قبل أسبوع تقريبا استضاف بيت القرآن بمعية مجموعة من علماء ومثقفي البحرين الشيخ الفاضل حسن الصفار في حوار صريح وجريء عن التراث والإشكالات المثارة في هذا الشأن لم يخل من مقاربات معتدلة اضفت على واقع الامسية اضاءات فكرية جميلة وفتحت نوافذ اخرى على الثقافة وعززت رؤى تسامحية تدعو الى الحوار.
تميزت الامسية بمداخلات طيفية متنوعة يستشعر المرء من خلالها أن المجتمع البحريني مازال متعطشا الى خطابات متينة تعتمد المعرفة طريقا للحوار والى حلحلة كل مشكل فكري او معرفي بعيدا عن التشنج.
الحوارات كانت هادئة، منفتحة، تلمست في بعض مواضعها بعض مواقع التعقد والتأزم في بعض البنى الفكرية التي نعيشها في محاولة لحلها لإيجاد أرضية مشتركة للجميع.
ما ميز الأمسية هو الحضور المتميز والنخبوي المتلهف لأي خطاب غير مأزوم، يدعو للحوار، بعيدا عن اية لغة تكفيرية متشنجة.
نحن في البحرين بحاجة إلى فتح مناخات ثقافية جديدة من خلالها نستطيع ان نرى الآخر وخصوصا من طبقة الشباب لنسمعه وليسمعنا، ليتحاور معنا - كرجال دين وكمثقفين - ونتحاور معه، كما اننا بحاجة الى خلق منابر ثقافية فكرية جادة تتلمس المشتركات الداعية إلى احترام الآخر، بل إلى مناقشة أفكاره بحوارات علمية من دون حاجة إلى التلويح بالعصا. فالنظرية المتينة لا يمكن أن تصبح أسيرة الرهاب الذاتي او الفكر العصابي او ان تسقط حبيسة الخوف من الآخر أو ان تتموضع في شرنقة الفوبيا الذاتية.
الثقافة هي الحياة، ومجتمع بلا معرفة لابد ان يقاد الى الموت والى الاجتهادات القاتلة ونحن في البحرين بحاجة الى إعادة قراءة خطابنا المجتمعي، والى مراجعة بعض رؤانا التي جعلتنا نتشرنق على الذات ونخاف من كل آخر.
في أمسية بيت القرآن التفت الصفار قبل انتهاء المحاضرة بلحظات وبعد ان أسهب الحضور في المداخلات، التفت الى جهة النساء - إذ كان عددهن يقارب 30 امرأة تقريبا - قائلا ومتسائلا: «لماذا لم نسمع ولا مداخلة واحدة من النساء الحاضرات؟».
وبعيدا عن تساؤل الصفار وعن تلك الامسية، إذ اعتقد ان هناك من أرَدْنَ المداخلة لكن لضيق الوقت - ربما - لم يوفقن لذلك، ولكن ذلك لا يعني انه لا توجد ازمة معالجة لهذا الاشكال تفتح جرحا فكريا في علاج قضايا المرأة البحرينية التي مازالت تحتاج إلى حل بعيدا عن التعصب.
فمازال الخطاب الاسلامي البحريني يخفي في مضمراته عدم الرغبة في تقلد المرأة كثيرا من المناصب القيادية، فالخطاب المعلن يناقض الخطاب الخفي فليس لها دور في صوغ القرار السياسي الاسلامي في الدوائر السياسية، فهي مازالت في موضع التلقي وينظر اليها على انها ناقصة عقل وعلى رغم وجود طاقات نسائية بحرينية محسوبة على التيار الاسلامي فإنها مازالت مهمشة او معزولة في ضمن أطر لا تعكس حقيقة ما كتبه الاسلام للمرأة من دور اجتماعي سياسي ثقافي فاعل يعكس طموح الايديولوجية الاسلامية وفق الضوابط الاسلامية. هل بعد ذلك سنرى تغيرا؟ فنحن بحاجة إلى بحرينيات يدافعن عن الاسلام في كل الميادين. الصحافية، السياسية، الثقافية، بحشمة يدفعها الوعي الاسلامي والأفق الرفيع والثقافة العالية
إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"العدد 398 - الأربعاء 08 أكتوبر 2003م الموافق 11 شعبان 1424هـ