العدد 399 - الخميس 09 أكتوبر 2003م الموافق 12 شعبان 1424هـ

المطلوب التمايز الأميركي عن السياسة الإسرائيلية

صورة أميركا بشعة والوصفة بسيطة

آمنه القرى comments [at] alwasatnews.com

.

تناول المعلقون والمحللون العرب تقرير اللجنة المكلفة من قبل الرئيس جورج بوش تحسين صورة أميركا في العالم الإسلامي. وهو تقرير يحمل عنوان: «تغيير الأذهان وربح السلام» صدر بعد 4 أشهر على تشكيل اللجنة التي تضم 13 عضوا من الأكاديميين والدبلوماسيين والكتاب الأميركيين، ويرأسها السفير السابق والدبلوماسي إدوارد دجيرجيان بعد أن زار أعضاؤها الشرق الأوسط وآسيا وأوروبا. وقد جاء في التقرير انه لا بد أن تبذل الولايات المتحدة المزيد من الجهد في العلاقات العامة لتحسين صورتها بين المسلمين والعرب بعدما تشوهت بسبب الأزمتين الفلسطينية والعراقية. ورأى التقرير أن العداء تجاه أميركا في العالم الإسلامي وصل إلى معدلات مروعة. وأضاف أن المطلوب ليس تكيفا تكتيكيا، إنما تحول استراتيجي جذري. وتابع ان سياسة الالتفاف والتلاعب ليست الحلّ وكذلك تحاشي النقاش. وحذرت اللجنة، من أن الحرب في العراق وتصاعد النزاع الفلسطيني الإسرائيلي زادا غضب المسلمين والعرب من الولايات المتحدة ووجدت اللجنة ان وزارة الخارجية الأميركية أنفقت العام الماضي نحو 600 مليون دولار على برامجها لترويج سياسات الولايات المتحدة، و540 مليون دولار أخرى على شبكات إعلامية منها إذاعة «صوت أميركا».

ورأت انه إذا ما أضيف إلى ذلك مبلغ 100 مليون دولار الذي يقدم في شكل مساعدات اقتصادية في الشرق الأوسط، فإن مجمل هذه المبالغ لا يشكل سوى نسبة ضئيلة جدا من موازنة وزارة الدفاع. في الوقت الذي أنفق 25 مليون دولار فقط على «برامج للوصول» إلى العالمين العربي والإسلامي». وقالت اللجنة في تقريرها إنه سيكون منافيا للحقيقة تماما إذا قيل ان الموارد المالية ليست ملائمة لهذه المهمة. وأوصت اللجنة في التقرير بأن يعين البيت الأبيض منسقا للعلاقات العامة في الخارج، وأن تنفق مبالغ أكبر على هذا الأمر للتغلب على المعلومات المنتشرة في الخارج عن الولايات المتحدة. ولاحظت «نيويورك تايمز»، انه على رغم أن اللجنة أقرت بأن السياسة الأميركية قد تكون جوهر المشكلة، فإنها رأت انه باستطاعة واشنطن القيام بالكثير لتصحيح المعلومات المغلوطة. كما أوصت ببناء مكتبات ومراكز معلومات في العالم الإسلامي وترجمة المزيد من الكتب الغربية إلى العربية وزيادة المنح المدرسية والزيارات المتبادلة وتدريب المزيد من المستعربين والناطقين بالعربية وخبراء العلاقات العامة. كما أثار المحللون العرب أيضا مسألة إعلان رئيس فرق التفتيش في العراق، ديفيد كاي، عدم العثور على أية أسلحة دمار شامل حتى الآن، الذي زاد من إحراج البيت الابيض، وعمّق مشاعر الاستياء من سياسات بوش في الكونغرس وفي وسائل الاعلام. وأثار موجة من الانتقادات السياسية لقرار الإدارة الأميركية غزو هذا البلد، كما واجه عاصفة انتقادات في الدول التي شاركت في الحرب على العراق وخصوصا بريطانيا واستراليا والدنمارك. وتوقع المراقبون أن تنعكس نتائج تقرير كاي على صدقية الرئيس الأميركي جورج بوش وقد تؤثر على وضعه الانتخابي. لكن هناك وجهة نظر مميزة أوردتها سحر بعاصيري في «النهار» البيروتية، إذ رأت أن ما يثير القلق من بوش والمحيطين به انهم قد يجدون أفضل رد على ذلك (تقرير كاي... وسواه) بالهروب إلى مغامرة عسكرية جديدة قد لا تطغى على قضية العراق ولكن يمكن أن تنهض بشعبية بوش.

وأجمع المحللون من العرب على اختلاف مشاربهم، على أن صورة أميركا في العالم الإسلامي لن تتغير نحو الأفضل من دون تغيير السياسات وبشكل خاص بشأن قضية فلسطين، فالوصفة بسيطة. يقول سمير قصير في «النهار» البيروتية: «التمايز عن السياسة الإسرائيلية والعمل جديا على فرض حل مقبول في فلسطين»... فيما أضافت الغالبية مشكلة أخرى ستبقى أيضا حاجزا بين العرب وأميركا هي قضية احتلال العراق... و«مهمة دجيرجيان كانت ستكون أسهل لو كانت مقتصرة على إقناع الأميركيين بأحقية المطالب العربية بدل أن تكون متمحورة على إقناع العرب بعدالة السياسة الأميركية»، برأي جوزيف سماحة في «السفير» اللبنانية... ولاحظ ماهر عثمان في الحياة اللندنية، في التقرير الأميركي ما لحظته غالبية التحليلات العربية، ان ما يبدو واضحا من التوصيات أن الأميركيين مصممون على أن الخلل في سياستهم الخارجية ليس في جوهر تلك السياسة وإنما في أسلوب وطريقة تقديمها!

وتناول سمير قصير في «النهار»، في مقال تحت عنوان :«البحث عن الأميركي البشع»، التقرير الأميركي، الذي أشار إلى تزايد عداء العالم الإسلامي للولايات المتحدة. ان الدراسة، وإن أشارت إلى أسباب سياسية تخرج من دائرة «الدبلوماسية العامة»، فإنها ظلت تقنية إلى حدّ بعيد، ولم تقارب المشكلة في صميمها، بل عبّرت عن التباس مستمر يعوق فهم أزمة الثقة القائمة بين العرب والولايات المتحدة. مضيفا ان الالتباس هو بين صورة الولايات المتحدة، كمنظومة حضارية، وصورة الولايات المتحدة كقوة سياسية عظمى. وأكد ان ما تطلبه المصالحة، إذا كانت الولايات المتحدة حقا راغبة فيها، هو أولا مراجعة فهمها للديمقراطية العربية، المحصورة راهنا، في العرف الأميركي، بتخلي العرب عن رابط العروبة، كما تفيد الأصداء الآتية من دوائر الاحتلال في العراق، وعن القضايا التي تحرك مشاعرهم، وأولها قضية فلسطين. وختم قصير، بالقول إنه قد تكون للولايات المتحدة مصلحة عظمى في دعم السياسة الإسرائيلية، مهما تكن متطرفة. وفي هذه الحال، لا نفع لدبلوماسية الرأي العام. أما إذا كانت وصلت إلى ترتيب آخر لأولوياتها في «الشرق الأوسط»، واستنتجت ان لها مصلحة في تحييد الرأي العام العربي، إن لم يكن في محاباته، فالوصفة بسيطة: التمايز عن السياسة الإسرائيلية والعمل جديا على فرض حل مقبول في فلسطين.

ولاحظ ماهر عثمان في «الحياة» اللندنية، ان ما يبدو واضحا من التوصيات أن الأميركيين مصممون على أن الخلل في سياستهم الخارجية ليس في جوهر تلك السياسة وإنما في أسلوب وطريقة تقديمها! لكنه شدد على أنه لو اتبعت الولايات المتحدة سياسة خارجية «مستقلة» مرسومة لخدمة مصالحها القومية وغير «مخطوفة»، كما هي الحال منذ عقود، من جانب اللوبي الصهيوني، لكانت نظرة الشعوب العربية والإسلامية إليها خالية من الكراهية بالتأكيد وربما ممزوجة بقدر من الإعجاب والاحترام. وقال عثمان: ان صورة أميركا بشعة لأنها اختارت دائما التعامل مع مظاهر العنف بالبطش والظلم وزيادة تسليح «إسرائيل» ومعاضدتها عسكريا وماليا وسياسيا وليس بإزالة أسباب العنف. وختم بالقول إن أميركا ليست في حاجة إلى صرف مئات ملايين الدولارات على محطات إذاعية وتلفزيونية جديدة لمخاطبة العرب والمسلمين. يكفي أن تقتطع مبالغ مساوية من منحها وضمانات قروضها لـ «إسرائيل» من أجل حملها على تنفيذ قرارات مجلس الأمن والانسحاب من الأراضي العربية التي احتلتها في حرب 1967. وأكد جوزيف سماحة في «السفير» ان دجيرجيان «يعرف ان السياسة الأميركية في المنطقة لن تتغيّر مع قدر من الحمو في الحملة الانتخابية الرئاسية». لكنه رأى بغض النظر عن الأخذ بالتوصيات أم لا، ان المطلوب سيكون تطوير محاولة التسويق لبضاعة غير مرغوبة. وتوقع ألا تصادف «السلعة» الأميركية مستهلكين كثرا في العالمين العربي والإسلامي. فهي قد تكسب ملتحقين ومروّجين. إلاّ انه، في هذه الحال، رأى سماحة ساخرا ان الاحتفاظ بالملتحقين الحاليين سيكون أفضل.. وختم سماحة، بالقول: «إن واحدة من أكثر الخرافات التي نجح اليمين العربي في ترسيخها هي التي تقول أن لا مشكلة على الإطلاق مع الولايات المتحدة وانه يكفي القليل من الجهد الإعلامي لكسب الأميركيين». مؤكدا أن تقرير دجيرجيان هو، بمعنى ما، صدى لهذه «النظرية»... مع فارق. والفارق هو ان مهمة دجيرجيان ستكون أسهل لو كانت مقتصرة على إقناع الأميركيين بأحقية المطالب العربية بدل أن تكون متمحورة على إقناع العرب بعدالة السياسة الأميركية. وعن «تقرير كاي» لاحظ سماحة، ان الإدارة الأميركية التي روّجت لفترة انها ستحارب نظاما خطيرا يكذب ويخفي التهديد الداهم الذي يمثله فعلا، ها هي مستعدة الآن لترويج رواية أخرى تقول إنها حاربت نظاما كاذبا يدعي انه خطير. وسخر من أن الحرب قد تكون عقوبة لحكومة خطيرة وكاذبة أما أن تكون عقوبة لمجرد الكذب فهذا أمر يصعب استيعابه حتى على قسم كبير من الذين قرعوا الطبول. واعتبر ان تحوّل علة الحرب الرئيسية إلى أكذوبة يطرح أسئلة جدية على الديمقراطيتين العريقتين في الولايات المتحدة وبريطانيا. وقال سماحة: «إذا كان بوش وبلير استخدما الحرب لمعاقبة صدام على الكذب فإن الانتخابات هي التي ستحاسبهما على الكذب».

من جانبها، رأت سحر بعاصيري في «النهار»، انه إذا قدم «تقرير كاي» شيئا فقد قدم مزيدا من التشكيك في سبب الحرب ومزيدا من الصدقية لفضائح التضخيم والتلاعب والتزوير التي تحاول إدارة بوش وحكومة بلير التملص منها. واعتبرت انه مع اقتراب الانتخابات الرئاسية وتراجع الثقة بقدرة بوش على معالجة الأزمات سيضطر بوش إلى الإجابة عن أسئلة تتزايد عن أسباب الحرب. لكن بعاصيري، رأت ان ما يثير القلق من بوش والمحيطين به انهم قد يجدون أفضل رد على ذلك في الهروب إلى مغامرة عسكرية جديدة ما قد لا تطغى على العراق، ولكن يمكن أن تنهض بشعبية بوش.

ورأى عبدالباري عطوان في القدس العربي (الفلسطينية) في مقال تحت عنوان: «الكراهية لأميركا وأسبابها»، ان تشكيل الإدارة الأميركية لجنة للبحث عن جذور الكراهية التي يكنّها العرب والمسلمون لها، هو بادرة إيجابية، واعتراف شجاع بوجود ظاهرة خطيرة باتت تهدد مصالح أميركا وتتطلب إيجاد حلول جذرية وعاجلة قبل أن تتفاقم وتستعصي على الحل. وإذ أكد أن الصورة الأميركية سيئة في أذهان العرب والمسلمين، الذين لم يكرهوا أميركا إلاّ بعد أن انحازت بالكامل للعدوان الإسرائيلي، وتبنت أنظمة ديكتاتورية قمعية فاسدة ووفرت لها الحماية والمساندة لأنها توفر لها نفطا رخيصا، وجوارا آمنا لحليفتها «إسرائيل»، فإنه قال: ان كل مليارات أميركا لن تخفف من حدة الكراهية لها في العالمين العربي والإسلامي، فالمشكلة ليست في الرسول وإنما في الرسالة. فطالما ان السياسة الخارجية الأميركية متغلغلة في العداء للعرب والمسلمين، والمساندة للظلم في فلسطين والاحتلال في العراق والفقر عند البقية، فكل الإذاعات والتلفزيونات والبرامج لن تغير إلاّ القليل القليل فقط. معتبرا ان ما لا تدركه أميركا هو ان هذه الكراهية وصلت إلى درجة صادمة. وتساءل عطوان: هل تستوعب أميركا هذه الحقيقة وتبدأ في عملية التغيير قبل فوات الأوان؟

من جانبها اعتبرت الراية (القطرية) ان مجرد إثارة نقاش عن تزايد العداء للولايات المتحدة في العالمين العربي والإسلامي الذي وصل إلى مستويات مريعة بحسب تقرير الكونغرس، أمر مهم وحيوي، يشير إلى بداية يقظة داخل مؤسسات صنع القرار وتوجيه الرأي العام داخل الولايات المتحدة، لمعالجة الخطأ. لكنها أكدت أن الأمر المهم ألا تذهب هذه التوجهات باتجاه الخطأ، والتركيز فقط على رصد أموال إضافية، لإطلاق حملة اتصالات وعلاقات عامة لتحسين صورة أميركا، ذلك أن هذه الصورة لن تتغير نحو الأفضل من دون تغيير السياسات، وبشكل خاص بشأن قضيتي فلسطين والعراق.

ورأى عبدالوهاب بدرخان في الحياة، ان «تقرير دجيرجيان» مثل «تقرير كاي» يتوصل إلى النتيجة نفسها... فذروة الرعونة تكمن تحديدا في النظرة الأميركية إلى أمن المنطقة عموما لأنها تقصي عن حساباتها أسلحة الدمار الشامل في الترسانة الإسرائيلية ولا تأخذ في اعتبارها الخطر الذي تشكله «إسرائيل» على شعوب المنطقة ودولها. التجربة العراقية لا تقدم حتى الآن سوى استنتاج واحد: ضمان أمن «إسرائيل» يمر بوضع المنطقة العربية بشكل أو بآخر تحت الاحتلال الأميركي طالما ان الاحتلال الإسرائيلي المباشر متعذر. فيما تحدث ساطع نورالدين في «السفير»، عن حقيقة التوجه الأميركي، فالاستخدام الأميركي للعصا الإسرائيلية الغليظة لا يستهدف معاقبة الشعب الفلسطيني وحده أو الإطاحة برئيسه عرفات وحسب. بل استفزاز العرب والمسلمين الذين يتفرجون من بعيد على التحولات الكبرى التي تشهدها منطقتهم ودفعهم إلى التحرك سريعا في اتجاه واشنطن.

وفي مقال لافت أيضا، اصطف حازم صاغية في «الحياة»، إلى جانب المنتقدين للسياسات الأميركية أو لإدارة بوش الحالية تحديدا فرأى أن الولايات المتحدة منتجة فعّالة لثقافة المؤامرة بقدر ما تبدو ضحيتها. ملاحظا ان السياسة في البلدان المتقدمة لم تكن في أي وقت على هذا القدر من القابلية لـ «التسخير» الذي نعرفه الآن: دور المال المتعاظم، عجْز الرأي العام عن التأثير في القرار، عنصر الصورة والتلفزيون، وهذه كلها إما صناعة أميركية أو صناعة متأثّرة بالنموذج الأميركي في تأويله الأسوأ الذي أشاعته إدارة بوش. وختم بالقول ان الأهم، في هذا المجال، طريقة التعامل مع «الإرهاب». فهو لا سبب له، إلاّ انه السبب الواحد الأوحد وراء معظم ما يدبّ على هذه الأرض.

وقد يكون مجرد مصادفة، اختيار الوطن (السعودية) أن تنشر تقريرا يلاحظ ان اسم «إسرائيل» لم يطرح على الخريطة العراقية سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، وربما جغرافيا، بهذه الضخامة مثلما هو الأمر بعد سقوط نظام الرئيس صدام حسين واحتلال هذا البلد وتنصيب مجلس حكم انتقالي فيه. ولاحظت أيضا أن الحال العراقية تبدو منفتحة على متغيرات كثيرة تجد «إسرائيل» نفسها الطرف الأقوى فيها، في ظل تخلخل الموازين السياسية والعسكرية الحاصلة بعد انهيار النظام العراقي. ونقلت حديث مصادر سياسية وإعلامية عراقية وعربية عن لقاءات سرية بين أحد أعضاء مجلس الحكم الانتقالي ووزير الخارجية الإسرائيلي السابق شمعون بيريز في غضون الفترة الماضية. لافتة إلى أنه على رغم نفي مصادر في التجمع وأخرى في مجلس الحكم في أحاديث منفصلة حصول مثل هذا الأمر، فإن الجلبة تبدو أوسع مع تنامي الإشارات الإسرائيلية التي ترسلها تجاه العراق. وذكّرت الصحيفة السعودية بالتوصية التي كانت وزارة التجارة الأميركية، أصدرتها لتحثّ الشركات الإسرائيلية المعنية على العمل في العراق بالاندماج مع شركات أردنية والتأهب للوقت المناسب.

من جانبها حملت الصحف الأميركية في طياتها الكثير من التعليقات المنتقدة لسياسة الرئيس الأميركي جورج بوش تجاه العراق، وكيفية اتخاذه قراراته ان كان قبل الحرب أو بعدها.

وتناول جيم لوب في موقع وكالة الأنباء الأميركية «آي. بي. إس» على الإنترنت تقرير السفير السابق إدوارد دجيرجيان، المتعلق بتقويم دبلوماسية التعامل مع الرأي العام في العالمين العربي والإسلامي. واعتبر في مستهل مقاله ان التقرير هو تقييم ممتاز للدبلوماسية الأميركية، ولاسيما انه يطالب الرئيس الأميركي ليس فقط بشرح السياسة الأميركية لعالم إسلامي يزداد عدائية للولايات المتحدة، بل أيضا لتضييق الشرخ الحاصل بين القيم الأميركية وما تقوم به واشنطن على الأرض في المنطقة العربية والإسلامية. وإذ لفت إلى أن التقرير أظهر ان الحرب في العراق وتفاقم النزاع الفلسطيني الإسرائيلي زادا من غضب المسلمين والعرب تجاه الولايات المتحدة، اعتبر لوب، ذلك تحديا مباشرا للمحافظين الجدد وصقور اليمين داخل الإدارة الأميركية وحولها، الذين كانوا ولايزالون يؤكدون أن السياسات الأميركية تفهم بشكل خاطئ في العالمين العربي والإسلامي وان الطريقة الأفضل لكسب قلوب العرب والمسلمين هي اللجوء إلى أساليب طوباوية للتعبير عن تلك السياسات. ولاحظ لوب، ان التقرير يتعارض مع ما يردده الرئيس بوش، من أن على الولايات المتحدة، أن تركّز على شرح وجهة نظرها في العالم الإسلامي، بينما يشدد التقرير على مسألة الإصغاء بدقة إلى ما يقوله الناس في العالم الإسلامي. ولاحظ لوب، ان نشر التقرير المعنون «تغيير الأذهان وربح السلام»، جاء وسط ارتفاع وتيرة القلق لدى النخبة السياسية الأميركية عن ازدياد العداء إلى الأميركيين في العالم الإسلامي. كما أنه لاحظ ان التقرير جاء بعد نشر مجلس العلاقات الخارجية الأميركي تقريرا الأسبوع الماضي يسلط فيه الضوء على أن العداء للولايات المتحدة في الدول الإسلامية، ارتفع إلى مستويات تهدد الأمن القومي الأميركي ومدى فعالية الدبلوماسية الأميركية في الخارج. ونقل عن رئيس مجلس العلاقات الخارجية بيتر بيترسون: ان اتساع العداء للأميركيين هو ما يبرر الصعوبة التي يجدها زعماء بعض الدول في التعاون مع الأميركيين». إلى ذلك، اعتبر لوب، ان أكثر التوصيات لفتا للنظر في التقرير هي تلك المتعلقة بالتنسيق بين صناعة القرار في الولايات المتحدة، والدبلوماسية العامة ولا سيما من خلال تعيين منسق للعلاقات العامة الأميركية في الخارج الذي يشارك في الوقت نفسه في عملية صنع القرار في الولايات المتحدة، على صعيد السياسة الخارجية.

وتناول ديفيد سانغر في «نيويورك تايمز»، تقرير رئيس فريق التفتيش الأميركي عن «أسلحة الدمار الشامل» العراقية ديفيد كاي، معتبرا أن ما توصل إليه كاي، جعل الإدارة الأميركية تتقابل وجها لوجه مع حقيقة جديدة هي ان ما من معلومة في التقرير تدعم مزاعمها بشن حرب على العراق. وأضاف أن ما يعلنه الرئيس الأميركي على الملأ يختلف عما يفكر فيه ضمنيا، فهو لا يبدو مهتما بإيجاد أسلحة دمار شامل في العراق، لأنه بحسب بوش، المهم ان صدام سقط والعراق عاد إلى الحرية. غير ان مساعدي بوش، يعتبرون ضمنيا ان إيجاد الأسلحة مسألة محورية وستكتسب أهمية أكبر في حال اصطدمت الحملة السياسية للرئاسة الأميركية مع الحقائق المتعلقة باحتواء الفوضى في العراق المحتل. وأكد سانغر، ان الشرخ بين ما يقوله بوش، وما توصّل إليه كاي في تقريره، سيجعل النقاش يحتدم في الأوساط الأميركية بشأن ما إذا كان من الصائب اتخاذ قرار بشن الحرب على العراق. ونقل سانغر، عن عضو ديمقراطي سابق في الكونغرس الأميركي لي هاميلتون، ان تقرير كاي، يجعل الرئيس الأميركي يواجه مشكلة كبيرة تتمثل في شرح أسباب عدم العثور على أسلحة دمار شامل في العراق، بعد أن كرر مرارا هو ومساعدوه ان تلك الأسلحة موجودة وانهم سيجدونها حتما مؤكدا أن بوش ومساعديه لن يعودوا قادرين من الآن فصاعدا على القول إنهم سيجدون الأسلحة العراقية المحظورة. وتساءل هاميلتون، ما إذا كان يجدر ببوش ومن سيخلفه في الرئاسة، العثور على حجة أخرى لشن حرب وقائية جديدة، غير حجة الأسلحة المحظورة. إلى ذلك نقل عن بعض مستشاري بوش الذين رفضوا الكشف عن أسمائهم ان مسألة العثور على أسلحة دمار شامل في العراق، ستفقد أهميتها في حال مر احتلال العراق بهدوء. غير ان سانغر، رفض ذلك الرأي مستندا إلى نتائج استطلاع للرأي أجرته صحيفة «نيويورك تايمز»، بالاشتراك مع شبكة «سي. بي. إس» الأميركية، التي أظهرت ان نسبة الأميركيين الذين يوافقون على طريقة الرئيس بوش، في التعامل مع المسألة العراقية، انخفضت إلى 47 في المئة بعد أن كانت 75 في المئة خلال الحرب على العراق

العدد 399 - الخميس 09 أكتوبر 2003م الموافق 12 شعبان 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً