ما يكتب في المنتديات الإلكترونية أثار انتباه الكثير من كتاب الأعمدة في الصحافة المحلية، فصاروا من أكثر قرائها، ومع تحفظنا على بعضها، فذلك يؤكد أن هذه المنتديات أصبحت رقما مهما ضمن المعادلة السياسية التي قوامها الحرية والشفافية وربما البوح إلى أقصى درجات البوح. غير أن التحفظ الأكبر هو على الدعوات التي بدأت تظهر في الأوساط الصحافية، والتي تدعو إلى إغلاق المنتديات، ربما لتجفيف منابع القدرة الشعبية على البوح المكثف، ما يؤسس لأساليب أخرى تضر بالتوازن النفسي والعاطفي في التعبير عن المشاعر عند قطاعات كبيرة من الناس.

ليس هذا دفاعا عن القيم الخاطئة والأساليب غير المنضبطة في تقييم المواقف السياسية، ولا حتى دفاعا عن بعض دعوات الانتقام التي ربما هولتها الصحافة، وإنما دعوة لدراسة الساحة السياسية وإفرازاتها في بعدها المستعار والصريح، من خلال المنتديات الإلكترونية والندوات والمنابر التي تملكها القوى الشعبية، دراسة تجعل من الحل السلمي والتوافقي مقدما على الحل الأمني المتشنج. وهنا نقف مع دعوة الصحافية سوسن الشاعر في دراسة حال المنتديات الإلكترونية، ولكن ليس على طريقة تفصيل المواقف السياسية وإسقاطها على ما يدور في تلك المنتديات.

ما يجب فهمه بصورة جلية غير ملتبسة، أن الرموز في حراكهم السياسي يرون أن التصعيد السياسي وليس الأمني، وهو حق مشروع تقتضيه طبيعة التعارض المشروعة، يرونه آخر الكيل حفاظا على توازنات الشارع، في حين أن المشاعر غير المنضبطة سببها تخلف الأداء السياسي من الطرف الرسمي والمعارض، ولا تعالج على طريقة بعض الصحافيين، فهم ليسوا أهل اختصاص، وإنما يجب فرزها على أنها تداعيات لا تخرج عن إطار الوطن، ومعالجتها في دائرة الهم الوطني الواحد وغير المتشظي، ولا المحسوب على فئة دون أخرى، فهذه مسئولية الجميع، لأن ضررها على الجميع