التوازن في الطرح يعتبر من أكبر التحديات التي تواجه الصحافة المستقلة، وهذا ما واجهناه عندما قررت هيئة التحرير تغطية ندوة التمييز التي نظمها مركز البحرين لحقوق الإنسان مساء الخميس الماضي.
مراسل «الوسط» ومن يسانده في المكتب والمصور ومسئول التحرير كانوا قد اخروا الصفحة التي تقرر نشر تفاصيل الندوة فيها حتى وقت متأخر من المساء. التغطيات كانت متواصلة واكتملت مع العاشرة والنصف عندما تم تفريغ محتوى الرسالة الصوتية الواردة من موقع الندوة. بعد ذلك اتصل اثنان من المحررين الموجودين في الندوة ليبلغا المحرر المسئول بأن تطورا مهما حصل في الندوة، وان شعرا القي امام الحضور وهتافات وخطابا حماسيا خارج إطار الندوة.
الموقف كان صعبا بالنسبة إلينا، فهل ننحرف عن المحتوى الاساسي للندوة الذي تم تغطيته - قدر الامكان - لايصال الرسالة التي سعى منظمو الندوة ارسالها إلى من يعنيه الامر من دون الاخلال بالضوابط المهنية ومن دون الدخول في امور قد تقلب الموضوع الى شيء آخر!. فنحن صحيفة وطنية مستقلة ولكننا لسنا منظرين اكاديميين او رافعي شعارات ثورية. ولذلك حرصنا على الرجوع الى المصدر الاساسي وكان توجهنا بالدرجة الاولى عكس وجهة نظر مركز البحرين لحقوق الانسان.
رئيس المركز عزيز أبل كان مستاء جدا واخبرنا بانه تعرض للاهانة من قبل بعض الجمهور الذين وصفوه بأوصاف معينة، لانه اعترض على حرف محتوى الندوة الى شأن آخر يختلف تماما عما اراده المركز. وهذا ما أكده في المقابلة التي نشرتها «الوسط» أمس عندما اشار الى استيائه الشديد مما حدث.
الخطاب السياسي بدأ في التشتت أخيرا وهذا مايهدد المكتسبات التي حصل عليها الشعب خلال السنتين الماضيتين. ولو رجعنا الى نهاية الثلاثينات ومن ثم الاربعينات والخمسينات من القرن الماضي لوجدنا الخطاب أكثر اتساقا مع المرحلة. ربما لان الذين تسلموا قيادة التحرك كانوا مميزين واستطاعوا تأسيس اهم الاندية انذاك مثل نادي البحرين في 1937 ونادي العروبة والنادي الاهلي في 1939، الخ. كما شهدت تلك الفترة ريادة البحرين للعمل الصحافي على مستوى الخليج عندما أصدر المرحوم عبد الله الزايد «جريدة البحرين» في الفترة ما بين 1939 و1944.
المؤسف ان البعض استغل ماحدث للهجوم على العمل الحقوقي الذي قدمه مركز البحرين لحقوق الانسان، وأسوأ من ذلك قام بمهاجمة نادي العروبة، هذا الصرح الوطني المهم الذي ساهم منذ تأسيسه في العام 1939 في رفد الحركتين الثقافية والسياسية بشخصيات مرموقة على مر السنين.
لقد كان من الاجدر حصر المشكلة في نطاقها وعدم التهجم على كل شيء، فكما أن حرف الندوة عن مسارها الاساسي كان عملا غير صحيح كذلك الامر ذاته في التهجم على نادي العروبة والمركز معا
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 409 - الأحد 19 أكتوبر 2003م الموافق 22 شعبان 1424هـ