة البالغة مليونا و50 ألف دينار (50 ألف دينار تدفعها السفارة البريطانية ومليون دينار كلفة الانتخابات تتحملها الحكومة)، والتي تم رصدها في يونيو 2006، ولا نعلم هل تسلمت المؤسسة العامة المبلغ المحدد من السفارة والحكومة لهذا المشروع أم لا.
باعتقادي أن ما قامت به الجمعيات الشبابية بالتحضير للنزول بقوائم، جعل المسئولين يتخوفون من الموضوعات التي سيتم طرحها في برلمان الشباب البحريني، هل هي سياسية أم خاصة بفئة الشباب؟ ونحن نؤكد أننا كشباب مستقلين لم نكن ننوي مناقشة الموضوعات السياسية كالتجنيس أو البطالة، بل كنا نفكر في الأمور التي تدعم الشباب البحريني.
خطاب العاهل
كيف استقبلتم خطاب جلالة الملك الموجه إليكم بشأن برلمان الشباب؟
- جاء خطاب جلالة الملك في وقت كان الإحباط مسيطرا على فئة كبيرة من الشباب، سواء المترشحين أو المراقبين للمشروع، ما أعطانا تفاؤلا كبيرا بأن المسئولين سيلتفتون لقول العاهل إن تجربة برلمان الشباب البحريني ينبغي أن تشجع وتمد بالتفاؤل والأمل.
من بعد هذا الخطاب عادت الروح والتفاؤل للشباب، وبتنا نشعر أن المسئولين سيترجمون التطلعات الملكية بشأن هذا المشروع على أرض الواقع، ولكن تبين لنا العكس، وهنا لا أعني القائمين على المشروع، فلا نعلم من هي الأيدي التي تعوق البرلمان الشبابي.
ما الأثر الذي خلفه تأجيل برلمان الشباب على بعض المشروعات الشبابية؟
- التأجيلات جاءت بمثابة داء انتقل إلى مقترح المجلس البلدي الشبابي الذي كان مجلس بلدي المنطقة الشمالية سيتصدى لتنفيذه، بناء على مقترح من قبل الشباب وأعضاء المجلس، وهو مشروع لو تحقق وتم في إزائه تفعيل برلمان الشباب، لكانت البحرين مضربا للأمثال في التمكين السياسي للشباب بالنسبة الدول الأخرى.
نقل المشروع خطأ
أين وصل برلمان الشباب كفكرة كانت مطروحة للتطبيق؟
- المشروع الآن في عهدة معهد البحرين للتنمية السياسية، وباعتقادي الشخصي أن أكبر خطأ اتخذ بحق هذا المشروع هو نقله إلى المعهد من دون أية ضمانات أو تفكير، فقد جاءت الفكرة بصورة سريعة ومفاجئة، ولم نكن قادرين على تدارك عملية النقل التي تمت.
وأرى أن المشروع انبثق أساسا من المؤسسة العامة للشباب والرياضة، وهي الأحق بتنفيذه، فهي الجهة الرسمية الوحيدة الملمة بجميع حيثياته وتفاصيله.
ولماذا تعتقد أن نقل المشروع كان خطأ؟
- اتضح لنا أن هناك فرقا كبيرا بين وجود المشروع في عهدة المؤسسة العامة والآن لدى معهد التنمية السياسية، ففي فترة التأجيلات كنا نحصل على معلومات متواصلة من المؤسسة عن هذا المشروع، ولكن الآن لا نعرف شيئا عن مصيره بعد أن تم نقله.
المؤسسة العامة وفرت لهذا المشروع الكثير من الإمكانات، كإرسالها للوفود للتعرف على التجارب الخارجية في دول كبريطانيا وقطر، وإقامة الورش التعريفية والتحضيرية.
ماذا تقول في نهاية هذا اللقاء؟
- بعد كل ما مر به برلمان الشباب البحريني، تبقى لنا باب واحد وهو مناشدة عاهل البلاد التدخل لإنصاف الشباب وتوجيه المسئولين لتفعيل برلمان الشباب البحريني الذي يهم شريحة كبيرة من هذا المجتمع الفتي.
كما نطالب بإرجاع المشروع إلى عهدة المؤسسة العامة للشباب والرياضة لأنها الجهة الرسمية الوحيدة القادرة على إخراجه إلى النور
العدد 2333 - السبت 24 يناير 2009م الموافق 27 محرم 1430هـ