مشاركة وفد برلماني بحريني في اجتماعات الاتحاد البرلماني الدولي - التي عقدت بين 1 و3 أكتوبر/ تشرين الأول في جنيف - حدث مهم وله مؤشرات كثيرة. فقبول البحرين عضوا في الاتحاد جاء بعد سنوات من رفض مستمر لقبول عضوية البحرين عندما كانت الحكومة تحاول تقديم مجلس الشورى المعين آنذاك بديلا عن البرلمان البحريني. وكان الرفض المستمر لاتحاد البرلمان الدولي لمجلس الشورى آنذاك أحد أهم الدعائم التي اعتمدت عليها المعارضة البحرينية للضغط باتجاه البرلمان المنتخب.
وحاليا لدينا برلمان نصفه منتخب والآخر معين بصلاحيات متشابهة تقريبا، وعلى رغم اعتراض عدد من القوى السياسية على ذلك بما في ذلك عدد من أعضاء المجلس النيابي، فإن البرلمان استطاع الحصول على العضوية بإجماع المشاركين الممثلين لقرابة 150 دولة.
هذا الاعتراف ليس من دون التزامات، فالاتحاد لديه ضوابط ويناقش أمورا كثيرة، وقبول عضوية البحرين يعطينا جميعا حافزا للدعوة إلى مزيد من الإصلاح من داخل قبة البرلمان.
إن التشكيلة الحالية للبرلمان لم تحصل على رضا جميع البحرينيين، وكانت أحد أهم الأسباب التي دعت أربعا من الجمعيات السياسية إلى المقاطعة. والتشكيلة الحالية بحاجة إلى تطوير على أمل موازنة العمل البرلماني لصالح المجلس المنتخب، وليس العكس. فالأمل هو في أن يكون المجلس المنتخب أكثر عددا من المجلس المعين، وأن تكون للمنتخب صلاحيات أوسع من صلاحيات المجلس المعين، وأن يتم اختيار المجلس المعين عبر وسائل أفضل أثبتت جدواها في عدد من البلدان الأخرى. فأعضاء المجلس المعين ينبغي أن يكونوا من الأشخاص ذوي الخبرة الواسعة، والذين ليست عليهم شبهات مالية أو تاريخ تشوبه بعض الشكوك بالنسبة إلى الأمانة. وهذه أمور صعبة التحقيق في أكثر الأحيان، ولكنها حساسة لأن الأعضاء يأتون بالتعيين؛ فالشخص المنتخب حتى لو لم يكن أمينا في شيء ما فإن اختيار الشعب له وخضوعه لعملية انتخابية دورية تبعد عنه السلبيات على المدى البعيد، ولكن العضو المعين لم يفوضه الشعب وقد يكون اقترابه من الدوائر الرسمية هو المؤهل الوحيد لديه، وهذا يزيد العبء ولا يقلله.
ولذلك فإن عددا من الدول (بما في ذلك المغرب مثلا) يلجأ إلى تخصيص مقاعد في المجلس المعين لرؤساء النقابات والهيئات المنتخبة، وبهذا يصبح المجلس شبه منتخب. وفي البحرين يمكن تطبيق مثل هذا الأمر وتخصيص نصف المجلس المعين أو أكثر من النصف إلى أشخاص يمثلون هيئات المجتمع المدني وتم انتخابهم من قبل أعضاء تلك الهيئات. ويمكن للمجلس المعين أن يحتفظ بمقاعد لتمثيل النساء والأقليات وبعض الفئات التي يلزم وجودها في البرلمان، ويصعب وصولها إليه عبر الانتخابات.
الحديث بين الجمعيات السياسية يدور هذه الأيام حول «المؤتمر الدستوري» وهو أمر مشروع بالنسبة إلى الأجندة السياسية التي التزمت بها، ولكن هناك أجندة أخرى جديرة بالاهتمام أيضا، وهي تتعلق بتطوير العمل البرلماني. ومثل هذا التطوير سيجد له أنصارا داخل المجلسين المنتخب والمعين، ويمكن الدفع باتجاه الاستفادة من تجارب البرلمانات الأعضاء في اتحاد البرلمان الدولي.
هذه وغيرها من الموضوعات المهمة تغيب عن الحوارات السياسية فيما تتجه الجهود إلى طرق مسدودة في نهاية الطريق. وهي مسدودة بسبب عدم اجماع الجمعيات السياسية ذات النفوذ الواسع عليها، ومثال ذلك انسحاب أو شبه انسحاب جمعية المنبر الاسلامي فضلا عن عدم وجود جمعية الأصالة في النقاشات الدائرة... والجميع يعلم ما لهاتين الجمعيتين من نفوذ في المجتمع
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 395 - الأحد 05 أكتوبر 2003م الموافق 08 شعبان 1424هـ