أفاد آخر احصاء رسمي لوزارة الداخلية أن عدد الذين لقوا حتفهم من البحرينيين جراء تعاطيهم المخدرات بلغ 234 شخصا منذ العام 1980 وحتى النصف الأول من العام الجاري.
وقال مسئول في الوزارة إن أجهزة المراقبة في كل المنافذ تعمل بشكل متصل لمنع تدفق المخدرات إلى المملكة، واأن التفتيش لا يستثني أحدا.
عالي - عدنان الموسوي
قال إمام مسجد الامام علي بقرية عالي الشيخ محمود حسن العالي ان من أهم عوامل الادمان على المخدرات في البحرين وجود البيئة المساعدة على اللجوء لتعاطي هذه المواد المحرمة شرعيا ووضعيا واجتماعيا وان العوامل الحاسمة للجوء بعض الشباب للمخدرات الاخفاق الاجتماعي وصدمة الامال التي غالبا ما ينجم عنها الاحباط... فحينما لا يجد المواطن العمل الشاب الكريم وفرص تحسين الظروف الاجتماعية لتحقيق طموحه في الحياة فسيندفع طائعا أو مجبرا إلى تعاطي آفة المخدرات.
جاء ذلك خلال الندوة التي أقامتها محافظة المنطقة الوسطى بالتعاون مع وزارتي الداخلية والصحة عن تداعيات الادمان على المخدرات والتي اقيمت بمدرسة عالي الاعدادية للبنات بمشاركة كل من اختصاصي الامراض النفسية وعلاج الادمان على المخدرات بمستشفى الطب النفسي عبدالنبي درباس ووكيل ملازم بقسم مكافحة المخدرات التابع لإدارة التحقيقات الجنائية بوزارة الداخلية كاظم احمد العويناتي.
واستهل الشيخ محمود حسن العالي حديثه بالقول: ان ظاهرة المخدرات التي تطورت في العقود الماضية أصبحت مشكلة أو أزمة ما استدعى ان تخصص لها الموازنات والمشروعات.
ولو تأملنا في العوامل المستترة والظاهرة لشيوع هذه الظاهرة فسنجد ان الاخفاق الاجتماعي وصدمة الآمال هما ابرز عاملين أديا إلى ظهور وتفشي هذه الظاهرة. فالدول الاوروبية باعتبارها تعيش اخفاقا اجتماعيا ونظاما اجتماعيا معروفا بتهرئه باعبتاره نظاما متآكلا من الداخل يفتقد المقومات السليمة لنظام اجتماعي تجد ازمة المخدرات من أخطر الظواهر التي يعاني منها المجتمع الأوروبي.
وفي بلدنا اذا ما اردنا ان نعالج هذه القضية أو نبحث عن اسبابها فمن المهم جدا ان نبحث عن عوامل وجود هذه الارضية، أرضية المخدرات فعندما يعيش المواطن البحريني الاخفاق الاجتماعي في حياته ويعيش الصدمة على المستوى الروحاني فعند ذلك يعني تهيؤ الارضية لبروز مثل هذه الظواهر الخطيرة مثل المخدرات والانحرافات والسلوكيات الاخرى التي تمثل تهديدا لكيان المجتمع، واذا ما اردنا ان نركز على الحلول فينبغي علينا ألا نركز في ثقافة الحل على مسألة سلبيات الادمان فالكثير من الناس ممن لديهم العقل يدركون السلبيات والمخاطر ولا نعتقد ان هناك مواطنا يمكن ان يقدم على تعاطي المخدرات وهو في حال سوية وصحية وانما طبيعة الحال الاجتماعية والوضع المتدهور الذي يعيشه الانسان هو السبب المباشر للأدمان على المخدرات وينبغي لنا ألا نسمح باستمرار وجود هذه الارضية وهذه الظاهرة الخطيرة.
وأضاف يقول: فمن الواضح ان الشاب/ المواطن الذي يكون في مقتبل العمر يعيش مجموعة من الآمال والطموحات وعندما لا يجد الوظيفة والمناخ الذي من خلاله يستطيع ان يحقق آماله وطموحاته فسيسعى هذا المواطن الى التنفيس عن كبته المزعوم لتعاطي المخدرات... ومن هنا تقع المسئولية الكبرى على الدولة في عدم السماح لوجود الارضية الاجتماعية، وذلك من خلال السعي الجاد إلى توفير فرص العمل وتحسين الظروف الاجتماعية من أجل تهيئة الظروف للشباب لتحقيق طموحاتهم...
وأما ان نعالج المشكلة بمعالجات سطحية وفوقية من دون ان نبحث عن الاسباب التي أوجدت هذه الارضية فإن هذا كما نراه علاجا غير ناجع وغير صحيح ومتى تحققت للشاب والمواطن سبل رفع الاحباط الاجتماعي فلن نجد انفسنا نتحدث عن هذه الظاهرة التي ان وجدت فستبقى على نطاق ضيق ومحدود.
وأشار الى ان مكافحة ظاهرة الاتجار والادمان على المخدرات لا يمكن ان تحسم فقط من خلال الوازع القانوني وربما يكون الوازع القانوني له دور كبير في الحد من الظواهر ولا أريد ان أقلل من دور لكن لا يمكن ان اوافق على انه الحل الامثل لهذه القضية فالقانون بالامكان الاحتيال عليه واختراقه والتلاعب به... ومن الضروري التركيز على الوازع الديني وتعميقه وترسيخ الحالة الدينية في نفوس الشباب والناس واذا ما سعينا الى ترسيخ الوازع الديني والمبادىء الاسلامية فقد كفينا الكثير من مخاطر الظواهر السلبية التي تمثل تهديدا لحياتنا الاجتماعية فالوازع الديني مع الاسف يخترق في كثير من الامور في حياتنا وكياننا الاجتماعي... واذا اردنا أن نعمل على مثل هذه القضايا فلابد من اعادة مظاهر الحياة الاسلامية على مستوى الشارع العام.
فاليوم مع الاسف في بلدنا نجد ان مظاهر الحياة الاسلامية تكاد تعدم ولا يمكن ان نلقي تبعات المسئولية على الاسرة ولكن من يمتلك الاعلام والساحة العامة والشارع تقع على عاتقه المسئولية الكبرى ولا يمكن ان نحقق وازعا دينيا من خلال خطبة لامام مسجد او من خلال النصائح الابوية فيما اذا كان هناك خرق لكثير من مظاهر الحياة انما يمكن زرع الوازع الديني من خلال تلاقي كل الجهود: من الجمعية والبيت والمسجد والمدرسة والدولة، واذا تلاحمت هذه المؤسسات في حفظ مظاهر الحياة الدينية فبعد ذلك يتحقق شرط شيوع الوازع الديني.
وزاد يقول: ان الاعلام لدينا يقوم بدعاية مجانية لترويج انماط الثقافة الغربية وتغييب الثقافة الدينية والضحية هم شبابنا ولعل ما يبثه الاعلام من افلام تتحدث عن انماط الثقافة الغربية بكل عللها وامراضها ما هو الا نموذجا للمشاهد واننا نحتاج الى اعلام مدروس لمعالجة الكثير من هذه القضايا والازمات أما اذا بقي الامر على ما هو عليه فلن تنفع الموعظة ولا النصيحة الابوية وسنبقى مثلنا مثل الذي زرع بذوره في ارض مالحة ثم تساءل عن عدم سبب اثمارها.
وقال اختصاصي الامراض النفسية وعلاج الادمان على المخدرات بمستشفى الطب النفسي في تعريفه العلمي للادمان: ان كل مخدر يؤثر على حال الانسان النفسية والمزاجية والسلوكية والتي يتناولها الانسان لغرض غير طبي فهو من المخدرات وبذلك فالخمور والمسكرات تدخل في نطاق الادمان في حين لا يشمل المسكرات والخمور التعريف القانوني... وبحسب تعريف الشريعة الاسلامية فإن الخمور قد حرمها القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة كما حرم كل مسكر ومن هذا المنطلق فالمخدرات في نظر الشريعة هو كل ما ادى الى السكر والتخبيث وكل خبيث محرم ومن أهم الاسباب التي تؤدي الى الادمان العوامل الوراثية، اذ وجد ان نصف المدمنين يفتقرون الى وجود الأب بعيدا عنهم لمدة طويلة أو يكون عدوانيا وكذلك المستقبلات العصبية والعلاقات ببعض اقران السوء او الادمان على المخدرات لعلاج مرض نفسي وحب التقليد وكذلك ضعف الوازع الديني واستخدام المخدرات للهروب من المشكلات الاجتماعية وتوافر المخدر بسهولة.
أعلن وكيل ملازم كاظم أحمد العويناتي المتخصص في مكافحة ترويج وتعاطي المخدرات بقسم مكافحة المخدرات التابع لادارة التحقيقات الجنائية في وزارة الداخلية أن أحدث احصاء صدر عن وزارة الداخلية أشار الى أن عدد الذين لقوا حتفهم من البحرينيين جراء تعاطي المخدرات بلغ 234 شخصا منذ العام 1980 حتى النصف الأول من العام الجاري.
