العدد 404 - الثلثاء 14 أكتوبر 2003م الموافق 17 شعبان 1424هـ

«القمة الإسلامية» وأعمالها

وليد نويهض walid.noueihed [at] alwasatnews.com

كاتب ومفكر عربي لبناني

غدا تبدأ «القمة الاسلامية» أعمالها في بوتراجايا (العاصمة الإدارية لماليزيا) بحضور 57 دولة مسلمة في العالم إضافة إلى رئيسي روسيا والفلبين. ولاشك في ان حضور الرئيس فلاديمير بوتين اعمال المؤتمر بصفة مراقب سيكون له أثره الطيب على العالم الاسلامي بعد قطيعة غير مبررة دامت قرابة 80 سنة. فروسيا اضافة إلى الهند والفلبين من أكثر دول العالم قربا إلى الإسلام على مختلف المستويات الجغرافية والسياسية والثقافية اضافة إلى التجارة والعلاقات التاريخية.

غدا تفتتح القمة أعمالها في ظروف سيئة للغاية. فإلى القضايا القديمة (كشمير وفلسطين) اضيفت سلسلة حلقات جديدة بسبب الهجوم الاستراتيجي الذي تشنه الولايات المتحدة على دول العالم الاسلامي تحت غطاء ثقافي - عقائدي ولأهداف ليست بعيدة عن سياسات النهب وسرقة الثروات والتحكم بالمواقع الجغرافية ومفارق الطرقات في اطار لعبة الصراع الدولي.

هذا الموضوع لن يكون بعيدا عن دائرة النقاش بين الدول الاسلامية. افغانستان ستكون حاضرة، كذلك العراق اضافة إلى نقاط ساخنة مثل كشمير والشيشان وغيرها من مسائل لها صلة بالأمن كإندونيسيا والفلبين.

إلى الموضوعات السياسية والأمنية هناك لائحة طويلة من الاتهامات توجه عادة إلى الدول الاسلامية مثل الإرهاب وايديولوجية العنف كذلك مجموعة مسائل لها صلة بالعولمة وحوار الحضارات والحملة على الإسلام وقضايا حقوق الإنسان.

كل هذه النقاط ستكون على جدول اعمال القمة وهي نقاط قديمة/ جديدة اذ سبق وتطرقت إليها القمم السابقة في سلسلة بيانات أوضحت فيها الدول الإسلامية مواقفها منها. فمنذ تأسيس منظمة المؤتمر الإسلامي قبل 34 عاما بدعوة من الملك فيصل بن عبدالعزيز ردا على حرق منبر صلاح الدين الأيوبي في المسجد الأقصى بالقدس في العام 1968 والدول الإسلامية تطالب ما يسمى «العالم الحر» المعاملة بالمثل ووقف انحياز واشنطن للاحتلال الإسرائيلي ودعمها له عسكريا واقتصاديا واعلاميا. ومنذ 22 عاما اصدر المؤتمر الاسلامي الإعلان العالمي الاسلامي لحقوق الانسان وثبّت فيه المبادئ السامية الكبرى لعقيدة المسلمين وأكد عدم تعارضها مع المبادئ الإنسانية الكبرى المتعلقة بهذا الشأن... ومع ذلك لايزال العالم الإسلامي يتعرض يوميا للامتحان من جهات لا تحترم كثيرا حقوق الانسان حين تتعارض مصالحها مع قضايا الديمقراطية والحريات. واميركا بهذا المعنى هي من اكثر دول العالم مخالفة للقانون الدولي وقضايا الإنسان وحقوقه وهي اكثر الدول معارضة للقوانين والاتفاقات التي تهدد الناس جميعا مثل مسائل التلوث والبيئة وزراعة الألغام وتهريب المخدرات وغسيل الأموال. فكل هذه الآفات وغيرها تعتبر الولايات المتحدة الراعي الأول لها والمصدر الأول لها... في وقت تطالب العالم بالالتزام حرفيا بالقوانين التي تعتبر هي من أكثر الدول مخالفة لها.

مرت 34 سنة على تأسيس منظمة المؤتمر الاسلامي وخلال هذه الفترة الممتدة عانت الدول الاسلامية الكثير من الاعتداءات والحروب المجاعات والانتكاسات والاهانات والانتهاكات المتعمدة من قبل الكثير من الانظمة الدكتاتورية (المدعومة اميركيا) للشعوب العربية والمسلمة. فالشعوب العربية والمسلمة حين تستمع إلى نداءات الولايات المتحدة ودعوتها الانظمة إلى احترام حقوق الانسان تغرق في السخرية والضحك لانها تعرف ان اميركا هي الراعي الاول لتلك الانظمة وهي الداعم والحامي لها من غضب الناس.

النفاق الاميركي الآن اصبح اكثر وضوحا وانكشف حتى أمام انظار انصار الولايات المتحدة بعد ان لجأت واشنطن إلى سياسة هجومية لا تتردد علنا في اعلان دعمها للاحتلال الاسرائيلي للاراضي الفلسطينية والعربية وكل ما يترتب عليه من توسيع المستوطنات وبناء الجدار الأمني - العنصري. إلى فلسطين اضافت واشنطن إلى قائمة تجاوزاتها الدائمة احتلالها في أقل من سنتين لدولتين مسلمتين وتهديدها المستمر باحتلال المزيد من الدول العربية والمسلمة تحت شعارات منافقة لا صلة لها بالإنسان وحقوقه.

اللائحة اذا طويلة والدول المسلمة التي يشكل تعدادها خُمس سكان العالم مطالبة بدورها في طرح وجهة نظر ترد على تلك الأسئلة وعدم الاكتفاء بعرض الحال والاستجداء والشكوى والبكاء على اطلال فلسطين والعراق وافغانستان. الدول المسلمة مطالبة بتوضيح رأيها في السياسة الدولية واثبات موقعها في العالم الجديد الذي يبدو انه يرفض الضعفاء ولا يتسع إلا للاقوياء والقوى التي عندها ما تعطيه للإنسانية

إقرأ أيضا لـ "وليد نويهض"

العدد 404 - الثلثاء 14 أكتوبر 2003م الموافق 17 شعبان 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً