سؤال قد يثيره الكثيرون، لماذا تبررون ما يجري في بعض المنتديات، وتقفون في وجه الدعوات التي تطالب بمحاسبة ما يكتب، ويمس بالكثير من الجهات وقد يعرَّض بها؟ إلا أن الغائب عن هؤلاء بشكل واضح هو أن الكتابة في المنتديات أصبحت تنميطا ثقافيا واجتماعيا درج على البوح المكثف في قبال التقنين المكثف، ضمن معادلة لا وسطية في هذا المجال، ومنع هذه المنتديات هكذا قسرا من ممارسة تنميطها وتطويره، لن يؤدي إلى التراجع عن حال البوح، بل سيحرفها إلى بوح بشكل آخر، فهذه آخر منابع القدرة الشعبية، وتجفيفها ليس في صالح الكثيرين. قد يقف المرء بشكل منحاز لبعض مساحات البوح المكثف، ليس رغبة في الانحياز لبعضها، وإنما منعا لانحياز أشد عليها، يسبب في ضعف التوازن النفسي والعاطفي لإيقاع الشارع في ظل عدم وجود توازن على مستوى القضايا التي ترتبط بمصير الناس بشكل مباشر، إذ ان دراسة واقع المنتديات الالكترونية لا تعني بأية حال من الأحوال تشكيل حملة مضادة ضدها، وإنما تفهم حالات البوح ومنشؤها الفعلي وإرهاصاتها الكبيرة، في سبيل حلها بصورة عقلائية غير مبتورة، ونحن في الصحافة لا نستطيع وفقا للكثير من المعطيات أن نتساوق مع هذه المنتديات، لكننا قد نتفهم ما لا نتساوق معه من منطلق مساحة الوطن المكتنزة بالكثير من الإرهاصات، والتي لا نمثلها كلها.

الدعوة العاقلة ليست تلك الدعوة التحريضية ولا المتسرعة ولا المتجاهلة أيضا، وإنما الدعوة العاقلة هي التي تستطيع فرز المواقف السياسية باستمرار، لتحدد الخيار الأفضل لها، والذي لا يمثله الخيار المبتور، لأنه سيجعل خط الرجعة مسكونا بالهواجس وربما بالإشارات المتقطعة التي لا توحي بالطمأنينة، وبالتالي لا توحي بالرجوع أو العدول عن المواقف