سمعنا كثيرا عن العقود المؤقتة وما تعنيه هذه العقود بالنسبة إلى أية شريحة بحرينية. سمعنا عن ظاهرة العقود المؤقتة لموظفي وزارة العمل وعن موظفي وزارات أخرى ولكن ما لم يكن في البال أن يكون هناك عدد كبير من الأطباء البحرينيين والبحرينيات أيضا يرزحون تحت سياط هذه العقود تحت حجج واهية هزيلة مثقوبة كالأحذية القديمة.
ليس هناك أحد منا لم يوفق لزيارة طبيب للأسنان في مراكزنا البحرينية، فهم منثورون فيها، يعجبك أداؤهم، حيويتهم، خفة أيديهم، وكذلك شهاداتهم وصبرهم أيضا وخصوصا إذا علمت أن عددا كبيرا منهم يعمل في وزارة الصحة بعقود مؤقتة حالهم حال أي آسيوي أو غريب عن هذا البلد. ولابد أن نعرف ماذا يعني العقد المؤقت وهذا ما سنتطرق إليه عبر حلقات طويلة نوضح من خلالها مأساة مايربو على 40 طبيبا من أطباء الأسنان وما يعانونه من مشكلات برنامج تدريب يسمى «MGDS» والذي اتخذ ذريعة لابقائهم على هذه العقود وبكادر وظيفي متدني. كما سأتطرق إلى قصة الالتفاف التي حدثت في بعض الاجتماعات التي أراد من خلالها الأطباء مناقشة أزمة العقود المؤقتة وإذا بالموضوع يؤخذ عنوة إلى تقييم أداء برنامج التدريب ويحظر التطرق للعقود لحاجة في «نفس يعقوب» وعقبال تغير اثني آخر.
ملف العقود المؤقتة لأطباء الأسنان البحرينيين كنت قد تطرقت إليه قبل عام ونيف تقريبا إذ كان الملف بحوزتي. وتكلمت مع الوزير خليل حسن هاتفيا قبل عامٍ عن الموضوع ولم يتغير إلى يومنا هذا الملف. الوزير سرد مبررات ابقاء هذه العقود مؤقتة وآثرت الانتظار وعدم الخوض في الموضوع على أمل أن يبادر الوزير بمبادرة تقفز على المبررات التي مازالت تسوقها الوزارة وهي غير مقتنعة بها إذ إن السر الخفي والحقيقي في عدم التثبيت الذي يعلمه كل الأطباء والقريبون من هذا الملف هو محاولة الوزارة التملص من التبعات المادية للعقود لو أنها تحولت إلى عقود دائمة. ولكن القضية لف عليها بالتفافات إدارية وخصوصا عندما أدخلت في نفق برنامج التدريب، الذي أصبح الشماعة التي تعلق عليها كل المبررات. ولابد أن يوضح للجمهور هذا الملف. وبعد انتهائه سيتم التطرق أيضا إلى تفاصيل مواضيع أخرى لا تقل أهمية .
قبل فترة وجيزة دعا أحد المسئولين الكبار في الوزارة عددا كبيرا من أبنائنا وبناتنا من أطباء الأسنان وكان الموقف شديدا ولا ينم أبدا عن الصور الجمالية التي توزع على الناس خارج الوزارة. خرج الأطباء محبطين فازدادوا احباطا على الاحباط الذي دخلوا به للموقف وللأسلوب ولطريقة التعامل. وسنوضح ذلك في مقال خاص. وأعتقد أن من حق الجمهور البحريني أن يكون على اطلاع للوجه الآخر ما يجري ولاساس الأزمات الحقيقية في وزارة الصحة بعيدا عن ما يباع على الناس من وهم الدفاع عن مصالحه، فالمرء يجب أن يكون وطنيا يراعي مصلحة الناس في كل الملفات بلا انتقائية.
فإبقاء العقود المؤقتة لابد أن يكون له تأثير على الاستقرار النفسي على الأطباء مما يسبب في أحد أوجهه انعكاسا سلبيا على المرضى بشكل مباشر أو غير مباشر. فهل يرتفع حظ أطباء الاسنان إلى درجة عمال المصانع من الأجانب فيفوزوا بعقود دائمة وتُلغى كل المبررات الواهية التي تخرج بها علينا بها وزارة الصحة كل صباح
إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"العدد 402 - الأحد 12 أكتوبر 2003م الموافق 15 شعبان 1424هـ