العدد 349 - الأربعاء 20 أغسطس 2003م الموافق 21 جمادى الآخرة 1424هـ

مسرح الصواري يشارك بيوم نموذجي لإبراهيم خلفان

في مشاركته الثامنة في مهرجان القاهرة للمسرح التجريبي

العدلية - المحرر الثقافي 

تحديث: 12 مايو 2017

يجري مسرح الصواري حاليا استعداداته النهائية للمشاركة في مهرجان القاهرة للمسرح التجريبي في دورة انعقاده الخامسة عشرة خلال الفترة من الأول من سبتمبر/ أيلول المقبل وحتى الحادي عشر منه - وهي الثامنة له - بمسرحية «يوم نموذجي» للمخرج الفنان إبراهيم خلفان. ويشاركه في العرض على مستوى التمثيل كل من: محمد الصفار، ورانيا غازي، وباسل حسين، ومنذر غريب، ونجيب باقر. أما عن الفريق الفني فيتألف من: خليفة زيمان للموسيقى، وكل من: خالد الرويعي، محمود الصفار، حسين العريبي للسينوغرافيا.

وسبق أن عرض مسرح الصواري مسرحية «يوم نموذجي» في شهر أبريل/ نيسان من العام الماضي في مقر المسرح. وقد حظي العرض وقتها بردود فعل طيبة، وفاز في المسابقة التي نظمها قطاع الثقافة والتراث الوطني بوزارة الإعلام محمد الصفار بجائزة التمثيل، ورانيا غازي بجائزة أفضل ممثلة. كما حققت المسرحية جائزة أفضل سينوغرافيا لإبراهيم خلفان، وعبداللطيف الصحاف، ومحمود الصفار.

وعن هذه المشاركة والاستعدادات لتقديم هذا العرض كانت لنا الوقفات الآتية مع فريق العرض، وكانت البداية مع مخرج العرض إبراهيم خلفان في مشاركته الشخصية الثالثة في المهرجان كمخرج، إذ سبقت له المشاركة في المهرجان الأول العام 1988 بمسرحية «الباب» لمسرح الخريجين، وكانت المشاركة الثانية بمسرحية «الليلة العلمية» 1998، و«يوم نموذجي» 2003 .

يقول خلفان: بداية، مسرحية يوم نموذجي من تأليف الروائي الإيطالي الشهير ألبرتو مورافيا... وسبق أن قدمنا هذا العرض في شهر أبريل العام 2002، ولكن هذا العرض الذي نعد له سيقدم برؤية مختلفة من حيث التركيز على جانبين. الجانب الأول ويتمثل في التشديد على مسألة تقنية الممثل كجانب أساسي في العرض المسرحي، وقد قمنا بتقسيم خطاب العرض إلى ثلاثة أقسام أو أجزاء، كل جزء يكون قائما برأسه.

ففي الجزء الأول ستطرح مسألة التأثير الإعلامي/ الإعلاني على الإنسان من خلال استعراض عدد من الملصقات الإعلانية، والكتيبات الدعائية، وجميع أنواع الدعايات بحيث نذهب لتأكيد مسألة أن الإنسان في هذا الزمان وصل إلى مرحلة من الآلية على جميع الأصعدة، بدءا من اختياراته للسلع، وصولا إلى طريقة تفكيره التي تتم بشكل آلي بسبب تحكم الإعلان وإحكامه على رغم توافر الخيارات الكثيرة، والبدائل المتنوعة.

أما عن الجزء الثاني من المسرحية - يضيف خلفان - فهو يرتكز على أداء الممثل وحركة جسده بحيث تستحيل هذه الحركة وكأنها ملصق إعلاني. وفيما يختص بالجانب الثاني فقد استخدمنا في هذا العرض طاولة ليست كتلك التي تم استخدامها في العرض الأول، ولكن بشكل أكثر انفتاحا بحيث تكون الطاولة أكثر انفتاحا على المستوى الوظيفي إذ قمنا بوضع زجاج شفاف في الطاولة بحيث تخرج منه الإضاءة، ويكون أسفلها ممثلان هما منذر غريب ونجيب باقر، اللذان سيسهمان في أداء بعض الحركات القصيرة، وبعض التعليقات القصيرة.

ويواصل خلفان حديثه عن التصور الجديد للعرض: في العرض الأول وعلى رغم جودة أداء الممثلين فقد خرج العرض بشكل باهت على المستوى السينوغرافي. وأردنا في هذا العرض الاستعاضة عن التصور السينوغرافي السابق بتصور جديد يكون أكثر انفتاحا وإشعاعا وحركة... ونعمل الآن على تحقيق هذا الأمر، والجميل أن فريق العرض في حالة تجريب واختبار مستمرة لمختلف الوسائل بهدف تقديم رؤية مختلفة، تكون أكثر تركيزا.

وتبقى مسألة خطاب العرض وكيف سيستقبله المتلقي مرهونة بأداء الممثلين الخمسة، وعملية التوصيل في إطار عمل عام وهو نهج فرقة مسرح الصواري. ونأمل أن نكون قد طورنا في السينوغرافيا، وفي أداء الممثل، وفي الرؤية العامة، إن كانت فكرية أو اجتماعية بتعميق الفكرة بشكل أكبر من خلال الممثل.

واستكمالا لهذه الفكرة يقول خلفان: إلا أن الأهم في عملنا هذه المرة، هو أننا نحاول ومازلنا التركيز على الشفرات الموجودة في النص بهدف استثمارها، ونحن قادرون بوجود ممثلين متميزين على استنطاق النص وتعميق مستوى العرض. والجديد في العرض مشاركة الفنان خليفة زيمان لنا بالعزف الحي على آلة الأكورديون، إذ كان التصور الأولي للعرض والذي لم يتحقق هو عزف جميع الممثلين على آلات موسيقية، وأعتقد أن زيمان قادر على تحقيق جزء من هذه الرؤية، وأعتقد أن دخول الموسيقى سيمنح العرض جوا مختلفا، إذ ستصاحب الموسيقى الأداء الحركي للممثلين بشكل متلازم.

سألنا خلفان عن الإيقاع العام للمسرحية إذ كان العرض الأول مرهقا للمشاهد، ويتسم بنبرته العالية لاسيما وأن العرض في بعض مفصلياته وكأنه اجترار لما كان يدور في الواقع من دعوات الى المقاطعة والتي خفتت حدتها الآن. سألناه إذا ما تم تخفيف حدة خطاب العرض أجاب قائلا: هذا موجود في نص العرض، وأنا ألتزم بما جاء في النص. صحيح أن الصفار قام ببعض الإضافات مثل الـ لّل وطائرة الأباتشي، وقد رأيتها مقبولة ومبررة ومسهمة في إيصال الرسالة، ولكن ما نحاول تجنبه هذه المرة هو شدة الإيقاع، لجهة تخفيفه بإقامة توازن معين بين صعود الخطاب في العرض وهبوطه... إذ كان العرض الأول سريعا جدا، ما قلل من فرص استيعاب الممثل لما يحدث وكذلك الأمر بالنسبة الى المشاهدين، لذلك نعمل في هذا العرض لإنشاء محطات استراحة تؤمن لهذا اللقاء الاجتماعي بين الممثل والمتلقي درجة من التوازن.

من النقاط التي أخذت على العرض الأول من المسرحية عدم النجاح في إظهار شخصية الابن «باسل حسين» بالصورة التي تستحق، على رغم أنها تمثل ردة الفعل على النزعة الاستهلاكية التي تتمحور حولها المسرحية، وهي الصوت الرافض لكل ما يجري. ترى هل تم إعادة التفكير في تقديم هذه الشخصية بالصورة التي تستحق؟ يقول خلفان: في العرض الأول لم يساعدنا المكان (مقر الصواري) لإبراز هذه الشخصية، أما الرؤية الجديدة فهي تعتمد على تحريك الممثل باسل حسين والذي سيعلق في السقف بحيث يكون شبه شرنقة وفي عمق الخشبة تماما، هذه الشرنقة تبدو وكأن بها شيئا يحركها من الداخل، تماما كما يكون الجنين في بطن أمه، وتنمو هذه الشرنقة مع توالي حوادث العرض، بحيث تتناسق حركة الشرنقة مع خطاب العرض من الحركة العادية إلى الحركة التي تسير في خط واحد مع تفكير الشخصيات الموجودة، ثم بداية الرفض، وبداية التحرر والانطلاق، وصولا إلى الثورة على جميع الأمور الاستهلاكية.

سألناه أيضا ألا تخشى من القول بأن فضاء العرض المتمثل في الطاولة يحيلنا مباشرة إلى عرض سابق لك هو الليلة العلمية، والذي سبق وأن شاركت به في المهرجان نفسه. أجاب خلفان قائلا: في الليلة العلمية كان للطاولة مبرر وجودها فهي طاولة تشريح، وفي هذا العرض أردنا نقل الطاولة من حيزها الدلالي المتعارف عليه، لتكون منبرا خطابيا، تتوافر على ارتفاع معين، لتصبح ككل المنابر.

وكانت وقفتنا التالية مع بطل العرض الفنان محمد الصفار الذي حدثنا عن المسرحية وعن دوره فيها، وعن أهم الصعوبات والإشكالات التي واجهته وتواجهه بالقول: اهتمت المسرحية بالدخول إلى الجوانب الإنسانية من خلال الخارجي والسطحي والمتنافر، وكيف أصبح الإنسان أسيرا لمنطق الآلة الذي فرضته الحضارة والصناعة ومختلف التيارات التي استهدفت الإنسان لاستهلاك المواد المصنعة، بحيث أصبح الإنسان أسير هذه الدائرة الاستهلاكية التي لا يستطيع التحرر منها بحيث تلهيه عن مختلف المشاغل الأخرى؛ ولهذا يكون الرفض الكلي لطرح السوق هذا من خلال كلمة «اللعنة» لا من حيث رفض المنتج فحسب، ولكن على مستوى رفض النسق الاستهلاكي الذي يوجه نمط الحياة الوجهة التي يريد.

ويضيف الصفار: العمل جار على تفجير ما لم نستطع تفجيره في العرض الأول وفتح نوافذ أخرى، وأيضا على تجويد بعض التفاصيل لتعزيز فكرة الإنسان النمطي، وانتفاء التكريس الأسري نتيجة الصناعة الإعلانية التي توجه الإنسان، وذلك ما ينعكس على أداء الممثلين الآلي.

ويقول: وبالنسبة إلى هذا العرض فقد تم التخلي عن الإطار، واستعيض عنه بطاولة هي بمثابة صندوق الدنيا الذي لا تخرج منه البضائع وإنما الأفعال والأشكال المختلفة.

وعن دوره يقول الصفار: أمثل شخصية الأب الذي يعتقد أن البحث عن مختلف الأنماط الاستهلاكية يسهم في إكمال دورة الحياة بمجرد الحصول عليها... لذلك فهذه الشخصية بالغة الصعوبة، وأشعر دائما بقصور شديد في أداء الشخصية التي رسمها مورافيا، فتصور مخرج العرض لهذه الشخصية ربما كان أعمق من رسم المؤلف نفسه لها، ولكن يكمن الإشكال في النص، وهو نص ثرثار، والصعوبات التي مازالت تلازمني وخصوصا في إبراز المشاعر والأحاسيس، وفي تحقيق لحظات الغضب. لذلك يلازمني شعور بضرورة صناعة أدوات جديدة لإيصال الرسالة المطلوبة. وهذا شيء مقلق ومتعب فكيف يمكنك تجسيد شخصية بإحساس معين، وهي نفسها تخلو من الأحاسيس... كما أن الاستعدادات الحالية على درجة كبيرة من التعقيد فنحن لا نعلم تحديدا أين سنعرض، لذلك فإن استباق الحدث يدعونا إلى التفكير في المسرحية بأكثر من صيغة، وبشكل أكثر مرونة، حتى لا نصطدم بما هو غير متوقع ساعة العرض، فالاحتمالات والافتراضات حتى اللحظات مفتوحة بإطلاق.

ويستطرد الصفار: إن المشاركة في هذا المهرجان مهمة على مستوى إثراء اللغة المسرحية عند الممثل، وكذلك على مستويي الثقافة والتجربة المسرحية.

وكانت وقفتنا الأخيرة مع ممثلة العرض رانيا غازي التي بادرتنا بالقول: نعمل حاليا على البحث في تحقيق صور جديدة تفضي إلى تكريس مفهوم الاستهلاك بشكل أكبر، بهدف الوصول بطريقة قوية إلى مرحلة الاختناق جراء توالي صور الاستهلاك وتتابعها... لذلك فالشخصية التي أمثلها تشهد تحولات مستمرة نتيجة تأثرها بكل إعلان تشاهده، فهي في تحول وتبدل باستمرار نتيجة هذه الهجمة الاستهلاكية، وهو ما يؤدي إلى أن تكون الشخصية التي أمثلها خاوية من الداخل، وعاجزة عن توليد الشعور والأحاسيس تجاه أي شيء، وعلى رغم شبابها الظاهر فإنها في طور الشيخوخة، وهذا ما أعت





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً