مشكلة بعض التيارات الإسلامية هي أن كل تيار يدعي احتكاره حقيقة تفسير الإسلام، وأن الإسلام لا يمكن أن يعرف إلا عن طريق بوابته الخاصة به، وكل ما دون ذلك جهل، وانحراف وضلال.
والمشكلة تتفاقم عندما تسحب إلى الواقع السياسي فتفسر السياسة بما يريده هذا التيار أو ذاك. هذه الإشكالية أصبحت اليوم في متناول الكثير من المفكرين الإسلاميين، ممن انشغلوا بنظرية المعرفة الابستمولوجيا بدلا من الانشغال بتثوير الخطاب فوضعت مفهوما دقيقا للفرق بين الإسلام والتفسير الإسلامي.
هذه مقدمة للدخول في موضوع قضية المرأة في العالم العربي وما تعانيه من تهميش على مستوى بعض الحركات الإسلامية، وخصوصا المتشددة في عدم منح المرأة حقها الطبيعي - الذي يجب أن ندعمه بكل قوة - في الانتخاب والترشح للبرلمان. وأعتقد أن من الحركات الإسلامية التي تجاوزت مثل هذه الإشكالات المسطحة هي حركة الإخوان في الأردن عندما دفعت إحدى النساء لدخول الانتخابات البرلمانية الأخيرة واستطاعت أن توصلها إلى قبة البرلمان.
في الكويت بدأت الحكومة الكويتية في دفع هذا الملف نحو الأمام وفي الأيام المقبلة ستشهد الساحة الكويتية جدلا واسعا في قضية تقديم مشروع بقانون يسمح للمرأة بالترشح والانتخاب إلا أن توتر بعض الإسلاميين بدأ يظهر قبل مشروع القانون الذي سيطرح، وذلك استعدادا لفرض تفاسير خاصة تعارض هذا الحق. دورنا كمثقفين وعلماء ومفكرين أن ندفع باتجاه تثقيف المجتمع بهذا الحق، فالمفكرون والفقهاء الإسلاميون هم ذاتهم مقتنعون بحقوق هذه المرأة المسلمة... فلماذا نقف صامتين أمام هذه الأسلاك الحديد؟
فالسيد محمد حسين فضل الله له فتوى يجوِّز من خلالها للمرأة الترشح والانتخاب، وكذلك الشيخ محمد مهدي شمس الدين، بل يرى جواز أن تكون حاكمة وقاضية بعد نقاش طويل لكل التفاسير الأخرى التي تمنع ذلك، وكذلك الشيخ يوسف القرضاوي فله فتوى في هذا الشأن، ولا يمكن أن ننسى موقف المصلح الشيخ محمد الغزالي لمواقفه الفقهية الجريئة لصالح المرأة.
للأسف ما يروجه بعض الإسلاميين، وخصوصا في الكويت من انتصارهم للمرأة وحقوقها سرعان ما يسقط وينهار أمام الاختبارات البسيطة.
الحكومة الكويتية استطاعت حقيقة أن ترمي الكرة للمرة الثانية في ملعب المعارضة، وهو اختبار ثانٍ لمعرفة مدى تحمل أفق المعارضة لمزيد من التحديات. وليس للإسلاميين حجة في ذلك فإذا كانوا يتحفظون على طبيعة من سيصلن إلى مقاعد البرلمان، فبإمكانهم أن يدعموا مترشحات من ذات التيار كما حدث في الأردن.
لعل تجربة إيران من أفضل التجارب في إعطاء المرأة حقوقها من حق الانتخاب إلى حق الترشح... نتمنى ألا يكون هناك إخفاق آخر للمرأة أو تمييز جديد ضدها على الساحة الكويتية وبقية الساحات... ومعا نحو مزيد من الانتصارات لصالح المرأة المسلمة
إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"العدد 404 - الثلثاء 14 أكتوبر 2003م الموافق 17 شعبان 1424هـ