كان أول ما تقافز إلى خواطري بعد ما وطئت قدماي أرض الجمهورية اللبنانية ودغدغت أطراف جسمي نسمات أجوائها الجميلة، لماذا أنا هنا؟ ولماذا تركت أعمالي وفارقت الأهل والأصدقاء؟
كان ذلك هو السؤال الذي طرح نفسه على خاطري، على رغم حاجتي إلى الراحة والبعد عن مشاغل ومشكلات العمل الذي أعرف جيدا أنني تركته في أيادٍ أمينة مخلصة، وإدراكي التام أن الاعمال لا تتوقف بل تمضي بحضور أو غياب أصحابها طالما تم التخطيط لها أما الأهل والاصدقاء فغالبيتهم اما في اجازة خارج المملكة او داخلها منشغلون في شئونهم الخاصة ومع كل ذلك شدّني شوق عنيف للوطن كاد ان يزلزل أساس ما أحاول أن ابنيه خلال الإجازة من جسور الراحة والاستجمام النفسي.
إن المتأمل للمشاعر المتشابكة من حاجة للراحة وشوق للعودة ويحاول فكّ طلاسمها يصل الى نتيجة واحدة هي إن النفس نسجت حولها من حياة الطفولة والصبا حنينا جامحا وحبلا متينا من الشوق لتلك الأرض يصعب الانفلات منه، فمهما وجد الانسان من متعة والتذ من راحة، تراه يعد الأيام الباقية ويرنو إلى يوم العودة إلى أهله وأصدقائه وعمله لأنهم مكونات سعادته.
بعد حين يعود المرء متزودا بالنشاط والأمل وهو من فوائد السفر، ومن الفوائد الأخرى انها تعرف الانسان بنفسه وقيمته داخل وخارج وطنه. فداخل وطنه يكون رصيد الانسان قويا بالاهل والاصدقاء وان لم يكن يملك الا النزر القليل من المال. أما خارج الوطن فقيمته لا تساوي أكثر مما يحمله معه من علم ومال لتصريف شئون حياته، فإذا انعدم المال انعدمت معه كل لذة وسعادة.
ومن الفوائد الأخرى للسفر انه يتيح للإنسان فرصة المقارنة بين انماط الحياة والخدمات التي تقدمها الحكومات الاخرى لشعوبها مع ما يحصل عليه في بلده ليصل الى نتيجة واحدة ليقولها بقوة ملء الفم كم نحن في نعمة!
ومن باب الغيرة فقط، هناك أشياء يراها المرء ويتمناها لبلده مثل توافر مواقف السيارات في الأماكن التجارية والخدمات العامة التي نفتقر إليها في المملكة ولا نجدها الا بشق الأنفس مع كلفة أجرتها العالية ومحدودية الزمن في الأماكن التي تتطلب وقتا طويلا لإنجاز المهمة.
والمثل الآخر وفرة محطات النفط على الشوارع العامة وسهولة الوصول اليها وهو على عكس ما لدينا في المملكة إذ باتت اماكن وجودها لغزا يجب على السائق وخصوصا المغترب حله ليتزود بالنفط.
في الحقيقة هناك اشياء اخرى يتمناها المواطن لمملكتنا العزيزة، وهي:
1- وضع حد لمعاناة طلبة الجامعة في التنقل بين جامعتي الصخير ومدينة عيسى لملاحقة المواد الدراسية المقررة للفصل الدراسي إذ إن كثيرا من الطلبة لا يمتلكون وسيلة نقل وإن امتلكوا لا تتوافر لهم مواقف قريبة او مظللة تقيهم حر الطريق وحر داخل السيارة. كما ان النقل العام لا يمكنه التحرك كل نصف ساعة للحاق بالدروس بين الجامعتين.
2- الاختناقات المرورية والحاجة إلى الجسور العلوية أو فتح المزيد من المنافذ بين الشوارع الرئيسية والشوارع الداخلية لتخفيف الضغط على نقاط التقاطع الرئيسية كما هو حاصل عند دوار السوق المركزي للقادم من مجمع السيف أو عند تقاطع الملك فيصل مع شارع المعارض أو دوار السلمانية ومدينة عيسى.
3- وضع مزيد من الإرشادت المرورية للمغتربين وخصوصا عند التقاطعات الخارجية والشوارع الدائرية حول العاصمة لتسهيل إرشادهم إلى المنتجعات السياحية والمتاحف وأماكن التسوق.
إن مملكتنا جميلة ولا ينقصها سوى رصد وتذليل ما يشوه متعة العيش فيها من قبل الوزارات المعنية
إقرأ أيضا لـ "علي محمد جبر المسلم"العدد 346 - الأحد 17 أغسطس 2003م الموافق 18 جمادى الآخرة 1424هـ