أكد منسق وعضو اللجنة التنفيذية لشبكة الإعلاميين الديمقراطيين في العالم العربي علي أبوزعكوك أن هناك قناعة تامة في الوطن العربي بأن التحول الديمقراطي لا يتحقق في غياب إعلام حقيقي وموضوعي، وقال: «هناك توق ورغبة لدى شعوب المنطقة لإيجاد مجتمعات تتمتع بالحرية والكرامة، وبالحكم الرشيد، وهناك قناعة لدى النشطاء من أجل الإصلاح والتغيير، إلا أن هذا الأمر لا يمكن أن يتحقق إلا بتوافر الشروط الأساسية للحوكمة وهي الكرامة ممثلة بحرية الإنسان على كل الأصعدة، الفكرية والعقدية والسياسية، وضمان حقوق الإنسان الأساسية».
جاء ذلك خلال افتتاح ورشة العمل الثانية للإعلاميين في كل من البحرين وبعض دول الخليج التي بدأت مساء أمس (السبت) وتستمر حتى اليوم الأحد، وتنظمها شبكة الديمقراطيين في العالم العربي بالتعاون مع صحيفة «الوسط».
وقال أبو زعكوك: «هناك توق ورغبة لدى شعوب المنطقة لإيجاد مجتمعات تتمتع بالحرية والكرامة، وبالحكم الرشيد، وهناك قناعة لدى النشطاء من أجل الإصلاح والتغيير، إلا أن هذا الأمر لا يمكن أن يتحقق إلا بتوفر الشروط الأساسية للحوكمة وهي الكرامة ممثلة بحرية الإنسان على كل الأصعدة، الفكرية والعقيدية والسياسية، وضمان حقوق الإنسان الأساسية».
وتابع: «الشروط الأخرى تتمثل في الدستور الذي تعده الأمة وتقره، وفصل السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، والعدل ممثلا بسيادة القانون واستقلال القضاء والمساواة بين المواطنين، وانتشار ثقافة الشفافية في إدارة المؤسسات العامة، التي توجد مناعة ضد الرشوة والفساد، وتكريم الإنسان وتقرير وضمان حقوقه الأساسية، ووجود إعلام حر قادر على القيام بدوره في تفعيل السلطة الرابعة التي تقوم بمتابعة ورقابة السلطات الثلاثة والمؤسسات والشخصيات العامة».
وأشار أبوزعكوك إلى أن الكثير من القوانين الموجودة تقيد حرية الصحافي وتشلها، بل وتخضع العاملين في مجالات الإعلام لعقوبات سالبة للحرية وللإبداع، مبينا أن الإعلاميين يشتغلون كأفراد ومؤسسات معزولة عن بعضها، فلا يتبادلون الخبرات فيما بينهم، وأن الشباب منهم في حاجة إلى رعاية وإلى توفير البرامج التي تعينهم على الرفع من مهاراتهم وقدراتهم التي تسمح لهم بأن يكونوا فاعلين في مجال التوعية السياسية ونشر الثقافة الديمقراطية في مجتمعاتهم.
وقال: «من هنا بادرت شبكة الديمقراطيين في العالم العربي على إيجاد هذا المشروع الذي يسعى إلى تكوين «شبكة للإعلاميين» تكون إحدى الهيئات المنبثقة عنها. وتسعى الشبكة لتدريب عدد من الإعلاميين من بعض دول شمال إفريقيا (الجزائر وتونس وليبيا) ومن بلدان في المشرق العربي (البحرين ودول الخليج، ومن مصر والأردن وسورية)، بغرض تدريب مئة إعلامي ضمن هذه الشبكة». وتابع «ستعمل هذه الشبكة على تبادل الخبرات فيما يتعلق بالحريات الإعلامية، كما ستقوم بتنظيم دورات للإعلاميين في مجال التشبيك، وتزويدهم بالمهارات التي يحتاجونها فيما يتعلق برصد انتهاكات حقوق الإنسان وآليات الحماية الدولية للنشطاء، وتعريفهم بالمنظمات الدولية والإقليمية التي تهتم بالإعلاميين وتقوم بمساندة قضاياهم».
وأوضح أبوزعكوك أن هذه الشبكة ستقدم، ومن خلال شبكة الديمقراطيين في العالم العربي، آلية لرفع كفاءة ومهارة الإعلاميين المدعوين، وبذلك فالشبكة تعمل على تهيئة 100 مراقب لعمل وأداء الحكومات العربية بشكل أساسي فيما يتعلق بالحريات، كما سيقوم الأعضاء الآخرون في الشبكة برصد الحريات في بلدانهم بشكل أفضل، وخصوصا أن المشكلة الأكبر التي تواجه منظمات المجتمع المدني في كل المنتديات الموازية التي تم عقدها هي في كيفية مراقبة أداء الحكومات، وكيفية تمكين المجتمع المدني في مواجهة الضغط المنظم التي تمارسه الحكومات العربية وخاصة فيما يتعلق بالإعلام.
وأضاف «تبرز أهمية هذا المشروع بشكل أكبر بعد الميثاق الذي تم إقراره من قبل وزراء الإعلام العرب لمراقبة وسائل الإعلام في كل البلدان العربية، وخلق سلطة رقابة موحدة في كل الدول، وهو أمر يستدعي تعاونا مماثلا من قبل النشطاء والإعلاميين في الدول العربية، لمواجهة الضغط الحكومي والتصدي لفرض المزيد من القيود عليه».
وأشار أبوزعكوك إلى أنه من المؤمل بعد إتمام البرامج التدريبية التي تم بدئها بورشة الجزائر، أن تتلو ورشة البحرين ورشة التدريب الخاصة بالإعلاميين في القاهرة، ثم سيتلوها ورشة التدريب للإعلاميين من الأردن وسورية، وبعدها عقد مؤتمر تأسيسي لإنشاء شبكة الإعلاميين الديمقراطيين والمتوقع عقده في الأردن في شهر أبريل/ نيسان المقبل.
وفي كلمته الافتتاحية، أكد رئيس تحرير صحيفة «الوسط» منصور الجمري أن ورشة العمل تهدف لخلق نوع من التفاهم والتعاون بين 100 شخصية إعلامية، وأن صحيفة «الوسط» تسعى من خلال هذه الورشة لأن تكون قاعدة ووجهة نظر تمثل إرادة الوسط الإعلامي.
وقال: «الصحافة والإعلام أوكسجين السياسة، ومثلما لا يستطيع الإنسان أن يعيش من دون أوكسجين، فالصحافة تعتبر الأوكسجين الذي يوفر للجسد السياسي حياته».
وأضاف «نأمل أن نخرج من هذه الورشة بإرادة مشتركة من خلال الأفكار المتداولة بين الرفقاء المتساوين في التوجهات الفكرية، والذين يحرصون على سمعة مهنة الصحافة في الدول العربية».
أما رئيس مركز الإسلام والديمقراطية في واشنطن رضوان المصمودي فأشار إلى أن العالم العربي يعاني من معضلة الاستبداد منذ قرون طويلة وهو هم يجتمع فيه كل العرب والمسلمين، مؤكدا الحاجة للإصلاح السياسي وأنه مازال في العالم الإسلامي من يناقش ما إذا كانت هناك حاجة للديمقراطية أم لا، مشيرا إلى الدراسة الإحصائية التي قامت بها شركة «غالوب» عن الديمقراطية، والتي بينت أن أكثر من 85 في المئة أكدوا أن الديمقراطية أفضل نظام سياسي، والبقية أبدوا عدم قناعتهم بأن الديمقراطية أفضل نظام، فيما أكد 50 في المئة منهم أن الشريعة يجب أن تكون مصدر التشريع الوحيد، و35 في المئة منهم طالبوا بأن تكون الشريعة مصدر التشريع، و15 في المئة منهم رأوا أنه ليس من المهم أن تكون الشريعة مصدرا للتشريع.
وقال المصمودي: «المفكرون العرب والإسلاميون لم يطوروا فهما يجمع بين الشريعة والديمقراطية، وعلى رغم أن الشعوب يريدون الشريعة والديمقراطية، إلا أن علماء الدين والسياسة مازالوا مترددين بين الشريعة والديمقراطية».
وأضاف «إذا فهمنا الإسلام فهما مرنا يصبح هناك تناقض بين مفاهيم الشريعة، ولكن الشريعة أغلبها آراء أشخاص وقابلة للتغيير بحسب الظروف والمكان والزمان، وليس بالأمر الغريب أن يفهم النص نفسه في إطار الظروف. كما أن هناك قابلية للإسلام للتجديد والاجتهاد، ولكن حين نأخذ فهما لا يقبل المرونة يصبح هناك تعارض بين الإسلام والديمقراطية».
وأشار المصمودي إلى أن مركز الإسلام والديمقراطية كان يقيم ندوات ومؤتمرات لدراسة العلاقة بين الإسلام والديمقراطية، إضافة إلى العمل على محاولة التأثير في السياسة الخارجية للولايات المتحدة ومحاولة توعية الشعب الأميركي بالإسلام، وذلك بسبب الجهل الكبير لحقيقة الإسلام في الولايات المتحدة، وكذلك التدريب على الإسلام والديمقراطية، وتأسيس شبكة الإعلاميين الديمقراطيين.
وأكد المصمودي ضرورة أن يكون هناك تعاون دقيق بين الإسلاميين والعلمانيين، لافتا إلى أن المركز يعمل على تحقيق هذا التعاون ويحاول دراسة آلية التحول والبناء الديمقراطي، الذي يجمع بين أخلاقنا وديمقراطيتنا، مؤكدا دور الإعلاميين في ذلك باعتبارهم من يتولون نشر الأفكار والوعي بين الناس.