وكشف - خلال مناقشات الندوة أن اجهزة المراقبة والضبط للمخدرات موجودة في مطار البحرين الدولي على مستوى المسافرين وخدمات الشحن الجوي وكذلك على جسر الملك فهد وميناء سلمان إضافة إلى دور المراقبة الذي يؤديه خفر السواحل في وسط مياه البحرين الإقليمية بالاضافة إلى المراقبة الداخلية للمتعاطين والمروجين، كما تشمل المراقبة الطرود والرسائل البريدية وخصوصا تلك التي توضع عليها أسماء وهمية لافراد ومؤسسات ولا تستثنى المعابر البرية سواء بالنسبة إلى الأفراد وقاطرات الشحن، لكن غالبا ما يعمل المهربون المعروفون لوزارة الداخلية على تجنيد بعض الشباب من أجل التمويه على أجهزة المراقبة، وهو ما حدث حينما تم ضبط بعض الشباب الذين كانوا يحاولون ادخال كميات من المواد المخدرة الى البحرين إذ قام أحدهم بالتهام 300 قرص مخدر وبعضهم قام بإخفائه في ثنايا «زمات» العقال والثوب.
وأكد أن التنسيق بين دول مجلس التعاون قوي وفعال في مكافحة المخدرات وان تبادل المعلومات يتم على مدار الساعة الا انه نفى أن تكون عمليات التهريب للمخدرات قد بلغت حد التنظيم أو وقوف بعض عصابات المافيا وراء عمليات التهريب في بعض دول المحيط الاقليمي معتبرا ان ما يحصل من عمليات تهريب هي حالات فردية ومقدور عليها.
وشدد على أن وزارة الداخلية تطبق القانون بصرامة على الجميع من دون استثناء اثناء عمليات تفتيش العفش في المطار والميناء وجسر الملك فهد وان القانون لا يفرق بين اصحاب الحقائب الانيقة أو غيرها من الحقائب مؤكدا ان التفتيش يشمل جميع القادمين الى البحرين ومن مختلف المستويات الاجتماعية وانه قد تم في احيان كثيرة الضبط والقبض على الكبير والصغير والغني والفقير وقد تم تقديمهم من دون استثناء للمحاكم وتم تنفيذ العقوبة في حقهم.
وأوضح أن قانون عقوبة التعاطي والاتجار في المخدرات العمول به في البحرين تتوافر بين جنباته ادوات الردع العام والخاص ويشتمل على عقوبة الاعدام بناء على نص المادتين 23 و24 من القانون الا أن مسألة التطبيق تعود إلى المحاكم المختصة لكن ما يؤسف له أن التطبيقات لاتزال بحاجة الى إعادة نظر إذ ثبت انه حينما يتم ضبط بعض مواطني دول مجلس التعاون صباحا وهم متورطون في إدخال بعض المواد المخدرة الى البحرين يدفع الغرامة القانونية المحددة بـ 500 دينار في اليوم نفسه بعد ان يعرض على المحاكم ثم يعود في اليوم التالي الى البحرين وكذلك بالنسبة إلى بعض مواطني دول أوروبا بينما في دول مجلس التعاون حينما يضبط بحريني في جريمة مخدرات يجلد ويحكم لعدة سنوات، بل إن بعضا من احكام الاعدام صدرت في حق مواطنين بحرينيين.
إلى ذلك قال اختصاصي علاج امراض الادمان على المخدرات بالطب النفسي عبدالنبي درباس، ان عدد الحالات الجديدة والقديمة من مدمني المخدرات خلال السنوات الثلاث الماضية في تزايد مستمر، ومؤشراتها تتأرجح بين الارتفاع احيانا والهبوط أحيانا اخرى وان مستوى الهبوط والارتفاع في اعداد المدمنين تعود إلى بعض المتغيرات الاجتماعية وحالة الطوارئ وقد انعكست الثورة الايرانية سلبا على نشاطات تصدير المخدرات في المثلث الذهبي لتهريب المخدرات الا أن ما جرى من تحولات في افغانستان قبل سقوط نظام طالبان وبعده أغرى عصابات مافيا المخدرات هناك بابتكار أساليب جديدة لتهريب المخدرات
العدد 344 - الجمعة 15 أغسطس 2003م الموافق 16 جمادى الآخرة 1424هـ