مساء أمس الأول أعلن رئيس الوفد الليبي لباريس، صلاح عبدالسلام، أن ليبيا علّقت مفاوضاتها مع أسر ضحايا طائرة اليوتا الفرنسية. وكان سبق ذلك تصريح لسيف الإسلام معمر القذافي عن اتفاق سري من ست نقاط أبرمته مؤسسته المكلفة بهذا الملف مع السلطات الفرنسية والتي تحتفظ، بحسب قوله، «بحق نشره في الوقت الذي تراه مناسبا». تصريح لم تتأخر السلطات الفرنسية بنفي ما ورد فيه.
في الإطار نفسه، تفيد المعلومات التي حصلت عليها «الوسط» من أطراف ليبية شبه رسمية، وفرنسية مقربة من كبريات الشركات العاملة في ليبيا و«المتورطة» بهذه المفاوضات، إن الليبيين لم يستسيغوا قط «العبارات» التي انتقاها الرئيس الفرنسي جاك شيراك لتوجيه رسالته إلى طرابلس الغرب انطلاقا من الرباط، والتي اعتبرتها مراكز القرار المختلفة في الجمهورية الليبية بمثابة خطأ في التوقيت، كونها تضمنت اضافة إلى ذلك، «تهديدا مبطنا» دفع بالتيار المتشدد للتذكير بأنه كان على حق عندما وصف رفع السقف الفرنسي بالتفاوض من قبل الفرنسيين ليس إلا ابتزازا لا يجوز القبول به. وذكر أحد أعضاء الوفد الليبي المفاوض في باريس، والممثل الفعلي لسيف الإسلام، بأنه على الحكومة الفرنسية وبعض رموزها المعادين لليبيا أن يدركوا جيدا أن الاستجابة لدفع جزء إضافي من التعويضات ليس خوفا أو موقف ضعف، إنما لرفع العتب ومساعدة شيراك على منع المزايدات الداخلية في هذا الموضوع، مذكرا بأن هذا الملف كان قد أقفل منذ سنتين، والفرنسيون يعلمون ذلك جيدا. وفي لفتة تصعيدية، تمنى هذا المسئول ألا تدفعهم السلطات الفرنسية لكشف أشياء كثيرة ربما لن تكون في مصلحة الأطراف التي فاوضت في حينه.
وفيما يتعلق بطلب مثول مسئولين ليبيين في طليعتهم أحد مسئولي جهاز المخابرات الليبية الخارجية عبدالله السنوسي مجددا أمام المحاكم الفرنسية - التي سربت بعض الجهات الليبية بأنه يعالج في احدى مستشفيات القاهرة من مرض عضال - يرى الليبيون بأن هذا الطرح غير واقعي ولا يتعدى كونه سوى ورقة للاستهلاك المحلية تطرحها السلطات الفرنسية للتخفيف من حدة المأزق الذي وضعت نفسها فيه. من جهة أخرى، تفيد بعض الأوساط الفرنسية بأن تحميل وزير الخارجية الليبي عبدالرحمن شلقم مسئولية التصعيد، لا تقنع المراقبين من كون هذا الأخير ليس له علاقة لا من قريب ولا من بعيد. وترى هذه الأوساط أنه على رغم توقف المفاوضات ومناخات التصعيد التي يروج لها، فإن التوصل إلى إيجاد حل معين ليس بعيدا. لكن يجب الإقرار بأن المبادرة هي اليوم في يد ليبيا، بغض النظر عن حجم المبالغ التي ستدفع كتعويضات لعائلات الضحايا. هذا ما يفسر الموقف المتزن الذي يتخذه وزير الخارجية دومينيك دو فيلبان، الداعي للتهدئة والحوار. وعلمت «الوسط» أن الملك محمد السادس ينوي التدخل لتقريب وجهات النظر في هذه المسألة
العدد 406 - الخميس 16 أكتوبر 2003م الموافق 19 شعبان 1424هـ