العدد 355 - الثلثاء 26 أغسطس 2003م الموافق 27 جمادى الآخرة 1424هـ

تخليص المعاملات بين الأساليب القديمة والجديدة

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

احتجاج مخلصي المعاملات على قرار ادارة الهجرة والجوازات اعتماد «البريد» في تخليص معاملات المواطنين والقاطنين مفهوم وله ما يبرره لأن أرزاق العاملين في تخليص المعاملات ستتعرض للضرر. ولكن هذا هو حال التطورات في كل أنحاء العالم، وعندما يكون الهدف هو تسهيل المعاملات على الناس تختفي الوسائل التي كان الناس يعتمدون عليها، لأن أمورهم كانت معقدة.

في بلدان كثيرة يتعامل المواطن مع مكتب البريد المحلي لتخليص جميع شئونه، بل إن الأكثرية لا يزورون أية وزارة أو إدارة طوال حياتهم لأن «البريد» يقوم بهذا الدور لهم. واعتماد البريد ليس أمرا جديدا، بل إنه من الأساليب القديمة. فالأساليب الجديدة تعتمد على الوسائل الالكترونية، اذ يستطيع شخص ما الحصول على «سجل تجاري» مثلا وهو جالس في منزله. وهذا فعلا يحصل في كندا وعدد من البلدان الأخرى، من دون الحاجة الى الوسيلة القديمة.

التجارة الالكترونية والحكومة الالكترونية والمؤسسة الالكترونية تهدف الى إزالة الوسائط بين مصدر الخدمة والزبون (أو المواطن) الذي يحتاج إلى تلك الخدمة، وهذا يندرج على أمور كثيرة، بما في ذلك شراء السيارات (مثلا). ففي بعض البلدان المتقدمة يستطيع شخص ما أن يشتري سيارة عبر الدخول على الانترنت من دون الحاجة للذهاب الى الوكيل، بل إن السيارة تسلم اليه في المكان الذي يوده. فاستخدام الوسيلة الالكترونية، بلا شك، يضر بمهنة الوكيل ويضر بكل شخص وكل جهة كانت تعمل على اساس أنها الوسيط أو الرابط بين المصدر للخدمة أو السلعة وبين الزبون أو المواطن.

جمعية البحرين لمخلصي المعاملات لم تتفاعل مع القرار؛ لأنه يقطع أرزاق المخلصين ومكاتب التخليص التي يبلغ عددها قرابة الثلاثمئة مكتب، ويعيلون قرابة التسعمئة عائلة يلزم أن يتم التعامل معه في سياق التطور المطلوب على المستوى البعيد. والحكومة مطالبة بمساعدة مخلصي المعاملات مواكبة مع هذا التطور؛ لأن كل تطوير يتم اعتماده سيضر بلا شك بفئة من المجتمع.

الحكومة تستطيع مساعدة مخلصي المعاملات في الاستشارة لتوجيه جهودهم إلى أنشطة تجارية أخرى فربما ان الحاجة إلى اعادة تأهيل وتدريب وتوجيه الطاقات الى مجالات أخرى قريبة ومشابهة في متطلباتها من ناحية الخبرات والمهارات. ومثل هذا الحديث سيتكرر مع كل أجزاء وتطوير باتجاه اعتماد الوسائل الأقل كلفة للمواطن والزبون.

مثال آخر: الوزارات لديها الآن تضخم في حجم عدد من دوائرها وفيما لو تم تدشين الوسائل الالكترونية فان الأمر سيتغير بالنسبة الى عدد غير قليل من النشاطات والقائمين عليها. فالحكومة تتحدث عن استحداث نظام «المحطة الواحدة» لتخليص المعاملات، وهذا سيقلل الحاجة إلى عدد من الدوائر. حاليا لو أراد مستثمر أن يبدأ نشاطا معينا فانه ينتظر لأسابيع لأن هناك محطات كثيرة يجب أن تمر بها المعاملة، وهناك عدد غير قليل من المسئولين الذين يُطلب منهم التوقيع على المعاملة، ما يعني القضاء على الاستثمار.

ومن تجربة خاصة بـ «الوسط» فان المعاملات تبعث على الاحباط أكثر من الأمل عندما تمر على كل المحطات المتعبة نفسيا التي تأخذ الجهد الكبير من جميع الأطراف. ولدينا معاملة حاليا، قيل لنا إنها تتطلب «فقط ثلاثة أسابيع»، ولكننا دخلنا الاسبوع السادس والحديث مازال عن مزيد من «الأسابيع» لتخليصها. ولذلك فان اي اجراء وتطوير يتم استحداثه لتسريع تخليص المعاملات سينفع البلاد والعباد عموما وعلى المدى البعيد. فسلبيات الأساليب البيروقراطية التقليدية كثيرة جدا، وايجابيات الأساليب الحديثة أفضل على رغم الأثر غير المحمود الذي نشهده في مثال تخليص معاملات الهجرة والجوازات

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 355 - الثلثاء 26 أغسطس 2003م الموافق 27 جمادى الآخرة 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً