تعيش أوساط القطاع المصرفي الفرنسي منذ الخميس الماضي وسط أجواء مقلقة على سمعته الخارجية بعد أن أمرت القاضية إيزابيل بريفوه ديسبريس، إحالة ثمانية مصارف عاملة في العاصمة الى محكمة باريس التأديبية بتهمة «تبييض خطير» للأموال عبر تهريب شيكات بين فرنسا و«اسرائيل» وعلمت «الوسط» من مصادر فرنسية مطلعة بأن جميع المداخلات التي سبقت القرار والضغوط التي مورست في الفترات الأخيرة على القاضية المذكورة التي وصلت في بعض الحالات الى حدود التهديد، لم تثنها عن موقفها القاضي بتحويل ملفات كل من المصارف الآتية: سوسيثية - جنرال، شركة المارسييز للإقراض، وبنك أميركان إكسبريس فرع فرنسا، وبنك لومي الاسرائيلي، وباركليز بنك البريطاني، وبنك سرادار اللبناني، والبنك الوطني الباكستاني، الى المحكمة المختصة. لكن الشيء الذي هز القطاع أكثر، هو إحالة رئيس مجلس إدارة بنك سوسيثيه جنرال - أحد أعمدة القطاع المغربي الفرنسي - دانييل بوتون للمحكمة نفسها. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، إذ عمدت القاضية بتحويل نحو مئة شخص من مسئولي الجمعيات الدينية اليهودية بما فيهم حاخامات للمحكمة، ذلك في اطار ما عرف بفضيحة حي «السانتييه» التجاري الذي يتعاطى العاملون فيهم بغالبيتهم تجارة الألبسة الجاهزة بالجملة. وأثبتت الأدلة المتوافرة لدى التحقيق بأن 124 تاجرا ينتمون للطائفة اليهودية متورطون في هذه الشبكة الاسرائيلية المتخصصة بتبييض الأموال الوسخة، والتي تتخذ من تل أبيب وحيفا مركزا وممرا.
كما أدت هذه الأدلة التي فتحت الأعين على شبكات اسرائيلية أخرى تعمل في مجالات متعددة، بلجان الاتحاد الأوروبي المتخصصة بمكافحة تبييض الأموال الى دراسة امكان اعادة النظر بالتسهيلات التي كانت على وشك اعطائها للشركات الاسرائيلية التي تود فتح فروع لها في عواصمه. كما عمدت الى اعادة النظر باللوائح المنتظمة لأسماء تجار ومصرفيين ووسطاء اسرائيليين سبق وتقدموا بطلبات للحصول على تراخيص لممارسة أنشطة عدة، سيما في مجال العمل المالي والمصرفي فتجارة الألماس والذهب الموضوعة منذ فترة تحت مراقبة شديدة تحديدا في مدينة أنفرس البلجيكية. في السياق نفسه، ذكرت مصادر مقربة من المشرفين على التحقيق بالقضية بأن عملية «السانتيه» كشفت تورط الجمعيات الدينية اليهودية الموجودة في فرنسا بعمليات تبييض أموال المخدرات التي تأتي تحديدا من كولومبيا في مشروعات عقارية في الدرجة - الأولى وذلك اسرائيليين مقربين من حزب الليكود بتهريب الشيكات تحت غطاء رسمي على رغم هذه المحاولات والضغوط المستمرة على القضاء الفرنسي، إلا أن تشعبات هذه القضية التي أخذت طريقها للعلن لن يكون من السهل احتوائها ولو سخّر اللوبي الاسرائيلي المسيطر على الاعلام الفرنسي قدراته. فالوضع الاقتصادي الفرنسي الصعب لن يسمح بحسب رأي أحد كبار المسئولين باغلاق هذا الملف
العدد 397 - الثلثاء 07 أكتوبر 2003م الموافق 10 شعبان 1424هـ