العدد 405 - الأربعاء 15 أكتوبر 2003م الموافق 18 شعبان 1424هـ

خالد الرويعي: المسرحية تقرأ علاقات إنسانية ملتبسة في واقع متهالك

فيما تتواصل الاستعدادات لعرض «حب بطعم الشوكولا»

العدلية - حسام أبوأصبع 

تحديث: 12 مايو 2017

يجري حاليا مسرح الصواري استعداداته لوضع اللمسات الأخيرة على مسرحية «حب بطعم الشوكولا» التي يعتزم عرضها مطلع الشهر المقبل في مقر المسرح... المسرحية من تأليف وإعداد خالد الرويعي، وعبدالله السعداوي، ومن تمثيل كل من: حسين العريبي، لمياء الشويخ، نجيب جلال. أما الفريق المساند فيتألف من كل من: نادر أميرالدين للتأليف الموسيقي والتوزيع، والسينوغرافيا لخالد الرويعي ومحمود الصفار، والتصوير الفوتوغرافي علي محمد، متابعة الإنتاج إسحق عبدالله، مساعد مخرج منذر غريب، مخرج مساعد محمود الصفار، وهي من إخراج خالد الرويعي.

وحول العرض، وآخر الاستعدادات كانت لنا الوقفة الآتية مع مخرج العرض خالد الرويعي الذي حاول جاهدا بقدر ما يبوح أن يتكتم على عرضه... وكان الاستهلال بسؤال عن مقولة العرض فأجاب قائلا:

- ربما كان التعبير الذي استخدمه الراحل إدوارد سعيد في كتابه «مقالات في المنفى» أبلغ شاهد على ما سنقدمه حين قال ما معناه: «قد تبدو التجربة أشبه بوصفة لعلاج نظرة كئيبة لا سبيل إلى التخفيف منها سوى أن تنخر في الجرح أكثر من ذي قبل، ومعها ضرب من الرفض المتجهم على الدوام لكل حماسة أو بهجة روحية»... فالتجربة عموما التي هي الآن قيد الإنجاز لا تبحث عن إجابات لكل ما ستقوله لأنها بكل بساطة ممعنة في غربة الأشياء، وخصوصا في غربة العلاقة بين زوجين متحابين، وكذلك غربة الواقع المركب والمتهالك، وغربة هذا الإنسان العالق بين المعنى الكلي لمفهوم الكون ومفهوم العالم... ومقولتنا أو سؤالنا الأساسي: هل العالم فعلا أصبح قرية صغيرة أم نحن الذين تضخمنا بما يكفي لأن نرى العالم كله صغيرا لا يسعنا؟ وهل يسهم ذلك في تضييق المعنى المبهج للحياة؟... أسئلة بالتأكيد لن نجد لها إجابة في تجربتنا.

ويواصل الرويعي: الغربة بمفهومها الواسع تجبر المرء على التفكير فيها. ويا لها من تجربة فظيعة. انه الشرخ المفروض الذي لا التئام له بين كائن بشري ومكانه الأصلي، بين الذات وموطنها الحقيقي. ما وراء ذلك أيضا ثمة قيم فنية تسعى التجربة إلى محاورتها، وهذا هو الأهم في تجربة «حب بطعم الشوكولا».

ذكرت الغربة والاغتراب، وهي قضية تكاد تكون أزلية، وتمت مقاربتها في كل أنواع الخطابات، وكانت موضع بحث فلسفي عميق في أكثر من اتجاه، ترى عن أية غربة واغتراب تتحدث، وهل يطرح العرض رؤية محددة في هذا الاتجاه؟

- المسرحية تطرح قضية الاغتراب بشكل معين، ونستهدف من خلالها إبراز عدد من الإشكالات وتسليط الضوء عليها، بل وفضحها، وإثارة الأسئلة حولها. وليس الاغتراب الذي نعنيه هو ذلك المفهوم الكلاسيكي... لكننا عملنا على إثارة أسئلة عن أشياء يفترض أن تكون المعرفة بها أمرا مفروغا منه، لنكتشف أن إحاطتنا وإلمامنا بما حولنا حتى في أدق الأمور وأكثرها التصاقا بنا يراوح في منطقة عماء، فإنسان هذا العرض يفتقد إلى المعرفة والإحساس حتى بالحميم جدا من العلاقات... هذا الفضاء الملتبس الذي افرز انهيار كامل لشبكية العلاقات بشكل غير مسبوق هو منطقة اشتغالنا تحديدا.

إذا كنت لا تبحث عن إجابات، بقدر ما تسعى إلى وصف وتجسيد حال معينة تتشظى فيها العلاقات الإنسانية وتفتت، فأين منطقة البحث تحديدا، وما الذي يستند عليه رهانك في هذا العمل؟

- ليس بالضرورة البحث عن إجابات... فحين تعمل فإنك ترى العالم بمشكلاته بالمعنى الاغترابي، والمسرح هو الواجهة الحقيقة، أو هو مرآة الحياة. فمن الممكن أن تعيش تجارب حياتية من خلال المسرح، وهو الميزة التي يمتلكها المسرح، من دون سائر الفنون الأخرى. وأهم ما راهنت عليه هو مواصلة العمل في المسرح.

دعنا ننتقل للحديث عن البروفات ومختلف الاستعدادات، كيف كان العمل فيها؟

- كانت مسرحية «حب بطعم الشوكولا» من المشروعات المؤجلة، ولكن الشرارة الأولى له بدأت منذ العام 2001، ومن وقتها والعمل يختمر، ويتضح شيئا فشيئا، ولكن كما هو معروف تأتي المشروعات والأفكار، وهي بحاجة إلى وقت كي تنضج. وأود في هذا السياق أن أشيد بمحمود الصفار هذا الشاب الذي اكتشفت منذ إخراجي لمسرحية «إيفا» العام 2001 أنه الشخص الذي يستطيع التفاعل مع أفكارك، ويكون قريبا جدا منك، وداعما لك على طول الخط، ويعرف بالضبط ماذا تريد... ثمة مساحة مشتركة بيني وبينه تأسست منذ ذلك الوقت.

والأهم من كل ذلك أنه يضيف إلى أفكارك عوض تبنيها والتحمس لها، وهو أول من طرحت عليه التصور الأولي للمسرحية، وهو مختلف نوعا ما عن التصور الذي نشتغل عليه، وإن كانت الأسئلة الرئيسية هي نفسها. ومن شهر مايو / أيار 2003 بدأنا في تنفيذ الخطوات الإجرائية... وكانت هناك بعض العراقيل التي أجلت من الشروع في إعداد العرض، ثم بدأنا في البروفات، وكان حسين العريبي الاسم الأول المطروح للتمثيل في هذا العرض، ثم لمياء الشويخ والتي أعدها مغامرة جيدة لشخص لم تلتقه من قبل، أما نجيب جلال فدوره لا يناسب إلا نجيب وحده، سمات مميزة وعلامات فارقة. وكان السعي مبدئيا في ضوء أن التعامل مع الممثلين جميعا هو الأول أن يتم اكتشافهم والتعرف على قدراتهم عن كثب، وفي خلال هذا الاكتشاف، يمكنك البناء، إذ لا يوجد أي تصور يتمتع بجهوزية معينة بحيث تكسو الممثلين باللبوس الذي ترغبه، وهذا يسهم بشكل كبير في بناء العرض في مخيلة المخرج... بعض الخطوط الرئيسية التي كان لا بد للوصول إليها، نحاول المشي في هديها لنصل إليها ما نبتغيه، بروفات القراءة احتاجت الكثير من الوقت حتى استقر الأمر بنا أن نعرض في المقر، وأثناء البروفات كانت هناك أشياء رئيسية غائبة عن الممثل في تعامله مع المكان، وعلى هذا الأساس أخذنا وقتنا الكافي للتعامل مع المكان والأشياء الموجودة من هندسة للمكان والأمور السينوغرافية الأخرى.

ما هي مساحات الاختبار الجديدة في عرضك الجديد هذا، قياسا بالتجارب السابقة، وفي ضوء جعلك المسرح والحياة حالة متماهية كما قلت؟

- كل ما يتصل بعرض «حب بطعم الشوكولا» على المستوى الشخصي، يمثل مساحة اختبار وبحثا جديدا، فصالة المسرح أو مقره مكان جديد بالنسبة إليّ لتقديم عرض فيه، وكذلك التعويل الكبير على البعد السينوغرافي كآلية لإنتاج الجمالي والفني والدلالي له مساحته الكبيرة، والأمر نفسه ينسحب على فريق التمثيل في العرض، فكلهم أعمل معهم للمرة الأولى. وعلى رغم ذلك أثق دائما أنه مازال هناك أصدقاء يتبنون مثل هذه المشروعات المؤدية إلى التهلكة... لجهة تبني بعض الأفكار المسرحية، ودعمها بأفكارهم، وبمقترحاتهم وبعملهم، وباجتهاداتهم... ولابد أن تحصل على أصدقاء مثلهم مثل الداء الذي لا مفر منه. هذا الداء الذي يحفز على الحياة بالمعنى الحميمي. وهذا أكثر ما يسعدني ويقلقني في الوقت نفسه.

دعنا في هذه الوقفة نتحدث قليلا عن مشروع الكتابة المشتركة التي جمعتك بالفنان عبدالله السعداوي.

- كان المحرك الأول لكتابة نص المسرحية مأخوذ من نص أغنية للمطربة اللبنانية سلمى، وهي بعنوان: «مدام أحلى وردة بتموت»، وهي من كلمات وألحان زياد الرحباني، واقترحت على عبدالله السعداوي كتابة نص يتمحور حول معطيات الأغنية... ثم أعدت كتابة النص، كما تم تضمين مشهد المريض النفسي من مسرحية (جنون) للتونسية جليلة بكار... وكان النص خلال هذه الفترة يختمر، وهو مزيج وخليط من نص الكتابي، وأشياء تقولها الموسيقى، وكذلك صورة الممثلين، والإشارت السينوغرافية التي تبثها العناصر مجتمعة. والنص الكتابي عموما ناقص من دون العرض





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً