انقطاع الكهرباء عن مدن أميركية نهاية الأسبوع الماضي مرغ أنف تمثال الحرية في الأرض. والتاريخ الأميركي الذي يعلي من قيمة الإنجازات الحضارية ضُرِبَ في مقتل... لقد جعل الأميركيون الآلة الحضارية في الصدارة دون كل الاعتبارات الثقافية الأخرى. ولكن حوادث الأسبوع الماضي تركت الأميركيين في مهبّ الأسئلة عن الحياة جيدة التنظيم والتفوق الحضاري والقوى العظمى والهيمنة على إدارة التكنولوجيا، إلى آخر قاموس الشعور بالعظمة بلا حدود. ولكن يبدو أن ردة عظمى في الطريق لتكشف ثغرات أساسية في مركزية النظام الذي تدار به المدينة الحضارية الأميركية في تعاطيها العالي مع التكنولوجيا. وفي قدرتها على إدارة أزمات مثل انقطاع الكهرباء عن أضخم مدن العالم وأكثرها حركة وحيوية وما يمكن أن يترتب على ذلك من آثار اقتصادية واجتماعية وسياسية بل وثقافية. بمعنى النظر مرات أخرى وبعمق في الأنماط العامة للحياة الثقافية الأميركية عبر التاريخ بحيث يمكن رؤية أفق جديد لهذه الحياة في سياق التطورات والحوادث الكبرى التي اهتزت لها الحياة الأميركية من جذرها إلى أعلى تكوينها ومازالت تعاني آثارها المباشرة والجانبية والمستمرة والأكثر خطرا على مستقبلها... وآخرها حوادث 11 سبتمبر/ أيلول التي اعتبرت أكبر خيبة للأمن القومي الأميركي.
ثمة فجوة كبيرة حدثت بين النظام والحاجات العامة إضافة إلى الصدع النفسي الكبير الذي حدث في الحياة الاجتماعية لدولة الرفاهية الزائفة. ومازال التاريخ يتكلم... أيها الناس
العدد 345 - السبت 16 أغسطس 2003م الموافق 17 جمادى الآخرة 1424هـ