ما قاله الرئيس التنفيذي لهيئة الإذاعة والتلفزيون في «منتدى الوسط» أثار من جديد مسألة تبعية الإذاعة والتلفزيون في الدول الديمقراطية، وبالتالي مدى تمتعها بالاستقلالية والشفافية في معالجة قضايا الشأن العام، وما يحدث من تطورات في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
فالرئيس التنفيذي خليل الذوادي يقول: «أما أن يكون جهاز الإذاعة والتلفزيون حكوميا فهذا ليس عيبا، فهو يتلقى الدعم من الحكومة، وهو جهاز رسمي، وعلى رغم ذلك طرحنا قضايا كثيرة تخالف الرأي الرسمي ومنها ما عرض قبل أيام عن قرارات ديوان الخدمة المدنية قطع الاجازات... وكذلك بالنسبة إلى العمالة السائبة، فمع اننا جهاز رسمي الا اننا لدينا تعليمات بأن يكون التلفزيون هو المرآة العاكسة لما يجري في المجتمع».
وعلى عكس ما قاله الرئيس التنفيذي فإن كون جهاز الإذاعة والتلفزيون حكوميا يعتبر عيبا اليوم وفي هذه المرحلة التي تنتهج فيها البحرين الديمقراطية نظاما عاما، والذي يفرض على الحكومة ان تغير سياستها من هذا الجهاز، وان تتخلى عن اعتباره تابعا لها وناطقا باسمها وملمعا لصورتها وحدها، ومدافعا عن مواقفها من طرف واحد.
فالحكومة في الماضي، وعلى مدى أكثر من 27 سنة تولت صلاحيات كل السلطات في الدولة، الأمر الذي أحدث التداخل الواضح بين السلطات من ناحية، وبين مفهوم الحكومة والدولة من ناحية ثانية، وأدى ذلك التداخل إلى انتشار مفهوم خاطئ يقول إن الدولة هي الحكومة، والحكومة هي الدولة، وإن جهاز الإذاعة والتلفزيون وفق هذا المفهوم يتبع الحكومة.
لكن الإصلاح السياسي والتحول الديمقراطي الذي حدث ابتداء من العام 1999 جاء لتأكيد مبادئ جديدة وأساسية يأتي على رأسها مبدأ الفصل بين السلطات، وعلى أن الدولة تتكون من كل السلطات ومن مؤسسات المجتمع المدني، ومن عموم الشعب بكل فئاته وانتماءاته ووجهات نظره، وان السلطة التنفيذية - الحكومة - ليست الا واحدة من هذه السلطات التي تتكون منها الدولة.
وبناء على هذا التغيير، والتزاما بالمبادئ الديمقراطية، ومتطلبات إقامة المجتمع الديمقراطي، فإنه يتطلب من الحكومة ان تنهي هيمنتها على جهاز الإذاعة والتلفزيون، وأن تبلغ الجميع وخصوصا موظفي الهيئة ووزارة الاعلام اننا نعيش مرحلة جديدة تختلف تماما عن المرحلة السابقة، وأن الذي يدفع تكاليف تشغيل الإذاعة والتلفزيون هي الدولة وليس الحكومة، ومن خلال موازنة الدولة، وبالتالي فعلى هذا الجهاز أن يعامل كل السلطات ومؤسسات المجتمع المدني بالقدر نفسه من المساواة، لأنهم جميعا يمتلكون هذا الجهاز وليس الحكومة وحدها
العدد 353 - الأحد 24 أغسطس 2003م الموافق 25 جمادى الآخرة 1424هـ