أستند على وعد من الورد... على الأماسي الحنونة... على سيدة ترأف بعشاق منذورين للطعن وتراكم الخيبات وانهمار الفجائع... أستند على المساء الأخير في الانتظار الأخير... أقطع من العمر ما استطعت لأصل سيدة الليل بأقمارها المؤجلة... لأصل الأبواب بالحفاوات المفتقدة... لأصل السهر بفضة المفاجأة!
من يدجن وحشة الناي في السفر الجارح؟ استسلمت لنعاس أحالني الى مرايا للخديعة... استسلمت للمدى فصحوت على أرض بلا سماء!
أية وصية يمكن أن تقنع أهلي بجدواي في الحب والملح؟ أية وصية تربك حكمة العُود وحنينه؟ أية غزالة تجد فيّ مأمنها في ظل تناسل الكمائن؟ أي حجر أقنعه بجدواي فيما هو يصعد في أسره وأظل أسيرا في حريتي؟
هنا أم هناك؟ أهز أول غنائمك فيطلع شجنك زفرة يبدأ منها النرجس درسه الأول... أمعن في شرق الأشياء فأغرب كأنني يأس المدن وثقة الخراب!... أي فردوس ذلك الذي لا يخلف وراءه سوى الشهود على العصف؟ أي عرش لا يتذكر سوى رعاياه وهم موغلون في النعوش؟
تحضرك البسطامي وهو يرى ارثه نهبا في الفضاء... يتمتم: «لا يشكوّن قلب العارف وان قطّع بالمقراض»... يحضرك المتكحل بالملح... ذلك الشبلي... كي لا تغفل عينه عن ملكوت الله... يحضرك فتية الغار وقد استووا في نومهم برهانا على الحضور المغيب... أحضرك في همس الغريبة للغريب وقد استوى أضحية لخلاص العالم