ارتفع عدد وفيات الحوادث المرورية لهذا العام بعد حادث أمس الأول إلى 51 حالة وفاة من 49 حادث وفاة في أقل من عام واحد، وبذلك أصبحت حوادث السير العامل الأول المسبب للوفيات بين البحرينيين بعد أن تزايدت وتيرتها بصورة ملحوظة في السنوات الماضية.
وتشير المعطيات الإحصائية إلى أن معدل الحوادث في الفترة ما بين شهري يناير/كانون الثاني ويوليو/ تموز من هذا العام 2003 بلغ 1106 حوادث للإصابات فقط وبشكل عام أسفرت عن مقتل 46 شخصا من 44 حادث وفاة وإصابة 1895 آخرين، إذ شهدت هذه الفترة زيادة في كل شيء عن العام 2002 الذي بلغ معدل حوادث الإصابات في الفترة نفسها منه 900 حادث، وأسفرت عن مقتل 43 شخصا وإصابة 1601، بزيادة مطردة بين العامين.
الوسط - هاني الفردان
التطلع إلى تحقيق الأمن والسلامة المرورية على الطريق هدف يسعى الجميع الى تحقيقه، وتعتبر الشراكة بين السائق وجهاز المرور شراكة قوية تدعمها كل القوانين والأسس الدولية الرامية إلى حفظ الأمن والسلامة المرورية على الطريق من أجل المحافظة على أرواح الناس. فبالتعاون المستمر بين جميع جهات وفئات المجتمع يكون النجاح المروري قد حقق مآربه ومبتغاه الذي ينشد التوصل إليه. وإن الوصول إلى بر الأمان غاية احترام قواعد وأنظمة المرور.
لكن الكثير من الدراسات المرورية أوضحت أن السرعة الجنونية والتهور وعدم الشعور بالمسئولية من قبل السائق هي من أهم الأسباب وراء وقوع الكثير من الحوادث.
فخلال اليومين الماضيين ذهب ضحية السرعة ثلاثة من شباب البحرين في حادثين وصفا بالمروعين أحدهما وقع على شارع عيسى بن سلمان مساء الأحد الماضي، إذ تشير تفاصيل الحادث إلى أن الشاب كان في سيارة من نوع «كومورو شيفروليه» يسير من الشرق إلى الغرب وصعد الرصيف الأيمن بعد أن فقد السيطرة على السيارة وتدهورت سيارته ثم اصطدم بالشلال المحاذي لمتنزه عين عذاري.
بينما توفي شابان بحرينيان بسبب السرعة إثر اصطدام سيارتهما بنخلة بعد أن فقد السائق السيطرة عليها، وذلك على شارع الفاتح، وبهذا ارتفع عدد وفيات الحوادث المرورية خلال هذا العام ليصل إلى 51 حالة وفاة من أكثر من 53 حادثا تسببت في وفاة. وهذا ما يجعلنا نحاول أن نعالج بعض الظواهر المرورية من خلال وجهة نظر السائقين أنفسهم وبرؤية السائق للمشكلة التي يعاني منها مستشعرين منهم أسباب وقوع هذه الحوادث وطرق علاجها.
أهمية تذكير السائق
يقول سامي أحمد أحد موظفي وزارة الصحة: إن جهود المرور واضحة للعيان لكن الأمر يرجع إلى السائق الذي يجب أن يتعاون بشكل مستمر وصحيح مع المرور، وإن كل يوم يمر علينا نشهد فيه أكثر من حادث مؤدٍ إلى وفاة الكثير من الناس الأبرياء، لذلك فإن الاحتفالات المرورية تذكر السائق دائما بقواعد المرور التي يجب عليه أن يتبعها، كما أنها فرصة سانحة لزيادة التوعية المرورية من قبل جهاز المرور لترسيخ الوعي المروري لدى السائق بكيفية احترام قواعد المرور والالتزام بها.
وأضاف أن الحوادث التي تشهدها المملكة كل يوم أمر خطير يجب أن توضع له كل الحلول لاحتواء هذه الأزمة والتقليل منها، كما أن السائق يشكل ثلثي هذه المهمة، فلو التزم كل سائق بقواعد المرور والإشارات التوعوية لانخفضت الحوادث بنسبة 90 في المئة مما هي عليه الآن، أي أن المسئولية الكبيرة عن الحوادث تقع على عاتق السائق لأنه في غالبية الأحيان يكون هو المتسبب فيها.