قال الأمين العام للجمعية البحرينية لحقوق الإنسان عبدالله الدرازي إنه من المهم جدا أن تكون هناك شبكة للإعلاميين العرب، لأن هؤلاء الإعلاميين في النهاية هم الذين يحملون رسالة واحدة لتعزيز الديمقراطية، فالكلمة مهمة جدا لأن القارئ يثق في الإعلاميين وخاصة في الإعلام المقروء، لأنهم يحملون رسالة هادفة في مختلف الأصعدة السياسية والثقافية والاجتماعية. مضيفا أن خلق شبكة من الإعلاميين للوصول أيضا إلى شكل من مواثيق الشرف، واحترام نشر الديمقراطية هو هدف أسمى، لأنه من الملاحظ أن الإعلام لا يعتمد على المكتوب منه فقط، بل هناك القنوات الفضائية، والمواقع الالكترونية، وهي مساحة أوسع واكبر من الإعلام المقروء، وهنا تكمن المسئولية لاحترام الرأي واحترام الري الآخر.
وأردف الدرازي «نحن كجمعية نرحب بندوة تحمل مثل هذا العنوان، لأن الصحافة لها دور كبير في الرصد والتوثيق، لما تحمله هذه الصحافة من دور كبير باعتبارها السلطة الرابعة، ويجب أن تقوم بدورها الكامل، ويجب أن تتحلى بالديمقراطية في إيصال الكلمة الصادقة إلى القراء، لأن ما نراه الآن من الصحف الصفراء التي تنشر السموم وليس الديمقراطية وتصنيف المجتمع طائفيا وعرقيا وقبليا يحتاج إلى المزيد من بذل الجهد».
وأبدى الدرازي أسفه من الإقدام مؤخرا في غلق المواقع الالكترونية، معتبرا ذلك تضيقا على الحريات العامة، وحدا من حرية التعبير، ولافتا إلى أن إغلاق المواقع الإلكترونية مؤخرا مخالف للمواثيق الدستورية المحلية والدولية والمادة 21 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان تشير إلى ذلك، كما أن إغلاق هذه المواقع سيؤثر على سمعة البحرين.
وقال الدرازي إن عقد ورش العمل بمثل هذا المضمون وبحضور صحافيين متميزين على مستوى الخليج وما يمثلونه من خبرات في العمل الحقوقي والاجتماعي سيكون له دور كبير في تعزيز الديمقراطية في العمل الصحافي، خاصة عند الحديث عن عملية التشبيك سواء على المستوى الخليجي أو العربي، كما أن ذلك سيعزز من المسئولية، متمنيا أن تخرج جلسات الورشة بتوصيات قابلة للتحقيق، بعيدة عن الأحلام الكبيرة لتتلمس الواقع المحلي والإقليمي والعربي، لأن إيصال المعلومات والأفكار إلى القارئ العربي من الناحية الفكرية يحتاج إلى صحافة جادة وهذا ما نطمح إليه من خلال مثل هذه الورش العملية.
قالت الإعلامية السعودية سمر المقرن إن مشكلة الديمقراطية في الإعلام العربي تحتاج إلى وقفة تأمل ودراسة، مشيرة في حديثها لـ «الوسط» إلى أن المرأة في الصحافة السعودية ساهمت في تكريس الوضع القائم حاليا دون تغيير، مضيفة: «في تصوري أن الصحافية السعودية كان لها دور في وضع نفسها في طرف السلم، وكان أقصى طموحها أن تصل إلى رئاسة قسم نسائي في الإعلام المحلي، صحيح أن هناك مناصب قد تقلدتها المرأة عندنا في الإعلام لكنها كانت للأسف صورية وغير مقنعة، كما أن قبولها لهذا الوضع ساهم في استمرار هذه الظاهرة وتكريسها».
وعن تجربتها الخاصة قالت المقرن: «عن نفسي رفضت أن يتم التعامل مع المرأة في الترقيات بشكل صوري أو منقوص، وقد تم اختياري فعلا لرئاسة قسم المجتمع في إحدى الصحف وكنت مشرفة على أربع صفحات فيها، وكان القسم خليطا من الرجال والنساء، وأنا اعتبر أن هذه التجربة كانت البادرة الأولى من نوعها، حيث أنني اعتقد أن العمل الإعلامي يجب أن يكون أكثر شمولا وأوسع أفقا من التعامل مع المرأة، ولابد على المجتمع أن يثق في أن المرأة قادرة على أن تصل إلى أي موقع إعلامي من خلال مثابرتها وإثباتها جدارتها».
وأضافت «أعتقد أن مشكلة الديمقراطية الإعلامية عندنا يتحمل الصحفيون فيها جزءا من المسئولية، لأن ثقافتنا الإعلامية اليوم قائمة على ثقافة الشكوى أكثر من أي أمر آخر، وإذا ما أردنا التغيير فيجب أن نبتعد عن التباكي ونعمل بشكل عملي على خلق جيل يؤمن بالديمقراطية ولا يعتبرها ترفا، بل حاجة ملحة يحتاجها الإعلامي قبل أية جهة أخرى
العدد 2333 - السبت 24 يناير 2009م الموافق 27 محرم 1430هـ