الشهر الأول من العام 2009 قارب على الانتهاء، وفي منتصف الشهر المقبل (14 فبراير/ شباط) ستحل ذكرى التصويت على ميثاق العمل الوطني في العام 2001... ولعل هذه الفترة فرصة جيدة لمراجعة ما آلت إليه الأوضاع بعد التصويت على الميثاق حتى الآن. البحرينيون سيكملون ثمان سنوات من الحياة السياسية التي أسسها الميثاق، وهذه الفترة لابد وأنها كافية لأن تعطينا دروسا كثيرة لمراجعة الطموحات والإنجازات والإخفاقات والتوقعات، وهذه مراجعة مهمة تقع مسئوليتها على جميع الفاعلين على الساحة السياسية سواء في الدولة أو في المجتمع.
عودا إلى الوراء ثمان سنوات، فإن طموح الكثيرين ممن شاركوا في إنجاح المرحلة الانتقالية آنذاك، كان يتركز على محورين أساسيين. المحور الأول كان ينصب على إعادة تأسيس دولة دستورية، والثاني ينصب على رفع مستوى المعيشة من خلال توزيع أكثر عدلا للثروات العامة.
الناشطون من النخب والرموز والقيادات المجتمعية تحدثوا كثيرا عن طموحهم في العيش تحت ظلال دولة دستورية، وجاء الميثاق بهدف تلبية مطالب مشروعة تؤكد نوعية الحكم الملكي الوراثي في عائلة آل خليفة، وتنطلق نحو فضاءٍ رحب لمشاركة المجتمع في الحياة العامة، على أساس أن «الشعب مصدر السلطات كلها».
الدولة الدستورية، سواء كانت مملكة أو جمهورية، فإنها ذات معالم محددة ومعروفة، والنظام السياسي في ظلها يحتكم إلى القانون النابع من إرادة المجتمع والملتزم في الوقت ذاته بالعهود والمواثيق والشرائع الدولية الخاصة بحقوق الإنسان. ولو رجعنا إلى الميثاق وإلى دستور 2002 فإنهما نصا على الالتزام بالعهود الحقوقية للمجتمع، وزاد ذلك التأكيد اعتماد البحرين للعهدين الدوليين الخاصين بالحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وهذان العهدان -بحسب نصوصهما والاتفاق الموقع بين مملكة البحرين والأمم المتحدة- يسموان على القوانين المحلية التي قد تنتقص من حقوق المواطنين في المجالات المذكورة.
المراجعة الصريحة التي نحتاجها يجب أن لا تكون مراجعة نظرية، إذ تعوّدنا أن نقرأ في المداخلات الرسمية مقارنات للنصوص بشكل مجرد. إننا بحاجة إلى مراجعة عملية، بمعنى، هل فعلا يوجد لدينا دستور فاعل يلتزم بالحدود الموضحة في المواد الأساسية؟
إن المقارنات النظرية المجردة ليس منها فائدة، وخصوصا إذا كانت هناك حاليا أعراف غير مكتوبة، وقرارات غير دستورية، وممارسات غير متوازنة، وسياسات غير صحيحة تنفذ على أرض الواقع من دون أن تتمكن أية جهة أن تقف أمامها لمساءلتها أو طرح الحجة عليها. إننا بحاجة إلى أن نرتقي فوق القضايا الهامشية لنطرح أسئلة كبيرة توازي الطموح الكبير الذي ناضل من أجله شعب البحرين على مدى عقود طويلة وضحى كثيرا من أجله.
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 2332 - الجمعة 23 يناير 2009م الموافق 26 محرم 1430هـ