تدرك المرأة في المنطقة العربية اليوم مدى تطور نظام الحياة وتقدم الوسائل وارتقاء المعجزات الأمر الذي يستدعي ارتقاء وتطورا في كيفية تفكير الانسان، وبالتالي تطويرا للعادات والسلوك. ولكن ليس من السهل تغيير السلوك المعتاد والمتوارث إذ إنه يحتاج الى مجهود نفسي كبير وبذل مجهود عقلي للاقتناع بفكرة ما جديدة ليتم تطبيقها.
لهذا فإن المرحلة الحالية التي تعايشها المرأة الخليجية خصوصا والعربية عموما هي مرحلة تمثل تناقضا حادا بين تطلعاتها المستقبلية وبين ما يفرضه عليها المجتمع بحكم عاداته وتقاليده.
فعلى سبيل المثال نجد أن المرأة في الريف لا يمكن وصف حياتها بـ «بالسهلة» اذ لاتزال تبدو ممزقة بين الآراء التقليدية السائدة منذ القدم عن دونية المرأة بالنسبة إلى الرجل والتي تبدو واضحة في الكثير من مجالات التحرك الاجتماعي في الاطار الذي تعيش بداخله وبين مفاهيمها الحديثة مما يجب أن تكون عليه مكانة المرأة وخصوصا بعد دخولها ميدان العمل الى جانب الرجل وتضاعف مسئولياتها المترتبة عليها.
هناك بعض التحليلات تشير الى أن المرأة في مجتمعنا التقليدي هي لبيتها ولعائلتها، وما دخولها ميدان العمل إلا نتيجة ضرورات ملحة وغالبا ما تكون اقتصادية. باختصار يمكن القول ان نظرة المجتمع التقليدي الى المرأة تشكل أساسا نظرة الرجل إلى المرأة باعتبار أن الأفكار السائدة في المجتمع هي أفكار الرجل بصفته عنصر الانتاج الرئيسي.
أما المرأة فهي تشكل تابعا خاضعا لجميع آراء الرجل أيا كانت متنورة أم متخلفة، فهي لا تملك القدرة على التغيير وقد يكون هذا الاطار الذي صنعه الرجل لها وهو ما يفسر أيضا انعدام الحرية بمفهومها الواسع كحرية القرار والعمل وحتى الاختيار بالنسبة إلى المرأة اليوم التي انخرطت في سلك التعليم وميدان العمل...
للأسف، إن الانجازات التي حققتها المرأة العربية في القرن الماضي بدأت ثمارها تتلاشى رويدا رويدا بسبب تأثير القوى الخارجية التي يفرضها الرجل والمجتمع والتقاليد، وهو ما يعني أن مضمون الواقع المعاش لم يتغير فكل ما هناك ضياع بين جاذبية الماضي وشد الحاضر على رغم أن هذا الماضي وفرت فيه الشرائع والمواثيق الحرية للمرأة. غير أن المجتمع بعاداته بتر مظاهرها فبقيت مجرد كلمات وعبارات تخفي وراءها قيود الاستغلال للمرأة في مجتمعاتنا العربية
إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"العدد 350 - الخميس 21 أغسطس 2003م الموافق 22 جمادى الآخرة 1424هـ