تحتضن «الوسط» عصر اليوم (السبت) ورشة الإعلاميين الديمقراطيين، التي تنظمها شبكة الديمقراطيين في العالم العربي بالتعاون مع صحيفة «الوسط» في الفترة من 24-25 يناير/ كانون الثاني الجاري. وتأتي هذه الورشة ضمن الورش الأساسية التمهيدية لإنشاء شبكة للإعلاميين الديمقراطيين في شمال إفريقيا والشرق الأوسط.
من جهته، توقع رئيس مركز الإسلام والديمقراطية في واشنطن والمتخصص في العلاقة بين الإسلام والديمقراطية رضوان المصمودي في حوار مع «الوسط» أن «تشهد الدول العربية والإسلامية في المنطقة تغييرا كبيرا وجذريا خلال السنوات الخمس المقبلة، وفق جميع المعطيات التي تؤكد ذلك»، وأشار إلى أن «العلاقة بين الإسلام والديمقراطية هي علاقة تكامل وليس فيها أي تناقض»، مؤكدا أن «مجالس الشورى المعينة هي مجالس صورية تخالف الشورى في الإسلام كما أنها تخالف الديمقراطية».
الوسط - مالك عبدالله
توقع رئيس مركز الإسلام والديمقراطية في واشنطن والمتخصص في العلاقة بين الإسلام والديمقراطية رضوان المصمودي في حوار مع «الوسط» أن «تشهد الدول العربية والإسلامية في المنطقة تغييرا كبيرا وجذريا خلال الخمس سنوات المقبلة، وفق جميع المعطيات التي تؤكد ذلك»، وأشار إلى أن «العلاقة بين الإسلام والديمقراطية هي علاقة تكامل وليس فيها أي تناقض»، مؤكدا أن «مجالس الشورى المعينة هي مجالس صورية تخالف الشورى في الإسلام كما إنها تخالف الديمقراطية».
يشار إلى أن المصمودي هو أحد المشاركين في ورشة الإعلاميين الديمقراطيين في العالم العربي والتي تحتضنها «الوسط» اليوم السبت وغدا الأحد. وهذا نص الحوار:
- كيف تقرؤون العلاقة بين الإسلام والديمقراطية؟.
أرى أن هناك تكاملا بين الإسلام والديمقراطية، فالإسلام يأمر بالشورى والعدل والمساواة والحفاظ على كرامة الإنسان، وهناك آيات كثيرة تتحدث عن العدل والشورى والحفاظ على كرامة الإنسان ورعايتها، وهذه قيم إسلامية، والديمقراطية هي آلية لتنفيذ هذه القيم، لذلك فهناك تكامل بين قيم الإسلام وآليات الديمقراطية. مأساة الأمة الإسلامية تكمن في إنها لم تنجح في الوصول إلى آليات لتطبيق هذه القيم، فالإسلام أمر بالشورى ولكنها منعدمة في الدول الإسلامية منذ عهد الخلفاء الراشدين حتى الآن، لذلك فإن الديمقراطية هي أفضل طريقة لتطبيق الشورى.
- هناك آراء تقول إن هناك تعارضا بين تطبيق الديمقراطية والإسلام، وتذهب لأكثر من ذلك بقولها أن تطبيق الديمقراطية من شأنه أن يحرف النظام السياسي عن الإسلام.
هناك سوء فهم للإسلام والديمقراطية لدى هؤلاء، فالإسلام لا يريد أن يفرض أي شيء بالقوة على الناس، إذ إنه يعمل على إقناع الناس، فالإسلام يأتي من القناعة، والشعب إذا لم يقتنع فإن الإسلام لا يفرض عليه شيء، والديمقراطية تعطيهم الحق في إبداء رأيهم، ومن غير المعقول أن تأتي الديمقراطية بأي شيء يخالف الإسلام وهي منطلق من شعب مسلم.
بل على العكس من ذلك فإن الديكتاتورية والاستبداد هما المخالفان للإسلام، أما الديمقراطية فهي ما يختاره الناس، وإذا اختاروا شيئا غير الإسلام فالإسلام لا يفرض عليهم شيء، لذلك لا بد أن نلجأ إلى التوعية وإلى التعليم وهذا عمل رجال الدين، لأنه «لا إكراه في الدين»، لأن الدين يجب أن يكون نابعا من القلب ويصدق بالعمل.
- ألا تطبق الدول العربية والإسلامية الأمر بالشورى الوارد في القرآن من خلال المجالس المعينة؟
مجلس الشورى في الإسلام والديمقراطية، مجلس رقابة حقيقي ولابد أن يكون قادرا على التشريع، وإذا كانت هذه السلطة غير مستقلة ومعينة من قبل السلطة التنفيذية تصبح شورى صورية.
لذلك لابد أن يكون مجلس الشورى نابعا من إرادة الأمة لا أن يكون معينا من قبل أشخاص إذا غضبوا عليه أقالوه وإذا رضوا عنه أبقوه، هذه مجالس لا تعبر عن الشورى الحقيقية أبدا، لأن الشورى الحقيقية لا تتأتى إلا بالمؤسسات المستقلة والقوية؟، والرسول (ص) أمرنا كمسلمين أن نستفيد من تجارب الآخرين، وإذا كانت هناك أمم أخرى لديها مؤسسات رقابية متطورة ولديها تداول سلطة وضمان لحرية التعبير وضمان لكرامة الإنسان وهذه جميعها تصب في مجال تطبيق القيم الإسلامية كالشورى والعدل فما الضرر أن نستفيد من تجاربها ونعمل على تطويرها وفق ما يتناسب مع الإسلام؟، لأن الديمقراطية ليست كاملة وهي بحاجة إلى التطوير بصورة دائمة، وهي قابلة لذلك.
-ما هو السبيل لأن تخرج الأمتين العربية والإسلامية من الديكتاتورية إلى الديمقراطية؟
المواطنة، السبيل الأول هو التربية الحقيقية على المواطنة إذ لا بد من أن يتعلم المواطن في الدول العربية والإسلامية معنى المواطنة، فالمواطنة ليست عنوان بل لها شروط فللمواطن حقوق وواجبات يجب أن يعرفها، من أجل أن يكون مواطنا صالحا وفعال وله دور أساسي في الدولة والنظام، فالمواطن الذي يعرف حقوقه وواجباته ويدافع عنها هو ركن أساسي من أركان الديمقراطية. أما الركن الثاني في عملية التحول هي التجديد الدائم في الفكر الإسلامي، فالإسلام فيه قيم وثوابت ولكن الاجتهادات هي التي تتغير وتكون قابلة للتجديد والتطوير للتناسب مع الواقع. ولا يمكن أن نطور مجتمعاتنا بدون أن نطور فكرنا.
- من هو المسئول عن التغيير؟
الأنظمة العربية في رأيي تنقسم إلى مجموعتين، المجموعة الأولى هي مجموعة محافظة ترفض التغيير ولا تريد الإصلاح وهذه مشكلة كبرى، وهناك من هو داخل الأنظمة من يريد الإصلاح وأنا متأكد من ذلك، ومن المهم على الإصلاحيين أن يدفعوا باتجاه ذلك، والإصلاح هو من مصلحة الأمة والدولة والشعب، ولا تقدم أو تنمية اقتصادية بدون إصلاح ، ولكن ذلك يصطدم بالمحافظين واستمرارهم سيؤدي بنا إلى مشكلات كبرى.
وأؤكد أن الشعوب تتحمل المسئولية أيضا ويجب أن تعرف كيف تطالب بحقها بدون عنف وبدون خلق أزمات عن طريق القانون والمشاركة والكتابة، هناك آليات تسمح للشعب أن يغير ويتحمل مسئوليته ويقول القرآن الكريم (لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)، فالشعوب التي لا تريد التغيير يصبح التغيير نحو الأفضل بالنسبة لها مستحيل، فالمسئولية مشتركة بين قادة الفكر وعلماء المسلمين الذين لم يقدموا أطروحات ولم يجددوا أي شيء للتعامل مع مبادئ الديمقراطية ولكن الوضع لن يستمر على ما هو عليه و من غير الممكن أن يظل دون تغيير وكل الشعوب التي حولنا تتغير ومن المستحيل أن لا تتغير حالة دولنا الإسلامية، والإصلاح قادم وهناك رغبة لدى الشعوب للتغير والإصلاح.
- هل هناك أي تعارض بين مبدأ الخلافة في الأرض والديمقراطية؟.
- أبدا، لأن الخلافة هي استخلاف الله في الأرض وخليفة الله في الأرض هو الإنسان والناس، والحاكم الذي يحكم يحكم باسم الشعب وليس باسم الله، وكل إنسان هو خليفة الله، وقيمة الخلافة أنها تسمح للإنسان وهو خليفة الله في الأرض أن يقوم بدوره.
أم إذا كان القصد من الخلافة هي وحدة الأمة الإسلامية وهو لن يتم إلا بالديمقراطية فهي تسهل وحدة المسلمين، فأوروبا توحدت فيها 25 دولة لا يجمعهم تاريخ ولا دين وكانت العداوة تحكم علاقات تلك الدول ولكنهم توحدوا لأن الديمقراطية سهلت توحدهم لأنها في مصلحة شعوبهم، ونحن لن تتوحد إلا في إطار الديمقراطية.
- هل ترى أن أسلوب الثورات هو أفضل سبيل للتغير في الدول الإسلامية؟
أعتقد أن الدول العربية والإسلامية في المنقطة مقبلة على تغيير كبير وجذري في الـ5 سنوات أو العشر سنوات المقبلة، فالمعطيات تشير بكل وضوح إلى ذلك.
فالشعوب أصبحت أكثر وعيا وثقافة، خصوصا أنها مطلعة على ما يدور في العالم من خلال وسائل الإعلام المختلفة، فضلا عن أن الكثير من العرب والمسلمين يسافرون إلى الدول الديمقراطية فبتالي يتعرفون على ما يجري، وأنا أتوقع أن التغيير مقبل.
وأنا لا أؤمن بالثورات وهي أخر شيء يمكن استخدامه، وهي تستخدم فيما إذا كان التغيير مستحيلا، إذ إنها تحمل الكثير من المخاطر، وأنا لست من محبيها بل من مؤيدي الإصلاح المدروس والمتأني الذي يسير بخطة ثابتة وفق خطة مدروسة، أما الثورات فتحدث الكثير من الأضرار ولكنها قد تكون ضرورية في حالة بعض الأنظمة المستبدة.
العدد 2332 - الجمعة 23 يناير 2009م الموافق 26 محرم 1430هـ