مشكلات الوزارات البحرينية تكاد تكون كلها واحدة كما أن تصريحات المسئولين فيها كذلك. لا ترى وزيرا إلا ويصرخ بملء الفم صرخة ميكروفونية: «نحن سنسعى إلى الشفافية ومحاربة الفساد وبحرنة الوظائف...». ولا يوجد وزير أو مدير أو وكيل إلا ويحفظ هذه العبارات عن ظهر قلب، ولكن إذا جئنا على مستوى الواقع تذوب تلك التصريحات. فالصدقية تضعف وتكاد تتلاشى عندما تقرأ الأرقام وتتلمس الوثائق فتقول مذعورا: أين نحن؟ إلى أين نحن سائرون؟ لماذا كل هذه الأخطاء؟ وهنا ينقدح سؤال علمي ملح: من المسئول عن كل هذه الظواهر الخطيرة والنائمة تحت جلد هذه المؤسسات؟ حدث فساد هنا وهناك ولم نر تغييرا... لماذا يلجأ بعض المسئولين في الوزارات إلى التستر وانهاء بعض القضايا - سلميا تحت حجة الخوف من الفضيحة؟
وعن العالم العربي يبقى السؤال: من يدفع فاتورة السرقات والتجاوزات؟ هل هم فقط من يحرقون في اتون الحروب؟ كثيرون هم الذين امتلأت كروشهم مالا على حساب الفقراء، وكبرت أرصدتهم وازدادت معدلات الهموم والمشكلات فكانت وبالا على الناس.
فعلى مستوى العالم العربي الاحصائية تقول: يوجد عشرون مليون عربي عاطل عن العمل، وهناك واحد من كل خمسة عرب يقل دخله عن دولارين في اليوم، وهناك سبعون مليون من العرب لا يقرأون ولا يكتبون.
ودول العرب تزداد أجنبة «وخبراء أجانب» ويزداد الغرب خبراء عرب فعدد الخبراء العرب الذين هاجروا إلى الدول الغربية خلال العام 2000م وحده يزيد على ثمانمئة ألف عربي من الخبراء والعلماء. ويتساءل المرء قائلا: غريب هذا الوطن العربي، فكيف يهرب منه أبناؤه في الوقت الذي يزداد فيه الأجانب ويتضخمون بالامتيازات والاحتضان؟
المشكلة عادة تقع على المواطنين، فعندما تطالب مثلا وزارة رفع مستوى الكادر الوظيفي أو ضخ مزيد من الموازنة لتثبيت هؤلاء المواطنين وما يعانونه من عقود مؤقتة تفاجأ بكلمة قديمة تتكرر على لسان كل المسئولين «نحن نعاني من عجز» أو «الموازنة السنوية المرصودة غير كافية».
هذه المبررات غير مقنعة، فكثير من أموال الموازنة تهدر على رواتب الأجانب وعلاواتهم الذهبية، فلماذا الموازنة تتحمل مزيدا من ضغوط المشروعات الترفيهية والتبذيرات الإعلامية وهدر الأموال على قضايا شكلية لكنها لا تتحمل عندما تصل إلى مطالب تعديل الكوادر الوظيفية أو تثبيت المواطنين؟ انها مفارقة عجيبة!
وعلى ذكر بحرنة الوظائف تفاجأت بالأمس من العدد الهائل ومن نسبة السكرتيرات الأجنبيات في القطاع الحكومي على رغم وجود أعداد كبيرة من البحرينيات مازلن عاطلات يحملن ذات التخصص. لا أعلم ما هو تفسير مثل هذه الظواهر؟ وسأكتب لاحقا عن الإشكال ذاته وتورط احدى مؤسساتنا الرسمية في ذلك.
أما مسألة الكادر الوظيفي في معهد البحرين للتدريب فسنناقشها صحافيا أيضا لنصور حجم المشكلة ونتمنى على مدير المعهد محمد درباس أن يفصح للصحافة عن الكادر الوظيفي للموظفين في المعهد، وعما يحصل عليه الموظف البحريني سواء أكان إداريا أم معلما من راتب والفارق بين رواتب الأجانب والمواطنين في المعهد. كما سيكون هناك حديث عن إشكالية المحسوبية في التوظيف في مقال خاص وعن أزمات لجان التوظيف سواء في هذه المؤسسة أو تلك
إقرأ أيضا لـ "هاني فحص"العدد 406 - الخميس 16 أكتوبر 2003م الموافق 19 شعبان 1424هـ