السرعة والتهور
من جهة أخرى يؤكد يوسف سلمان نقطة مهمة جدا وقد أغفلها الكثير من السائقين وهي السرعة والتهور اللذان يصاحبان سائقي السيارات دائما وخصوصا فئة الشباب إذ يقول: إن السرعة الجنونية التي تستهوي الشباب هي نوع من ضروب الانتحار المتعمد، وهي في الغالب السبب الرئيسي لوقوع الكثير من الحوادث المرورية المروعة؛ فترى الشباب دائما في استهتار تام وغير مبالين بقواعد أنظمة المرور، فتارة ترى الواحد منهم يسابق الريح مغترا بقوة وسرعة سيارته وغير مبالٍ لما يحدث بعد ذلك، فكثيرا ما تخرج السيارة عن مسارها الصحيح، وكثيرا ما تنفجر الإطارات مسببة في ذلك أبشع الحوادث المرورية، وكثيرا ما تتسبب هذه السرعة الجنونية في مضايقة أصحاب السيارات الأخرى فتؤدي إلى ارتباكهم وربما إلى تدهورهم ووقوع حادث ما، وأردف قائلا: إنه من الملاحظ في الآونة الأخيرة انتشار ظاهرة التسابق بين السيارات في الشارع العام وهي ظاهرة غير صحية من قبل الشباب وذلك لإبراز قدراتهم وفنياتهم العقيمة التي تكون من دون وعي يذكر، ما تؤدي في نهاية المطاف إلى وقوع الكثير من الحوادث المرورية المؤسفة التي قد تودي بحياة مستخدمي الطريق.
إهمال السائق
ولنطرق بابا آخر في هذا الموضوع وهو وجهة نظر السائقات بشأن الأنظمة المرورية والحوادث المرورية التي تشهدها المملكة فيؤكد حسن الديري: ان التمسك بقواعد وأنظمة المرور أمر يجب أن نضع له ألف اعتبار وألف حساب لأن هذه الأنظمة تعني السلامة المرورية للسائق والراكبين معه لأن السائق قد يكون مسئولا عن أرواح قد تزهق بسبب خطأ بسيط قد يرتكبه من دون قصد أو تعمد، ما يؤدي إلى أن أسرا بكاملها قد تفنى أو يتيتّم طفل أو تترمل زوجه وتفقد الأسرة من يعولها.
فبقدر ما يكون السائق منتبها في الطريق تكون السلامة المرورية في الطريق الصحيح، ولكن من الملاحظ دائما أن غالبية السائقين قد يهملون عنصر الانتباه والتركيز أثناء القيادة فتراهم تارة يتحدثون في الهاتف النقال، وتارة يلعبون بالراديو وأجهزة التسجيل، ومرة يتحدثون مع الركاب، ومرة يسرح بهم الخيال إلى البعيد فيفقدون تركيزهم في القيادة، ما يؤدي إلى حدوث كارثة وخيمة لا تحمد عواقبها. أي ان إهمال السائق لمقود السيارة وعدم الانتباه في الطريق ومن دون قصد يؤدي إلى موت أو إصابة الكثير من الناس. لذلك وجب على كل سائق أن يكون منتبها ومركّزا في الشارع دائما.
الانشغال بغير القيادة
القيادة فن وذوق ومهارة وليس كل من حصل على رخصة قيادة يمكن أن نطلق عليه أنه قائد مركبة، بهذا افتتح معنا بدر العبدلي حديثه مشيرا إلى أنه «على رغم وجود بعض سائقي السيارات المهرة فإن بعضهم وللأسف الشديد يستهتر بأسس القيادة السليمة فتارة يعبث بالمذياع أو هاتفه النقال وتارة أخرى يتحدث ويلاعب أطفاله، بل إن الأسوأ من ذلك أن بعض سائقي السيارات تراه يضع طفله الصغير أمامه على المقود واثقا من نفسه ومغترا بالفنيات التي اكتسبها في عالم السيارات.
وأضاف العبدلي ان «انشغال السائق بأشياء أخرى غير القيادة هو من أبرز أسباب الحوادث المرورية، إذ انه قد حدث أخيرا لأحد الأقارب حادث نتيجة انشغاله بالهاتف النقال عندما وصلته رسالة مكتوبة، فانشغل بقراءتها وتفاجأ بانحراف السيارة عن خط سيرها وتدهورت، ولكن الحمد لله خرج سالما من الحادث على رغم الآثار البالغة التي لحقت بالسيارة.
ويوجه العبدلي نصيحة إلى اخوانه قائدي المركبات بعدم الانشغال بأية أشياء أخرى سوى التركيز على الطريق لأن الفرد على رغم ثقته بنفسه فإنه قد يتفاجأ بطارئ ما على الطريق كعبور أحد المشاة أو توقف مفاجئ أو وجود مطبات أو انحراف مفاجئ بالطريق إذ ان كل هذه الأمور تؤدي لا قدر الله إلى وقوع حوادث وخيمة لا تقدر بثمن.
قصة حادث مروع
أما أحد السائقين والذي تعرض لحادث مروري وأصيب إصابات بليغة ورفض ذكر اسمه حدثنا عن تجربته بشيء من الندم والحسرة، وتمنى أنه لم يعش تلك اللحظات وتلك التجربة إذ يقول: إن التجاوز في الشارع العام عند قيادة السيارة أمر خطير ويجب أن يحذر منه الجميع لأن عواقبه وخيمة لا تقدر بثمن ولا تعرف إلا بعد وقوعها ومعايشتها بصورة واقعية، فالتجاوز غير المسموح من وجهة نظري الآن موت وانتحار وهلاك للنفس الإنسانية، فقد كنت في يوم من الأيام أقود سيارتي بسرعة جنونية وتفاجأت بسيارة أمامي ملتزمة بنظام السرعة في الشارع، وأنا أقود السيارة بسرعة كبيرة وكنت حينها أشعر بالقوة وأنا أتجاوزها معتبرا أن سيارتي أفضل سيارة، وعند منحنى غير مسموح التجاوز فيه كانت أمامي ثلاث سيارات فأخذتني العزة والغرور مرة ثانية وضغطت على البنزين فانطلقت السيارة كالصاروخ الذي يسابق الريح فرأيت سيارة أمامي وجها لوجه، فما كان لي غير أن انحرف عن الشارع واصطدم في المحال الموجودة على جانب الطريق أو أن اصطدم بهذه السيارة، فاصطدمت بالسيارة التي كانت أمامي.
وبعد أن تنفس هذا السائق الصعداء أضاف «وبعد الاصطدام لم أعلم في أي عالم أنا، وبعد أن استيقظت من غيبوبتي بعد عشرة أيام رأيت نفسي مصابا إصابات خطيرة جدا، وعندما سألت عن صديقي الذي كان معي في السيارة قيل لي انه توفي مباشرة على اثر الحادث وهو أغلى صديق عندي في هذه الحياة، فلم أصدق الأمر، ولقد زاد الطين بلة عندما علمت ان اثنين من أصحاب السيارة التي اصطدمت بها قد توفيا وآخر لديه إصابات بليغة».
وقال «أنا الآن نادم على كل شيء وألتزم بقواعد المرور وأدعو السائقين إلى عدم التهور والسرعة والتجاوز في المكان غير المسموح به لأن أرواح الناس ليست لعبة في أيدينا نحن السائقين».
العامل الأول
المتسبب في الوفيات
أصبحت حوادث السير العامل الأول المسبب للوفيات بين البحرينيين بعد ان تزايدت وتيرتها بصورة ملحوظة خلال السنوات الماضية. وتشير المعطيات الإحصائية إلى ان معدل الحوادث خلال الفترة ما بين شهر يناير/ كانون الثاني حتى يوليو/ تموز من هذا العام 2003 بلغ 1106 حوادث للإصابات فقط وبشكل عام أسفرت عن مقتل 46 شخصا من 44 حادث وفاة وإصابة 1895 آخرين، إذ شهدت هذه الفترة زيادة في كل شيء عن العام 2002 الذي بلغت معدل حوادث الإصابات في الفترة نفسها 900 حادث، وأسفر عن مقتل 43 شخصا وإصابة 1601 آخرين، بزيادة مطردة بين العامين، إذ بلغ عدد الحوادث «294» وعدد المتوفين «3» وعدد حوادث الوفيات «10» وعدد المصابين «267».
وأكد مدير إدارة شئون المرور العقيد خالد العبسي «ان السبب الرئيسي للكثير من الحوادث التي وقعت على شوارع المملكة كلها كانت تنصب في السلوك الإنساني وبشكل عام سلوك السائق غير المنضبط الذي يشكل ما نسبته أكثر من 90 في المئة من أسباب الحوادث المرورية مع غياب الالتزام بالسرعات المحددة للشوارع من قبل بعض قليلي الخبرة من السواق أدّت وبشكل ملحوظ إلى زيادة عدد الحوادث، وغياب الصيانة الدورية للسيارات والمركبات، إذ يغلب استخدام الإطارات المستعملة في الطرقات الطويلة والحمولات الزائدة غير القانونية، وان كثيرا من الحوادث تكون بسبب انفجار الإطارات أثناء السرعة الزائدة في الخطوط الطويلة».
ويرى العبسي ان «ارتفاع وانخفاض نسبة الحوادث مسألة متذبذبة فترتفع في شهر وتنخفض في آخر فقد شهد شهر مايو/ أيار مؤشرات إيجابية في انخفاض عدد الوفيات».
وقال: «إنه من خلال الحملات المرورية المستمرة لتوعية السواق ومستخدمي الطريق وتوزيع الدوريات ووحدات السلامة على الطريق على محافظات المملكة، تم التماس شيء من مؤشرات تدني نسبة الحوادث مع بداية شهر أغسطس/ آب التي بدأت فيها حملة الضبط».
مؤكدا انه في نهاية العام يمكن أن يحكم على ما تقوم به الإدارة العامة من إجراءات توعوية وحملات، وذلك من خلال قراءة الاحصاءات والأرقام والمؤشرات المرورية.
وقد توقعت الباحثة في مركز دراسات المواصلات والطرق ريم أكبري زيادة مطردة في عدد الوفيات الناتجة عن الحوادث المرورية لهذا العام بنسبة لا تقل عن 10 إلى 15 في المئة «مع تفاؤلها»، وذلك بعد ان شهدت شوارع البحرين في الأيام الماضية ارتفاع نسبة الوفيات
العدد 407 - الجمعة 17 أكتوبر 2003م الموافق 20 شعبان 1424هـ