ضرب انقطاع كهربائي واسع النطاق الولايات المتحدة وامتد إلى كندا بعد ظهر الخميس الماضي بتوقيت أميركا، ما أثار مخاوف في اللحظات الأولى من «عمل إرهابي»، سرعان ما نفته السلطات الاتحادية، معلنة ان انقطاع التيار الذي طاول 8 مدن رئيسية في شمال أميركا، عائد إلى عطل فني. وفي حين لم تتضح بعد «الأسباب الفنية» التي أدت إلى هذا الانهيار الكهربائي، عمدت غالبية الصحف الأميركية بعد أن نزل مئات آلاف الأشخاص إلى الشوارع في حال من الهلع أعاد إلى الأذهان حوادث 11 سبتمبر/ أيلول، إلى إثارة الشكوك والأسئلة. فمن الطبيعي بحسب افتتاحية «واشنطن بوست»، التساؤل هل انقطاع الكهرباء ناجم عن «عمل إرهابي» لأن المشهد في نيويورك لم يكن بعيدا عما كان عليه في 11 سبتمبر. فالناس العالقون في مترو الأنفاق وفي المصاعد والظلام الذي لف المدينة... كل ذلك أعاد إلى أذهان الأميركيين ذكريات ذاك اليوم المشئوم، خصوصا ان التقارير المتضاربة عن أسباب العطل «تدفع إلى الشك والقلق» بحسب الصحيفة الأميركية، التي عنونت في صفحتها الأولى «الظلمة تسبب أعطالا واسعة» عارضة في خبر افتتاحي، الأعطال الناجمة عن انقطاع الكهرباء في نيويورك وكندا بالإضافة إلى استعراض الذعر الذي انتشر بين السكان في أكثر يوم حرارة في نيويورك على حد تعبير الصحيفة الأميركية. واعتبرت ان الظلام الذي تسبب به انقطاع الكهرباء هو الأول من نوعه في تاريخ نيويورك وكندا، وأشارت انه على رغم تأكيد الرئيس الأميركي جورج بوش والمسئولين الأميركيين ان العطل ليس ناتجا عن «عمل إرهابي» فإن الناس في نيويورك يربطون بشكل عفوي بين 11 سبتمبر و«العتمة» التي تلف مدينتهم. غير انها أكدت ان غالبية الناس في نيويورك يُصلون من أجل ألا يؤدي انقطاع الكهرباء إلى سقوط ضحايا. إلى ذلك أوردت «واشنطن بوست» ان عمدة نيويورك سارع إلى طمأنة المواطنين بأن كل شيء سيعود إلى ما كان عليه (الجمعة) وذلك خشية أن يبدأ الناس بالتساؤل أين كان المسئولون حين حصل العطل الكهربائي.
وإذ لم تحدّد الصحيفة الأميركية، نوع الشكوك ومصدر القلق، لاحظت ان انقطاع الكهرباء لم يسبب ذعرا في المدن الأميركية، فالناس ظلوا على طبيعتهم وتعاملوا مع الحادث بروية، كما ان السلطات أيضا تصرفت بحكمة فقد أعلنت حال الطوارئ في الأماكن اللازمة مثل المطارات والسجون والمستشفيات وانتشر عمال الطوارئ في كل مكان وخصوصا في «منهاتن» إذ لم ينسَ السكان بعد ما حصل في 11 سبتمبر، معتبرة ان كل هذه الإجراءات إن دلت على شيء فعلى ان الأميركيين تعلموا درسا بعد 11 سبتمبر. ولفتت في الختام إلى ان السؤال عن سبب انقطاع الكهرباء والمسئول عنه يجب أن يطرح ليس فقط على المسئولين عن الخدمات العامة فحسب، بل على الإدارة الأميركية والكونغرس، فانقطاع الكهرباء هذا كان حتى الآن أمرا محتملا إلا ان أي انقطاع جديد للكهرباء سيكون أسوأ على مستوى السلطة والشعب أيضا.
وكتب جيمس بارون في «نيويورك تايمز»، مقالا تحت عنوان «انقطاع كهرباء الظهيرة سبب أعطالا للملايين»، عرض فيه من جهته لانقطاع الكهرباء في الولايات المتحدة، من حيث الأسباب والأضرار والإجراءات التي اتخذت لتدارك الأمر من جانب السلطات الأميركية. ولفت أيضا إلى ان معظم سكان نيويورك عادت إلى أذهانهم حوادث 11 سبتمبر مع انقطاع الكهرباء حتى المسئولون في نيويورك تصرفوا في بداية الأمر على أساس ان العطل ناجم عن «عمل إرهابي»، إلا انهم ما لبثوا أن صرحوا بأن السبب وراء انقطاع الكهرباء لايزال قيد التحقق، مؤكدين ان كل المؤشرات تدل على ان «الإرهابيين» ليست لهم علاقة بذلك. وأورد بارون، ان اللحظات الأولى بعد الانقطاع سادها هدوء تام، إلا انه بعد مضي وقت قصير حصلت بلبلة في المدينة وسجلت حوادث سرقة ونهب وتم تدارك الأمر بسرعة من جانب رجال الأمن
العدد 345 - السبت 16 أغسطس 2003م الموافق 17 جمادى الآخرة 1424هـ