طالبت مذكرة غرفة تجارة وصناعة البحرين التي ردت بها الغرفة على بيان الحكومة بضرورة انشاء مجلس للتخطيط تناط به مسئولية وضع الاستراتيجية الاستثمارية وبرامج مستقبلية متكاملة في المجالات الاقتصادية والاجتماعية المختلفة وجميع الأمور الخاصة بالقوى العاملة وتحديد الأولويات والأهداف ومنع التضارب والازدواجية في عملية التنفيذ.
والحقيقة أن دعوة الغرفة هذه ليست جديدة، فقد سبق لجهات كثيرة أن وجهت الدعوة ذاتها على اعتبار أن مجلس التخطيط هو من أهم المؤسسات المحورية للدولة، وأن وجوده سيقدم حلولا علمية للمشكلات التي تواجهها البحرين وخصوصا المشكلات الاقتصادية والاجتماعية، وانه سينقل طبيعة التصدي لهذه المشكلات من مستوى الأفراد والتوجيهات الخاصة، إلى مستوى الحسابات والمعلومات والكفاءات.
فمجلس التخطيط هو المؤسسة التي تتولى النظر إلى كل الاحتياجات والمشكلات الاقتصادية والاجتماعية بصورة شاملة ومتكاملة، إذ يقوم بجمع المعلومات ومتابعة التطورات، ومن ثم وضع الدراسات والتحليلات واقتراح الحلول التي تعتمد الأساس العلمي والمعلوماتي والقانوني.
وبعبارة أخرى، فمجلس التخطيط هو الجهة التي تدفع باتجاه استكمال مقومات دولة المؤسسات والقانون، إذ يشعر المرء انه يتعامل مع مؤسسات تبني حاضره ومستقبله، ومع قوانين تسيّر شئون حياته وأعماله، وتحمي مؤسساته وحقوقه من الانتهاك والضياع.
ويبدو أن هناك في الدولة من لا يوافق على انشاء مجلس للتخطيط، ولا أي مجلس آخر يتولى وضع الخطط والاستراتيجيات القصيرة المدى والبعيدة المدى، والتي تلتزم بها مؤسسات السلطة التنفيذية، وتحاسَب على تنفيذها وإنجازاتها من قبل السلطات التشريعية والرقابية، وان عدم التوافق، أو الموافقة هذه هي التي ألغت لجنة الخيارات الاستراتيجية نهاية الثمانينات من القرن الماضي، تلك اللجنة التي تولت مسئولية التخطيط والمتابعة والمحاسبة، وتكونت - كما أرادت الغرفة في مذكرتها - من مندوبين من الوزارات والجهات المعنية والقطاع الخاص، وهي التي عطلت أو أجهضت فيما بعد وحتى الآن قيام أي مجلس تخطيط آخر على رغم تكرار الدعوات والمطالب بقيام مثل هذا المجلس.
إن التخطيط هو نقيض العشوائية، فبالتخطيط تستطيع ان ترى المستقبل، وتستطيع أن تعرف نسبة النمو الاقتصادي والسكاني، وما يترتب عليهما من التزامات، وتستطيع ان تعرف أسباب النجاح والاخفاق، وما هي ايراداتك وأين صرفت، ومن استفاد منها، وهذا على ما يبدو ما تريده الغرفة
العدد 346 - الأحد 17 أغسطس 2003م الموافق 18 جمادى الآخرة 1424هـ