العدد 405 - الأربعاء 15 أكتوبر 2003م الموافق 18 شعبان 1424هـ

خلف الستار

مع التماع نجم الزهرة، دخلت إلى منزل جارتنا أم سالم، استقبلتني حيطان خرساء من دون لوحات تشغل الحيز الواسع، عدا تلك المعلقة الصغيرة وقد حملت دعاء دخول المنزل خطت بشكل رديء، رائحة بخور غريبة شحنت الأجواء بأكثر من توجس!

بالأمس أقنعتني والدتي، فقررت الالتحاق بالدورة الدينية التي تقدمها الجارة، مساء كل ثلثاء، تحدث فيها، ثم تختلي بعدد من الفتيات فيما تتابع الجلسة أختها روعة التي تقضي وقتا أكثر معهن... يتناقشن في أمورهن الخاصة، بعيدا عن ضغوط الأهل... هذا ما تناقلته الجارات.

رائحة الورد انتشرت في المكان فجأة، صاحبها حضور روعة التي تنضح شبابا ثائرا، بلباس اختلف كثيرا عما اعتادت ارتداءه في الخارج، شعرها كان حريرا منسابا على كتفيها العاريين، غمزتني ومبتسمة تساءلت:

«لماذا تخفين شعرك؟ الأشياء الجميلة يجب ألا تسجن»!

قرأت استغرابا في عيني...

أردفت:

«طبعا الحجاب فرض، بل ضرورة تحمي بها الفتاة نفسها من ضعاف النفوس، لكن، هنا عليك أن تنزعي كل ما يخفي هذا الجمال عنا، لتشعري بحرية أكبر، تعلمين أن الكثيرات يستخدمن هذه الكلمة كتبرير لعدم التزامهن بالحجاب...!

أنهت جملتها مستعينة بآخر ما تبقى من نفس، ثم ابتسمت بغنج...

كنت ماأزال مأخوذة بمظهرها اللافت، شرعت بنزع السواد عن شعري، أشارت إلي بيدها لأتبعها إلى «المجلس» المعتاد، قدمتني للفتيات، تبادلنا السلام وذهلت لملابسهن التي لا تخفي ولا تستر!

اقتربت مني روعة، مسحت على شعري:

«جمالك سبحان الخالق! بالمناسبة، لك أن تخففي من ملابسك قدر ما تشائين، طقسنا لا يطاق، غضب من الله لسوء سلوك البشر... نسأل الله العفو...».

بقيت الفتيات يتقاطرن بسوادهن الفضفاض، فيسارعن إلى خلعه ما إن يخطون المجلس، كاشفات عن جمال أنثوي وبياض ناصع وشعر ثائر، يباهين به أمام روعة التي لا تتعب ثناء وأم سالم التي لا يكف ثغرها عن البسملة والحوقلة بشكل مبالغ فيه، بعد المسح على أجساد الفتيات، على أكتافهن، ورقابهن وصولا إلى أفخاذهن، بحنان تام!

مضت الساعة الأولى بأحاديث عادية...

أشارت روعة إلى عدد من الفتيات إلى غرفة داخلية...

ساد صمت بعدها، تلاقت نظراتي مع من جاورتني المعقد، ومن دون أن أنبس بكلمة... جاءني تعليقها كجواب عن سؤال حائر لبس عيني...

«تدهن أجسادنا بماء الورد المقروء عليه شيء من القرآن، تدعكنا بلطف، نغيب بعدها...».

ما أكملت حتى وصلتنا تأوهات ناعسة منتشية... قطعها تعليق أم سالم: «باركك الله يا روعة، يدك فيها البركة»!

عدد من الفتيات غبن مع الأصوات وتعالت أنفاسهن التي تسارعت، وشعور مبهم توالد بداخلي... وخوف تسرب إلي... جاءني كلام والدتي يوم أمس:

«كل البنات التحقن بالدورة...».

«ما شاء الله عليها أم سالم تقدمها مجانية، تبغي الأجر من الله».

«الفتيات سعيدات بما يتعلمن وكل يوم تنضم إليهن الكثيرات...».

ابتلعت سؤالي الذي كدت أطلقه:

«متى نشرع بقراءة جزء عم»!

كاتبة كويتية





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً