العدد 398 - الأربعاء 08 أكتوبر 2003م الموافق 11 شعبان 1424هـ

تطوير الضمان الاجتماعي يتطلب تنمية اقتصادية مستديمة

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

فيما تعلو المطالبات - وهي مشروعة - بمد مظلة الضمان الاجتماعي لتشمل العاطلين عن العمل يغفل البعض متطلبات هذا الأمر. من جانب فان هناك ازمة مازالت في طور المعالجة ولانعلم إذا كانت في طريقها الى الحل وهي مشكلة التأمينات الاجتماعية وربما صندوق التعويضات، إذ ان الخبراء اشاروا إلى ان التأمينات الاجتماعية (التي ترعى تأمينات القطاع الخاص) بدأت في العد التنازلي ما يعني خطر اختفاء غطاء التأمين مستقبلا. وعلى رغم ان هناك تطمينات بأن التأمينات والصندوق (الأول للقطاع الخاص والثاني للقطاع الحكومي) لديهما استثمارات لم يتم استخدامها فإن الاستثمارات يحتفظ فيها لمزيد من التطوير في الدخل وليس للاستهلاك في الدفوعات للاشخاص المستحقين لعطاءات التأمين.

وهذا يعود بنا الى الحديث الذي نهرب منه جميعا وهو مسألة دفع الضرائب أو مزيد من الضرائب. والهروب له مبرراته، فمن جانب دافع الضرائب يتوقع ان معاشه يكفي الحد الادنى من المعيشة، ومن جانب آخر فإن الحكومة تسعى إلى توفير متطلبات التنمية المستديمة التي تستطيع توفير المال للصرف على التأمينات وصرف مبالغ للعاطلين لاحقا.

المبدأ الاساس في «دولة الرعاية»، الموجودة في اوروبا مثلا يعتمد على التنمية المستديمة وليس على توافر المادة الآنية. فمن السهل زيادة الاستهلاك الحكومي والفردي (بمعنى آخر الصرف المادي الآني) ولكن ليس من السهل توجيه السياسات الوطنية والفردية باتجاه التنمية التي تتطلب الاقتراض من أجل الاستثمار (وليس الاقتراض من أجل الصرف، أو الاستهلاك غير المحدود، الذي يتطلب الصرف المستمر).

الصرف الحكومي يجب ان يتوجه الى البنية التحتية، واستثماراتها يجب ان تكون بعيدة المدى لتطور أفضل الطرق وأفضل المجاري وأفضل المياه وأفضل وسائل الطاقة. هذه التسهيلات المحورية هي التي تضمن استدامة التنمية التي يضطلع بها القطاع الخاص في المجالات المربحة أو تضطلع بها الحكومة في المجالات غير المربحة ولكنها ضرورية للمواطن. وعلى هذا الاساس يبدأ النمو ويتصاعد الدخل ويمكن للدولة ان تمد مظلة الضمان الاجتماعي من دون الحاجة للاضرار بالموازنة العامة.

ولعلنا بحاجة إلى تسريع في عدد من الخطوات او الاقتصار على بعضها لاننا لا نستطيع الانتظار لكي تتحقق جميع متطلبات التنمية المستديمة. هذا التسريع مطلوب لاننا ندخل بسرعة الى السوق الحرة، وهذا الدخول مطلوب منا ولا يمكننا الهروب منه إذا كنا نود العيش في هذا العصر. ومن متطلبات السوق الحرة (سواء كانت ذلك عبر الانضمام لمنظمة التجارة الدولية أو الاتحاد الجمركي الخليجي أو قريبا فتح التجارة الحرة مع الولايات المتحدة) فسح المجال امام المنافسة والخصخصة ما يعني ان كثيرا من المواطنين سيواجهون مستقبلا ليس سهلا. وفعلا فلقد شاهدنا خلال الاسابيع الماضية تسريح عاملات من مصانع الملابس الجاهزة وتسريح حجاب المحاكم وغيرهم، وقريبا سنسمع عن المزيد.

التنمية الاجتماعية تتطلب خطة متكاملة ونفسا طويلا، والمواطنون يطلبون خطة بعيدة الأمد للضمان الاجتماعي. فلقد كانت هناك مساعدات مالية للعاطلين لمدة ستة اشهر قبل عامين، ولكن استدامة مثل هذه المساعدات بحاجة إلى خطة البعيدة المدى.

السوق الحرة تتطلب ايضا التضحية بكثير من الامور التي اعتدنا عليها لكي تمارس دورها في التنمية الاقتصادية المستديمة. ويقع لدينا التضاد في هذه المسألة، إذ ان التنمية الاقتصادية القائمة على السوق الحرة تبدو وكأنها مضادة للتنمية الاجتماعية التي تحميها انظمة الضمان الاجتماعي. غير اننا لسنا الوحيدين الواقعين في هذا التناقض والدول الاخرى تعلم ان السوق الحرة لها حدود والفرق هو فقط في معرفة حدود السوق ومن ثم التدخل - بصورة استراتيجية - لحماية المواطن من خطر الفقر والضياع ونقصان الخدمات الاساسية في التعليم والصحة.

كل ذلك يتطلب ثقافة وطنية ترعاها الدولة ومؤسسات المجتمع المدني لكي تستطيع دفع عجلة التنمية في الوقت الذي نطالب فيه بحقوق المواطن. وهذا الفهم يحمينا من رفع الشعارات غير الواقعية أو القيام بأعمال قد تضر بالتنمية الاقتصادية وبالتالي تضعف قدرة المواطن من الحصول على حقوقة

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 398 - الأربعاء 08 أكتوبر 2003م الموافق 11 شعبان 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً