العدد 2332 - الجمعة 23 يناير 2009م الموافق 26 محرم 1430هـ

عشرات الأغاني ترثي غزة

طوال السنوات الأخيرة رأينا منتقدين ومعترضين على الأغنية العربية الجديدة ومؤديها، أو ما يسميه البعض بـ «الأغنية الشبابية»، لما تحمله من مضامين يصفها البعض بـ «الفاسدة» والبعيدة عن الأخلاقيات وقضايا مجتمعاتنا، ولما تقدمة في (كليباتها) من عري وتجاوزات.

في مقابل هذا الكم الكبير من النماذج التي تكاد توصف بأنها مجموعة من أصوات «القرقعة» والضجيج والصور التي لا تمثل شيئا سوى أجسادا عارية ومتمايلة، حضرت بعض الأصوات والأعمال لتقترب من المواطن العربي وقضاياه. ولعل آخر أنموذج يحضر في هذا السياق، الأعمال الغنائية التي أنتجت بوقت قياسي لتواكب نبض العالم العربي بالدرجة الأولى، وأصوات الكثيرين في كل مكان في العالم لنصرة أهل غزة.

فمنذ مطلع العام الجاري وبدء القصف الإسرائيلي على غزة، تواردت الأخبار عن عشرات الأعمال الغنائية المقدمة من مختلف الفنانين العرب، الملتزمين والمعروفين بنوع معين من الأغاني الهادفة، والمؤدين لأنموذج الأغنية الشبابية الجديدة، فأنتجت بعض هذه الأعمال بوقت قياسي، كما فعل غالبية الفنانين الذين قدموا أعمالا تتناول أحداث غزة.

كثير هم من أعدوا وسجلوا أعمالهم خلال الأسبوع الأول من السنة الجارية، أي مع بداية العدوان على غزة، أمثال ماجد المهندس، عاصي الحلاني، هاني شاكر، وراشد الماجد، في حين قرر البعض أن يهدوا ألبومات كانوا قد عكفوا على إنتاجها قبل الأحداث بفترة قصيرة إلى غزة وأهلها، كما هو الحال مع الفنانة اللبنانية نانسي عجرم، في ألبومها «لمسة إيد». ومازالت مجموعة من الأعمال تعد في حاليا لتعرض قريبا كما هو الحال مع عمل يقدمه المطرب العراقي كاظم الساهر حول القضية نفسها.

في مقابل اجتهاد عدد من الفنانين لنصرة أهل غزة بأعمال تحكي معاناتهم وتبكي جروحهم، آثر فريق آخر من المغنين الامتناع عن أي عمل أو أي ظهور غنائي ريثما تهدأ الأمور ويتوقف العدوان، كما هو الحال مع الفنانة ألين خلف.

وعلى رغم أن الغالبية العظمى من أسماء الساحة الفنية ساهمت إما بعمل يؤيد غزة وينصرها أو بموقف يرفض أي نوع من أنواع الصخب والاحتفال، فيما أطفال غزة يقتلون ويشردون، فإن هناك من وجد في هذا الأمر موقفا متطرفا لا يغني ولا يؤثر ولن يغير من الموقف شيئا، وخصوصا أن ما نراه على شاشات التلفاز ( لى حد تعبير هذه الأطراف) ليس بالأمر الغريب على الصراع العربي الإسرائيلي، ولا هو بالجديد على المشاهد العربي الذي شاهد من المجازر خلال السنوات الماضية الكثير والكثير، كما أن هناك من قال إن توجه الفنانين في هذه الفترة هو أشبه باستثمار وترويج لهم ما بين الجماهير المتأثرة بالحدث بشكل كبير، وإن كان هذا الطرف تحفظ بشكل أو بآخر في الحديث عن هذا الموقف، لأسباب مختلفة لعل أهمها أنه بهذه الطريقة سيضع نفسه في موقف مستنكر من الجميع.

ولعل إيقاف ومنع غالبية الاحتفالات التي كانت مقررة في رأس السنة، هو الذي بدأ موجة التصريحات المؤيدة والرافضة، فكثير هم من صرحوا بأنه في حال لم تكن هذه الاحتفالات ألغيت بقرار رسمي لكانوا سيتخذون هذا الموقف بأنفسهم، مهما كانت العواقب المترتبة على امتناعهم عن إحياء هذه السهرات.

وسواء عبر هؤلاء الفنانين عن مواقفهم بأداء أغان ومواويل تناصر غزة، وتصور آثار الدمار الذي حل عليها، أو عبروا عن تضامنهم معهم بالامتناع عن أي نشاط فني، فإن هذا الحركة الذي شهدتها الساحة الفنية أخيرا، ما هي إلا تقارب ما بين رأي الناس التي خرجت بالملايين، ونجوم الفن الذين حاولوا أن يندمجوا مع قضايا المجتمعات التي ينتمون إليها، خصوصا أن غالبية من قدم عملا في هذه الفترة القصيرة، أنتجه على حسابه الخاص، أو قدمه إلى المحطات الفضائية من دون أي مقابل سوى بثه للمشاهد العربي.

العدد 2332 - الجمعة 23 يناير 2009م الموافق 26 محرم 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً