لم يمنع وجود صاحب السمو الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد القائد العام لقوة دفاع البحرين في قلب الوحش الأميركي وعلى أرضه أن يتجرد من كل اسار الخوف والمجاملة التي عودنا قادتنا في معظم الأنظمة العربية التسلح بها خصوصا عندما يكون الحديث في حضرة راعي السلام الأميركي وعلى أرضه.
خرج سموه من شرنقة المجاملة ومزقها وألقى في كلمته المتلفزة في الجلسة الافتتاحية للمنتدى الاقتصادي العربي الأميركي الذي عقد في ديترويت في الولايات المتحدة وقال بصريح العبارة «إن سياسات بناء الجدران والاغتيال والإرهاب لا يمكن تبريرها أو الاستمرار فيها من الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي وهي لا تؤدي إلا إلى إبعادنا أكثر عن السلام الحقيقي والدائم، وعلينا أن نقر أن عملية السلام بكاملها تواجه أزمة».
إن الأميركان الذين لم يتعودوا مواجهة هذه الكلمات وبهذا الوضوح وفي أكثر مراحل وقوفهم إلى جانب العنصرية الصهيونية بكل آثامها وجرائمها لا شك وأنهم استمعوا إلى هذه الكلمات وخصوصا الإدارة الأميركية التي يرأسها جورج بوش وكأن السماء تمطر صخورا على رؤوسهم.
إنه لم يؤد بالإدارة الأميركية إلى ما بلغته من مستوى الطغيان الحالي إلا مجاملات القيادات العربية وتخوفها من استخدام الألفاظ المنتقاة غير الصريحة التي لا تبعث إلى وضوح الرؤية.
إن سموه لم يكتف بإعلان موقف مملكة البحرين من استنكارها لهذا التعامل المزدوج تجاه «إسرائيل» التي لا تحترم المواثيق والقرارات، بل تعداها إلى مطالبته بضرورة ربط الولايات المتحدة مساعداتها الاقتصادية لـ «إسرائيل» بمدى تنفيذها لعملية السلام على أرض الواقع إذا كانت صادقة في رغبتها لتحقيق السلام وعدم الاكتفاء بالضغوط السياسية.
وكأن سموه في كلمته قد يأس من الدور الرسمي الأميركي حين وجه كلماته للشعب الأميركي وكأنه يقول لهم (اصحوا) فإن المساعدات تقتطع من قوتكم اليومي حين قال: «أيها الأميركيون... إن الدولارات التي يقدمها دافعو الضرائب يجب إنفاقها في بناء جسور المحبة لا جدران التفرقة».
كلمات قصيرة ودقيقة لكن هذا النوع من الكلمات وحده الذي يثير الشعب الأميركي ويصحيّه من نومه
العدد 396 - الإثنين 06 أكتوبر 2003م الموافق 09 شعبان 1424هـ