العدد 402 - الأحد 12 أكتوبر 2003م الموافق 15 شعبان 1424هـ

خبراء: دول الخليج بحاجة إلى تقييم أوضاعها الاقتصادية

أكد تقرير لوكالة انباء البحرين أن الكثير من الخبراء الاقتصاديين في دول المنطقة يتفقون على وجود الحاجة الماسة الى وقفة مع الذات تراجع فيها دول المجلس جميع الفرص المتاحة أمامها والقيود المفروضة عليها والتحديات التي تواجهها لصوغ مسارات جديدة نحو المستقبل تتفق وطموحاتها وتطلعات شعوبها إلى غد أفضل لأجيالها.

وقال التقرير إن الأمر يستوجب الاستفادة من دروس الإنجازات والإخفاقات المرتبطة بالمسيرة التنموية لكل دولة من دول المجلس أو تلك المرتبطة بمسيرة العمل المشترك لهذه الدول بوصفها منظومة واحدة بغية تحديد مسارات أفضل لحركتها تجاه غاياتها المنشودة في العقود الأولى من القرن الحادي والعشرين. ويمكن القول في إطار المراجعة والتقويم إن محصلة المسيرة التنموية لدول الخليج العربية في مسعاها التكاملي تتضمن قدرا كبيرا من الإنجازات في مجالات العمل التنموي كافة تحيطه مجموعة من التحديات الجسام التي تتعامل معها السياسات الوطنية والسياسات التكاملية في آن واحد، ومع ذلك فإن التطورات العالمية والاقليمية والمحلية أفرزت في السنوات الأخيرة متغيرات ومستجدات لها آثارها الخطيرة ليس فقط على مسيرة العمل الإنمائي في كل دولة من الدول الساعية الى التقدم الاقتصادي والاجتماعي، ومنها دول مجلس التعاون، ولكن أيضا على مستقبل شعوب هذه الدول واستمرار وجودها وفاعليته في المسيرة الحضارية العالمية، وقال التقرير: لا ريب في أن التعامل مع هذه المستجدات سيشكل أحد التحديات البارزة في أي جهد تنموي خلال المراحل المقبلة.

وذكر التقرير أنه على صعيد الجهود الوطنية لدول المجلس لا شك في أن من أبرز التحديات التي تعايشها المسيرة التنموية الوطنية بدرجة أو بأخرى ولم تتخلص منها على رغم مرور أكثر من أربعة عقود تنموية في هذه الدول، استمرار هيمنة الموارد الأحادية على مصادر توليد الدخل وهو ما يعمل على تضييق خيارات التنمية وفرص الكسب واستمرار محدودية الطاقة الاستيعابية للأسواق المحلية بسبب الاعتماد المفرط على الاستيراد وعدم قدرة القطاع التصنيعي على تلبية الطلب المحلي الاستهلاكي والاستثماري والصعوبات التي يواجهها في التعامل مع التقنيات الحديثة وبناء قدرة تقنية ذاتية واستمرار اختلال هيكل الانفاق لصالح قوى الاستهلاك على حساب قوى الادخار والاستثمار الانتاجي.

ومع أن الاعتماد على الموارد النفطية اقترن بظاهرة التذبذب المستمر في كل من الدخل والانفاق فإن هذه الظاهرة لم تؤخذ باعتبارها واحدة من المعطيات التي تستلزم تبني البدائل الكفيلة بتحقيق مسيرة تنموية مستقرة في أبعادها الاجتماعية والاقتصادية كافة. اما على صعيد مسيرة العمل المشترك فقد أوضح التقرير أنه يمكن التمييز بين مجموعتين من التحديات التي تواجهها مسيرة العمل المشترك لمنظومة دول المجلس، تتمثل المجموعة الاولى في تلك النتائج المرتبطة بمسيرة التنمية في كل منها وبطبيعة الخصائص الجيو سياسية لها والخصائص الموردية والسكانية، أما المجموعة الثانية فتتمثل في تلك المستجدات الناشئة عن التطور في النظام الدولي خلال العقدين الاخيرين من القرن العشرين. وتؤكد وثيقة استراتيجية التنمية الشاملة لدول مجلس التعاون ان الغاية المحورية لاستراتيجية التنمية الخليجية خلال الفترة من 2000 إلى 2025م تتمثل في تحقيق مسيرة تنموية مستدامة ومتكاملة لدول المجلس في المجالات كافة وتعميق التنسيق بين الأنشطة التي تتضمنها خطط التنمية الوطنية وأن تتسم الاستراتيجية بالمرونة اللازمة لخدمة أهداف التنمية في كل دولة على حدة وعلى مستوى دول المجلس باعتبارها منظومة واحدة وصولا الى الارتاء المتواصل بنوعية الحياة فيها وتحقيق قدرة ذاتية للتكيف مع مستجدات وتحديات القرن الحادي والعشرين. وتتفرع عن هذه الغاية المحورية مجموعة من القضايا الاستراتيجية التي يقترن الوصول إليها بتبني مسارات انمائية طويلة الأجل تتضمن الآليات والاجراءات الضرورية لتحقيقها مثل قضية التنمية المستدامة والقضايا الامنية والدفاعية والتكامل الاقتصادي و قضايا بناء القدرة العلمية والتقنية وقضية التعامل مع التكتلات الاقتصادية والاقليمية. الى جانب ذلك فان الحديث عن التوجهات المستقبلية لخطط التنمية الاقتصادية لابد ان يتناول النواحي الاقتصادية والمجتمعية الاخرى وخصوصا فيما يتعلق بالتكامل الاقتصادي ودور القطاع الخاص وبرامج الاصلاح الاقتصادي وتنمية الموارد البشرية ووضع الاهداف والسياسات والاجراءات الملائمة لتحقيق هذه الاستراتيجيات، فلابد من تسريع الخطوات لتحقيق التكامل الاقتصادي بين دول المجلس وذلك من خلال الاهتمام بالبعد التكاملي في خطط وبرامج التنمية في دول مجلس التعاون مع التوسع في المشروعات الخليجية المشتركة والسعي لانشاء السوق الخليجية. ان التحديات التي تواجهها دول مجلس التعاون الخليجي تستدعي ايضا تبني برامج لزيادة مساهمة القطاع الخاص في التنمية سواء من خلال الاستثمارات الجديدة او برامج الخصخصة مع مراعاة الأبعاد الاجتماعية ودراسة التحديات التي تفرضها العولمة وما بعد مرحلة قيام منظمة التجارة العالمية كي تتعامل معها دول المجلس مجتمعة بوصفها كيانا اقتصاديا موحدا وكذلك التنسيق بين خطط التنمية في دول مجلس التعاون في ضوء خبرات التخطيط الماضية والمتغيرات المحلية والاقليمية والعالمية الجديدة. اما بالنسبة إلى برامج الاصلاح المالية والاقتصادية فانها يجب ان تستهدف مواجهة العجز في الموازنات العامة في دول المجلس والحرص على تحقيق الاستقرار الاقتصادي والاهتمام بالتطوير التقني باعتباره أحد اهم محاور السياسات الاقتصادية وتنسيق اوقات العمل بين دول مجلس التعاون بهدف معالجة مشكلة البطالة في دول المجلس وإحداث تغييرات ايجابية في التركيبة السكانية. كذلك هناك ضرورة لاعطاء أهمية اكبر لبرامج تنمية الموارد البشرية باعتبارها محورا رئيسيا لمسيرة التنمية ورفع مستوى التعليم الاساسي ووضع سياسة سكانية واضحة تهدف الى ايجاد توازن بين معدلات النمو الاقتصادي والسكاني بغرض رفع المستوى المعيشي للفرد وتحديد دور الحكومة في النشاط الاقتصادي وتطويره ليقتصر على دور الموجه الاستراتيجي وتوجيه الانفاق العام تجاه تحقيق وتطوير الوظائف الاساسية للدولة وما يعجز القطاع الخاص عن القيام به او لا يرغب في أدائه.

كما ان الدول الخليجية بحاجة فعلية إلى ترسيخ الايمان بمبدأ المشاركة بين مختلف فئات المجتمع ومن الضروري ان يتم تطوير أشكال اجتماعية واقتصادية تربط بين حجم ونوعية الخدمات الاجتماعية التي تحصل عليها فئات المجتمع بحجم ونوعية مشاركتها في الانتاج والعمل على تطوير وتقدم مجتمعاتها، ومن المهم ايضا ان تعطى اهمية اكبر للبرامج والسياسات التي تهدف الى مراكمة القيمة المعرفية الابداعية التي تسهم في جعل الفرد الركن الاساسي في التطوير والمبادرة واعطاء مسيرة التنمية طابعها الوطني المتميز والمعتمد على ذاته. وعلى المستوى العالمي فان التحديات التي تواجهها دول مجلس التعاون الخليجي تتمثل في عولمة الاقتصاد وتحرير التجارة العالمية والتكتلات الاقتصادية الكبرى، ان ابرز استجابة ممكنة من قبل دول مجلس التعاون الخليجي لهذه التحديات تكمن في اتخاذ مزيد من الخطوات لعر تلها وتعاونها الاقتصادي، فقد لاحظنا ان الكثير من التكتلات الاقتصادية الاخرى سواء كدول او كمجموعة باتت تتصرف في علاقاتها الدولية على اساس انتمائها إلى التكتل، ان مفهوم الشراكة الاقتصادية المتوازنة ينصرف الى اعطاء المصالح الاقتصادية الجانب الخليجي الثقل نفسه والحجم المعطى حاليا للمصالح الاقتصادية للشركاء الاقتصاديين كما ينصرف الى ربط مصالح الجانبين معا ضمن منظومة تحقق المنافسة الاستراتيجية المشتركة

العدد 402 - الأحد 12 أكتوبر 2003م الموافق 15 شعبان 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً