العدد 354 - الإثنين 25 أغسطس 2003م الموافق 26 جمادى الآخرة 1424هـ

فرنسا - ليبيا: خطأ الأقنية

سمير صبح comments [at] alwasatnews.com

.

خلافا لتوقعات الكثيرين فان عملية «شد الحبال» الدائرة الآن بين ليبيا وفرنسا بشأن اعادة النظر في قيمة التعويضات العائدة إلى أهالي ضحايا طائرة «اليوتا» الفرنسية، لن تصل الى حد التأزم الكبير.

وسيجد الطرفان بحسب مصادر ليبية مطلعة حلا مرضيا يعيد الأمور الى نصابها، وخصوصا ان العلاقات الشخصية بين رئيسي الدولتين جاك شيراك ومعمر القذافي كانت جيدة على الدوام على رغم التوترات الظرفية، واذا كانت بعض الاوساط الفرنسية تحمل سيف الاسلام معمر القذافي بعض المسئولية في معالجة ملف التعويضات تاركا بعض الثغرات الا ان المقربين من هذا الاخير يؤكدون ان الخطأ يعود في الدرجة الأولى إلى الحكومة الفرنسية التي ارتأت في حينه اعتماد أقنية موازية للعمل على طي هذا الملف وكانت في غالبية الاحيان تراعي مصالحها على حساب التعويضات.

وتشير هذه الاوساط بذلك إلى أن شركة «توتال ألفا فينا» التي تولت في مرحلة الدخول على الخط والقيام بوساطة في هذا الشأن مستهدفة بذلك الحصول على تراخيص جديدة للتنقيب والاستخراج من جهة، ومن جهة أخرى حلحلة بعض المشكلات التي كانت تعيق استعادة نشاطها وتحريك امتيازاتها في خليج «سرت» تحديدا. كما ويبدي مسئولون في الحكومة الليبية استغرابهم للطريقة التي أثارت فيها باريس هذه المسألة التي لا يمكن تفسيرها سوى كونها عبارة عن وضع العصي بالدواليب لمنع رفع العقوبات نهائيا، وبالتالي لا يمكن للجماهيرية الليبية الرضوخ لها لانها اليوم وخصوصا بعد التقارب الكبير مع بريطانيا والتفاهم الضمني مع الولايات المتحدة أقوى من ان تخضع لابتزاز أي كان، فعلى رغم هذا التوجه الليبي المشدد، علمت «الوسط» بأن لقاء سيتم في الأيام المقبلة بين مسئول فرنسي رفيع يرجح ان يكون مستشار الرئيس الفرنسي ورئيس مجلس الإدارة السابق لشركة «ليرنز دي زو» جروم مونو الذي عمل في السنتين الماضيتين على اعادة المياه إلى مجاريها بين البلدين، وبين شخصية ليبية مقربة من القذافي. ويدور الحديث هنا عن أحمد قذاف الدم، ابن عم هذا الأخير، الذي كان يشكل حتى وقت قريب صلة الوصل مع الفرنسيين ويهتم حاليا بالملف المصري، ذلك بهدف ايجاد مخرج مناسب يرضي الجميع.

مع ذلك لا تنظر الحكومة الفرنسية بالرضا إلى التقارب الحاصل حاليا مع أميركا وبريطانيا وتتخوف من ان يؤدي ذلك الى أرباك الاستراتيجية التي وضعتها باريس منذ فترة لتسهيل دخول شركاتها للسوق الليبية والاستفادة من العملية الانفتاحية الاقتصادية التي بدأت منذ 18 شهرا بغض النظر عن النتائج المحققة، وكانت فرنسا مهدت لذلك في حلقة دراسية نظمها المركز الفرنسي للتجارة الخارجية، في مطلع الصيف، شاركت فيه أكثر من 80 شركة كبرى ومتوسطة الحجم، كما قررت ارسال وفد من «الميدين» (جمعية كبار أرباب العمل) لطرابلس الغرب في منتصف شهر سبتمبر/ ايلول المقبل للاطلاع على احتياجات ليبيا، وخصوصا في مجال البنيات التحتية.

لذلك، فالتباين الحاصل حتى ولو تمت ازالته سيكون له انعكاسات سلبية، كون التيار المؤيد للانكلو - ساكسون في الجماهيرية بات صاحب نفوذ سيتعزز حتما مع عودة الشركات النفطية الأميركية

العدد 354 - الإثنين 25 أغسطس 2003م الموافق 26 جمادى الآخرة 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً