السيد هاني فحص من بين العناصر القديرة المعروفة في الساحة اللبنانية وينظر إليه ليس فقط كأحد علماء الدين بل كمناضل قاوم ودخل المعتقلات إلى جانب كونه ذا ثقافة سياسية واسعة.
عند حديثه عن تجربة الشعب اللبناني في عملية الخروج من مأزق الطائفية والارتفاع فوقها لبناء دولة لبنانية ديمقراطية لا تسيّرها الدولة لكنها لا تلغيها وتجعل منها واجهة لها لكشف كيفية التعامل اللبناني مع قضاياه الوطنية من خلال تلك التجربة.
كان ذلك في مقر جمعية العمل الديمقراطي، كانت محاضرة قيمة، تحدث فيها فحص عن تجربة خصبة، خصوبتها تكمن في كيفية جعل الجميع يلتفون حول المقاومة وترتفع المقاومة فوق مستوى الخلافات.
صحيح أنه تحدث عن التجربة اللبنانية لكنه أراد أن يجعل منها نموذجا يستفيد منه المثقفون البحرينيون والمنشغلون بالسياسة في جمعياتنا.
لفت نظري خلال رده على عدد من الأسئلة قوله بضرورة الاستفادة من هامش الحرية والشفافية المتاح أمام الشعب، وكأنه يود أن يؤكد أن الفرصة متاحة للاستفادة من هذا الهامش ومن دون إضاعته في خلافات قد لا تخدم الوطن والمواطنين.
كان طرحه ذكيا ولافتا للنظر حين طالب بالاستفادة مما هو مطروح أمامنا وكأنه يود لو يقول على السياسي أن يستفيد من النظرية التقليدية (خذ ما تستطيع ثم طالب بالباقي) وكأنه أحس بأن «الجمعيات السياسية» في بلادنا لا تبدي المرونة المطلوبة ما قد يسبب شرخا في الوسط السياسي.
وقال ضمن ما قال يجب عدم إثارة الشكوك وهذا أيضا يتناقض مع ما يجري في الساحة السياسية البحرينية، فإن المتتبع لما يجري ومن خلال خطاب بعض الجمعيات السياسية وإصداراتها تتضح صورة مغايرة لما دعا إليه المحاضر... فهي أشبه بإعلانات مواجهة ساخنة وهي بمثابة وجهات نظر متصلبة وهذا هو الذي حذر منه السيد هاني فحص.
ولا أعتقد أن هناك من يشك في نجاح التجربة اللبنانية كما لا أعتقد أن هناك أي شك فيما يمتلكه هذا المناضل من وعي سياسي وصدقية في الطرح وقدرته على قراءة المستقبل من خلال تجاربه النضالية كما عرف الحضور به الرفيق عبدالرحمن النعيمي.
ولفت نظري حين ذكر ان الخلاف يبقى خلافا ولا يمكن تناسيه بين الأطياف بجرة قلم أو من خلال مؤتمر لكن على الأطياف المختلفة أن تتركه جانبا كما حدث في لبنان والاتفاق على العمل معا من أجل المصلحة الوطنية العامة بمعنى لا يجب أن يرتفع صوت فوق صوت المكاسب الوطنية والوسائل الكفيلة بتحقيقها
العدد 397 - الثلثاء 07 أكتوبر 2003م الموافق 10 شعبان 1424هـ