يحاول البعض النيل من ثوابت المجتمع وخلخلة قواعده، وهز اركانه، وذلك من خلال شل حركة المرأة في المجتمع، ووضع عقبات ومنحنيات في طريقها. ان المرأة قد تكون امة بمفردها وقد كانت كذلك، ونحن حينما نتصفح صفحات التاريخ ونغوص في اعماق بحوره نجد مواقف وبطولات للمرأة المسلمة عجز رجال ان يقفوا موقفها، ولا نريد ان نذكر تلك النماذج كي لا يطول الحديث ونخرج عن مضمونه وانما نذكّر بحادث واحدت فقط، وهو ان رسول هذه الأمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم حينما جاءه الوحي وشق عليه ذلك كان ممن وقف معه سيدة النساء خديجة (رضي الله عنها) غطته بدفء حناحها، وواسته بكلمات من نور لا تصدر إلا من عقل راجح، وفكر مستنير قالت له مستلهمة ايمانها الفطري، وما يملك هذ النبي من رصيد المكارم الانسانية: «لن يخزيك الله ابدا، وانك لتصدق الحديث، وتصل الرحم، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق، وتؤدي «الامانة» ما اعظمها من كلمات، صدرت من زوج حنون على زوجها، صدرت من امرأة يوازن عقلها بعقل آلاف الرجال، فكانت تلك الكلمات شحنة قوية ايمانية ثبتت قلب رسول هذه الأمة، نطقت بها اعظم امرأة عرفتها الانسانية.
هذي هي المرأة المسلمة قادرة على النهوض والتنهد في هذا المجتمع بافكارها وعلمها وبكل ما اوتيت من عقل وفقه وقادرة على صنع الرجال والوقوف معهم صفا واحدا من أجل المجتمع.
ان البعض يحاول التشكيك في قدرة المرأة العلمية لتحقيق اغراض وأهداف معينة، يستقل مكانته ومنصبه للترويج لهذه الفكرة، اننا لا يمكن ان نفترض البراءة والعفو، ان البراءة متعذرة وغير مفترضة لدى البعض، نحن لا نجوز لاحد ان يستغل الفرصة ليروج لافكاره ومبتدعاته، نعتقد ان هناك اطرافا ذات مصلحة - ليست فوق الشبهة - تحاول خرق صف المرأة المناضلة، وممارسة العبث الذي يستهدف تهميش دور المرأة الفاعل وتقليص مهماتها في الواقع، ان البعض يتعاطى جرعات يومية منظمة من اجلاء واقصاء الشرفاء.
لذلك ينبغي على كل امرأة حرة شريفة ان تقف ضد كل من يستهدف مكانتها، وان تعلو من قدرها، وتأخذ مكانها الشرعي، وتعلم بان لها حقوقا، والا تسكت وتصمت ضد الحملات التي تستهدفها وتحاول النيل منها. وان تقف امام كل جاهل جهول يحاول ان يثنيها عن عزمها، لان المرأة مسئولة كما الرجل عن كل ما يحدث لهذه الأمة، يقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: «كيف انتم اذا تركتم الجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر... الحديث» في هذا الحديث العظيم يلقي النبي عليه الصلاة والسلام المسئولية على الجانبين الذكر والانثى على حد سواء لا فرق بينهما، فخطاب الرسول خطاب عام يشمل الجنسين، والمرأة داخلة في عموم الخطاب، ما لم يأتي مخصص بخلاف ذلك. فمسئولية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مسئولية الجميع، يقول سيدنا علي (ع): «كيف انتم وزمان قد اضلكم تعطل فيه الحدود ويتخذ المال فيه دولا، ويعادى فيه اولياء الله ويوالى فيه اعداء الله قلنا: فان ادركنا ذلك الزمان فكيف نصنع؟ قال: كونوا كاصحاب عيسى عليه السلام نشروا بالمناشير وصلبوا على الخشب موتا في طاعة الله عز وجل خيرا من حياة في معصية الله» فيا أيتها المرأة المسلمة، يا من كرمك الله واوصى بك النبي صلى الله عليه وسلم، لابد من القيام بواجبك وان تقفي وقفة حق لإعلان الجهاد ضد من يقف امام حقوقك المشروعة، وان تناضلين من أجل تلك الحقوق بشدة وصلابة، لتشق طريقك نحو الحياة، كما لاتنسي أيتها المرأة ان تقفي مع اخواتك اللاتي عصفت بهم رياح الزمن في المحاكم الشرعية، وينتظرون منك الوقوف معهم صفا واحدا، فهل تهبين لنجدتها من أجل حقوقها
العدد 397 - الثلثاء 07 أكتوبر 2003م الموافق 10 شعبان 1424هـ