سؤال يحتاج إلى إجابة واضحة وشفافة، من دون إسقاطه على جزئية من جزئيات الواقع السياسي، بصورة تخلّ بالفهم الوظيفي لقراءة هذه الجزئيات، والسؤال: هل الخلل في الناس أم في القيادات؟ أم الطرف المعارض أم الرسمي؟ ما الذي يجعل الإيقاع غير المنضبط حاكما بعض الشيء في المنتديات الإلكترونية؟ ما الذي أوصل التذمر عند الناس إلى هذا المستوى، ليخرج عن المعتاد في التعبير عن الآراء والمواقف؟
هناك عدة أفهام تتحكم في توتير هذا الفهم وتشويشه، وإخراجه من مساحته التي يتحرك فيها إلى مساحة أقرب إلى مزاجها أو ما تخطط له، وأقساها ذلك الفهم الإسقاطي الحاد والموتور، الذي يعمد إلى اجتزاء حال معينة وانتقاء مفرداتها ودلالاتها المبتورة، ليعممها على الواقع كحال كلية لا يميز فيها المواقف الرصينة من المواقف المتذبذبة، أو يعمد إلى عدم التمييز بغية خلخلة الواقع وتذويبه في حال واحدة، أو جره إلى منطقة من التصادم تبعد الواقع عن أنظمة مصالحه التي يعتاش عليها. إلا أن هناك فهما كليا لواقع التذمر الذي يعيشه الناس، مفاده عدم وجود مركزية حاكمة لحراك الناس، وعدم وجود أدنى نسب التوجيه السياسي في ظل غياب قيادة فعلية يشار إليها بالبنان، فالقيادات متفرقة في المنهج والمواقف والأساليب، وإرهاصات المنتديات الإلكترونية والشارع معها، هي أسئلة ضمير تتوجه بأساليب مختلفة قد تكون تفجيرية، لكنها جزء من الواقع لا يمكن عزلها عنه، وبقاء هذا التفجير المستمر من دون حال استشعار رسمي أو معارض لحجمه وكارثيته، سيجعل الاثنين معا في موقع الإدانة المستمرة التي يمثلها بعمق وجع الناس المستمر. هذه دعوة إلى التحرك بأعلى درجات الاستشعار السياسي، وعدم تحميل الناس شعورهم بالألم والقهر، فهو رأس مالهم إذا ما استمرت اللامبالاة
إقرأ أيضا لـ "سلمان عبدالحسين"العدد 405 - الأربعاء 15 أكتوبر 2003م الموافق 18 شعبان 1424هـ