طالب الشيخ عيسى قاسم في خطبته أمس بمسجد الإمام الصادق (ع) بالدراز الحكومة بعدم التدخل في وظيفة المساجد، موضحا أن «تدخل المسجد في السياسة وعلاقة الشعوب والحكومات طبقا لأحكام الدين تطبيق للوظيفة المسجدية، وتعطيل المسجد مخالفة شرعية صريحة».
وقال قاسم: «وقف الواقف يخرج ما كان له عن ملكه، وينهي علاقته الخاصة به، إلا أن يجعل لنفسه الولاية عليه في متن إيقاع الوصف، والولاية غير الملكية وهي قابلة للإنهاء ولابد أن تنهى عند مخالفة الحكم الشرعي الخاضعة له».
وأوضح أن «المساجد لانتفاع المسلمين وفي مقدمتها الصلاة، والإرشاد الديني، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وحين يقف المسجد عن وظيفة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا توجد مؤسسة أخرى تقوم بهذا الدور، وهو آخر قلعة تقوم بهذا الواجب. ولا تملكها الحكومات ولا الفئات، ومن عطل المسجد فقد حارب الله ورسوله (ص) وهو منكر شديد. فالحكومة إذا منعت مسجدا من أداء وظيفته فقد ارتكبت كل هذا».
وبين ان «التدخل من الحكومات أو غيرها في المساجد على مستويين، الأول أن تعطل وظيفة المسجد، والمستوى الآخر أن يستولى على وظيفة المسجد وأن تجير للحكومات، بحيث يتحول المسجد إلى مؤسسة رسمية، وهذا منكر أكبر».
وقال: «لا يملك المرء إلا أن يبدي عجبه من تكثير الحكومة للأزمات على مستوى المعيشة والإسكان، حيث تتوالى دفعات الموقوفين بين حين وآخر. وهذا تأزيم شديد للوضع، بما لا يعطي الوضع الاستقرار قليلا».
وعرج قاسم على حرب «إسرائيل» على غزة، مشيرا إلى أن «إسرائيل» انتصرت وحماس انتصرت، انتصار «إسرائيل» هو انتصار آلة عمياء وليس انتصار بطولات، ولا انتصار أهداف حركت المعركة، ولا انتصار قيم إنسانية، بل هو هزيمة أخلاقية وإنسانية، وانتصار حققه تفوق السلاح لا المقاتل لفن الهدم والقتل والتدمير.
وتابع «لحماس نصر من نوع آخر، انتصار الصمود والمبادئ وإبطال الأهداف الظالمة الخبيثة التي حددها العدوان المجرم، وهزيمة «إسرائيل» ليست خاصة بها، وانتصار حماس انتصار للشعوب المؤمنة وضميرها وموقفها المساند ومن اختار أن يكون معها في خندق واحد وقت المحنة واشتدادها. وقد شملت هزيمة «إسرائيل» وكل من وقف معها... ثم إن آلة الحرب الإسرائيلية العملاقة لم تستطع أن تخرج حماس من الساحة الأمنية والسياسية رغم القسوة البالغة والاستفزاز لأهل غزة عسى أن يكفروا بالمقاومة».
ونوه الى «انها محاولة ستستمر ولكنها غير مرشحة لإلغاء المقاومة، لما لها من إيمان بالمبدأ، والرسالة والهوية الصادقة الأصيلة الصالحة، ولما لها من عمق ضارب في وجدان الأمة وضميرها وقاعدتها الجماهيرية العريضة التي بدأت تعبر عن نفسها عمليا، ومع تصاعدها لا يستطيع العدو ولا غيرهم أن يفرضوا أهدافهم».
وانتقل قاسم للحديث عن تولي أوباما رئاسة أميركا قائلا إن: «الاتجاه السائد داخل أميركا وفي الكثير من شعوب العالم، أن أوباما لن يكون على مستوى الشر الذي كان عليه سابقه، وإن كان ذلك صادقا فإن ذلك سيخفف من الولايات المبنية على السياسة المنفلتة الطائشة لبوش بسبب طيشه ورعونته. وإذا خف الشر عند أوباما، فإن ذلك لصالح بلاده قبل صالح البلاد الأخرى، فإن أميركا القوية لابد أن تضعف وتتهاوى إذا أخذت بطريق الظلم والعدوان، لأن ذلك القوي مهما كان عليه من قوة لن يصدم أمام بلايين العالم».
ولفت إلى أنه «على أشد الاحتمالات تفاؤلا، لن يكون أوباما منقذا للعالم، ولن يتحمل انتشال أمتنا من أوضاعها المتخلفة. إن تصحيح أوضاع الأمة والنهوض بمستواها مسئولية أبنائها جميعا، أما تحمل المسئولية بصدق وكفاءة فلن يكون إلا عبر النخبة الواعية، تسندها الجماهير العريضة من أبناء الأمة في كل مكان. ولا يكون ذلك على يد أنظمة يتوقع أن تكيد بالأمة».
وعن قمة الكويت قال قاسم: «قمة الكويت أخذت في الجانب السياسي بالعموميات ولم تضع النقاط على الحروف وهربت من التفاصيل، وكانت مصالحة سطحية بعيدة عن التوافق، وبقاء موارد الخلاف من دون تقارب بقاء للخلاف لا محالة. فحتى مصالحات الأطفال لا تتم على مستوى الحقيقية إلا بقناعة الآخر والرضا النفسي».
وأكد قاسم أن «المصالحة والتعاون مطلوب حيث يكون على الحق ومع الحق وللحق، وهو في المورد ضرورة حيث يكون من أجل الأمة وشعوبها والمقاومة وغزة وقضيتها وفلسطين المغتصبة وعودتها والإسلام وعزته. والمصالحة مرفوضة إذا كانت على الباطل وللباطل، وهي كذلك في المورد إذا كانت من أجل محاصرة المقاومة وإذلال الأمة، ونرجو أن تكون مصالحة دائمة وتعاونا مستمرا لعز الأمة واستقلالها وحريتها وكرامة إنسانها».
العدد 2332 - الجمعة 23 يناير 2009م الموافق 26 محرم 1430هـ