العدد 408 - السبت 18 أكتوبر 2003م الموافق 21 شعبان 1424هـ

الدراز فعلتها للمرة الأولى

تجربة أول زواج جماعي «نسائي»

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

كذا يكون التغلب على التقاليد الاجتماعية المعوّقة لحياة البشر. الفكرة لم تكن جديدة، إذ لابد انها مرت على عقول كثيرة وهي ترى الاحتفالات بالزواجات الجماعية، وزيادة إقبال الرجال ومشاركتهم عاما بعد عام، مع كل ما يرافقها من حضور جماهيري كبير أينما عقدت. في الدراز نفسها حين نظمت أول حفل زواج جماعي شارك فيه من الرجال سبعة فقط، بينما هذا العام نظم الصندوق الخيري حفلين، أحدهما في منتصف شهر يوليو/تموز الماضي، والآخر منتصف الشهر الجاري، وتحديدا مساء الخميس الماضي، بلغ مجموع المشاركين فيهما 130 مشاركا، بزيادة مضاعفة عشرات المرات.

وأقول إن الفكرة لابد انها دارت من قبل في عدد من العقول، وهو ما سمعته من الشيخ السلاطنة أثناء الاحتفال بالزواج الجماعي الذي نظمه صندوق النعيم الخيري هذا العام، قبل عدة أشهر. حينها والرجل يحدثني عن تلك الأمنية برزت أمام مخيلتي الصعاب المحتملة كالجبال، وأكبرها كيف تقنع الفتاة المقبلة على «ليلة العمر» بكل خصوصيتها وزهوها وبهرجها، فتقبل بأن تكون عروسا بين عرائس أخريات يجلسن على المنصة ذاتها، ويتلقين التهاني من المدعوات في القاعة نفسها.

كنت أتخيل أن لو طرحت الفكرة فانها لن تلقى قبولا من المجتمع، كأي فكرة جديدة وجميلة وهادفة، كما هو معتاد. ولكن ما سمعته لدى الحديث مع عدد من المسئولين في صندوق الدراز الخيري ان هناك استقبالا إيجابيا ومشجعا جدا، وأبدى الكثيرون استعدادهم للمساعدة في إنجاحه، وبعضهم من أصحاب المناصب الكبيرة، من مسئولين ومديرين ومهندسين وأصحاب أعمال حرة... كما كشف الحديث عن أن هناك من يحمل الفكرة المستحيلة على ظهره، ويصعد بها إلى قمة الجبل، و من هناك يصيح بالناس: «هكذا فليفعل أصحاب الهمم العالية».

هذه النوعية من الناس لا تتعامى عن وعورة الدرب ولا تتجاهل الصعاب، وانما تفكر في تفتيت الصخور وإزالتها من الطريق، ليأتي من يأتي على دربٍ ممهد، لا تتعثر فيه الخطى ولا تزل فيه الأقدام.

المشروع في طوره الجنيني الأول، والنتيجة حتى الآن مشجعة جدا، ففي أول دعوة خيّرة للزواج الجماعي النسائي تقبّلت خمس فتيات من بنات البحرين، وشاركن في هذا الحفل الرائد، الذي سيبدأ به تغيّر مهم في النظرة السائدة لما يجب أن تكون عليه «ليلة العمر»، وهو ما سيحسب لهن شخصيا، كمبادرات لحمل المشعل والسير وسط طريق جديد مضيء.

الطرف الآخر الذي يجب التنويه به هو اللجنة النسائية بصندوق الدراز الخيري، التي أشرفت على ترتيبات هذا الزواج الأول من نوعه، وتوفير مستلزماته، في إطار هدف واضح يسعى إلى توطيد الروابط الاجتماعية وخلق أجواء من الألفة والتعاون على البر وإشاعة روح المحبة بين أفراد المجتمع، فضلا عن تقليص النفقات التي تقف اليوم عقبة كأداء في وجه مئات الشباب والشابات من أبناء هذا الوطن العزيز في مستهل حياتهم الجديدة، فيضطرون إلى الاستدانة والارتهان للمصارف الربوية، والغرق في مستنقع الديون التي تستنزف الجيوب وتطرد الراحة والطمأنينة النفسية من تلك البيوت التي حلت الديون بفنائها كالغربان السود الناعقة مطلع كل شهر.

مشروع رائد، يشكر عليه الصندوق الخيري الذي قبل الدخول في هذه المغامرة بروح الشجعان، كما تشكر عليه اللجنة النسائية الرائدة التي تحملت أعباء الترتيبات لهذه التجربة الرائدة، التي ستفتح الطريق للجان نسائية أخرى لانتزاع المبادرة من أيدي الرجال والقيام بشئون العرائس بما يرضيهن عن هذه الليلة الخاصة في العمر، بحيث لا ترى فارقا مهما يدفع للتمسك بالزواج الفردي في وقت يتوافر فيه بديل آخر وأفضل وأجمل وأكثر حيوية ومشاركة اجتماعية من هذا القبيل.

كلمة أخيرة للفتيات الخمس الرائدات، اللاتي حملن المشعل، وقبلن السير في هذا الطريق لأول مرة، فعلى ضوء مشاركتكن سيأتي من بعدكن أعداد أخرى، سيحملن المشاعل ويتحدين التقاليد المكبلة للحركة التي حصرت الزواج بصور البذخ والانفاق الذي لا يقف عند حد

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 408 - السبت 18 أكتوبر 2003م الموافق 21 شعبان 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً