خلال أيام قليلة سيكون الشباب البحريني على موعد مع المؤتمر الشبابي الثاني، وسيركز هذا المؤتمر على قضية حساسة ومهمة للغاية، الإبداع وأبعاده وإسقاطاته في حياة الشباب، وما الذي يواجهه المبدعون من مشكلات تعيق مسيرتهم الإبداعية؟ والاهم من ذلك كله، سيكون المؤتمر دعوة صريحة لرجالات الدولة وأصحاب الأعمال إلى أن يتبنوا هذه الفئة المنتجة في المجتمع، وأخيرا وليس آخرا بناء مركز يلملم شتات المبدعين.
غياب المبدعين في شتى المجالات أمر ملحوظ، فهل اختلت البلد منهم؟ وإن كانوا موجودين لماذا لا نسمع عنهم شيئا؟ ولو تساءلنا: ما الذي ينقص المبدعين؟ ولماذا لا نسمع عن مبدعين في أوساط المجتمع؟ ولو تركنا المجال مفتوحا للباحثين ليجدوا لنا الحل في ذلك، فلن يختلفوا على أمر واحد، لابد من إشباع المعدة قبل إشباع العقل، ولا نقصد من ذلك أن المبدعين لا يجدون قوت يومهم، بل هو حاجتهم إلى مزيد من الاهتمام والدعم المادي.
كثير من المبدعين ممن التقتهم «الوسط» سواء في خارج المؤسسة أو داخلها عللوا ذلك بأن الإبداع «لا يؤكل خبزا»... فإذا لم يجد المبدعين من إبداعاتهم ما يساعدهم على الأقل في المضي فيها فما فائدة إبداع لا ينفع صاحبه؟ فلو كان المبدع سيلقى اهتمام المجتمع واحترامه على الأقل لما تخلى عنه، ولكن لو شاء أحد المبدعين أن يظهر إبداعه للعلن لنعته الجميع «بالهراء» فكم شاعر ترك شعره لهذا السبب.
ولعل هذا يقودنا إلى جانب مهم، وهو توعية المجتمع وتثقيفه بأهمية الإبداع والمبدعين، فهناك مثلا الأمسيات الشعرية التي لا يحضرها إلا قلة قليلة، فما حال الشاعر الذي لا يرى أمامه سوى كراس خالية.
إن الجانب المادي أمر ضروري لاستمرار عجلة أي جانب، فلا يمكن أن نطلب من المدرسين أن يبدعوا في طرق التعليم ويعلموا الأجيال مجانا، فلو ترك التعليم على هذا المنوال لما حضر أحدهم إلى المدارس، والأمر لا يختلف كثيرا لدى الشباب المبدع، وببساطة لماذا يبدع الشاب؟ ولمن يبدع؟ ومن سيقدر هذا الإبداع؟ ولو شاهدنا ما يحدث في الخارج سنرى لماذا يبرز المبدعون في مجالات شتى. فهناك المعارض الدورية والمسابقات التي لا تنتهي والحوافز التي لا تعرف حدا ولا نهاية. ولكن ماذا يحدث في البلد؟ الصناديق الخيرية تكرم المبدعين من القرية نفسها وبعبارة أدق المتفوقين حسبما تستطيع وما أوتيت قدرتها المادية.
المبدعون ليسوا بحاجة إلى تكريم الصناديق فقط، بل هم بحاجة إلى تغيير المفهوم الذي يحملونه أين ما حلوا وذهبوا وبدل «لايؤكل خبزا» يصبح الإبداع يطعم خبزا...
والقضية الأخرى التي لا مناص عن مناقشتها في المؤتمر هي مسألة المقر والمركز الذي يجمع في حوصلته المبدعين ويلم شملهم وشتاتهم... فمن دون هذا المركز لن يستطيع المبدع أن يفصح عن موهبته، ومن المفترض أن يقوم المركز بتبني أفكار المبدعين وإشاعتها للعلن وينظم المؤتمرات والمهرجانات والفعاليات بمختلف أشكالها في سبيل دعم المبدعين. والأهم من ذلك هو إيجاد الجهات التي تتبنى الإبداع و المبدعين وتهيئة الجو المناسب والمحيط الملائم والأرضية الخصبة لذوي الإبداعات.
وإذ كان المبدع يبرع في الأدبيات أو الفنون أو العلوم وكل ما يخطر على البال فهو من دون أدنى شك بحاجة إلى هذا كله، ولعل الإنجازات الكبيرة التي يحققها الشباب الرياضي على الصعيد المحلي والعربي والعالمي، ما كانت لتتحقق لولا الاهتمام والدعم المادي الذي يحظى به هؤلاء الفتية، وإن كان المؤتمر سيجمع شباب المحافظة الشمالية فإن بقية المحافظات في المملكة لا تخلو من المبدعين، وسيكون هذا المؤتمر صرخة لتبني جل مبدعي المملكة من دون استثناء، ولكن لا يستطيع المؤتمرون أن يحققوا كل ذلك لوحدهم
إقرأ أيضا لـ "عبدالله الملا"العدد 395 - الأحد 05 أكتوبر 2003م الموافق 08 شعبان 1424هـ